في اللقاءَين الأخيرَين اللذين جمعا الحريري بالوزير جبران باسيل في «بيت الوسط»، خُصّص اللقاء الاول، وفق المعلومات، للحديث عن سياسة الحكومة المقبلة في الاقتصاد والوضع المالي وملف النازحين والملفات الحيوية كالكهرباء والأزمات الحياتية الضاغطة وأسلوب مقاربتها... فيما خصّص اللقاء الثاني للحديث مفصّلاً عن الحقائب وخريطة توزيعها.
وفق مطلعين، يحاول الحريري إرساء تفاهمات مسبقة مع كافة القوى السياسية، بالتزامن مع نقاش في الحقائب والحصص، لتجنيب حكومته ألغام التعطيل أو تحوّلها ساحة للاشتباك المباشر، خصوصاً وزراء «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»!
يردّد الحريري أمام زواره دوماً عبارة «أريد حكومة منتجة»، ساعياً لأن يخوض «مغامرته» الحكومية الثالثة بفريق عمل متجدّد لا يشبه التركيبات السابقة ويواكبه حتى نهاية العهد، ما يعني أنّ وزيراً واحداً فقط، من الفريق المستقبلي الحالي «الرباعي»، قد يبقى الى جانبه في الحكومة... وربما ولا أيّ وزير سنّي!
قد يكون الرئيس المكلّف الأكثر تكتّماً حيال أسماء الـ«تيم» الحريري المقبل، خصوصاً أنّ البازار حول الحقائب لا يزال مفتوحاً. المعلومات تشير الى أنّ الحريري سبق وطلب من مرشحين محتملين للتوزير محسوبين عليه متابعة ملفات بعض الوزارات لكي يكونوا في «أجواء» دهاليزها في حال رسا الخيار عليهم في اللحظة الأخيرة، من دون أن يعطي وعداً مسبقاً لأحد بأنه سيحمل لقب المعالي قريباً، أو يحافظ عليه.
تبيّن أنّ وزارات راهن عليها الحريري، كحقيبة «العمل»، ستبقى ضمن حصته، دخلت لاحقاً ضمن إطار سلّة «التضحيات» و«الهبات» في محاولة لحلّ أزمة الحقائب بين «التيار» و«القوات» عبر إسنادها الى الأخيرة.
هوية الفريق الوزاري وتوزّعه «المناطقي» لا يمكن فصلهما عن الحصة «النهائية» للحريري في الحكومة. منذ إنطلاق مفاوضات التأليف وحتى اللحظة الراهنة، لا يزال الحريري متمسّكاً بما يعتبره حقاً من حقوقه: يدخل الحكومة بأربعة وزراء من أصل ستة (إضافة الى موقع رئاسة الحكومة والوزير المسيحي)، فيما سلّم منذ البداية بتجيير المقعد السني السادس لرئيس الجمهورية، بعد مفاتحة الأخير للحريري مباشرة بالموضوع.
يرى الرئيس المكلّف اليوم، وتحت ضغط فريق الثامن من آذار وعلى رأسه «حزب الله»، أنّ دخوله الى الحكومة مع ثلاثة وزراء سنّة فقط «هو كارثة»، مردّداً مقولة «ما بحملها بالشخصي، وأمام جمهور تيار «المستقبل».
أقصى ما يمكن أن يصل اليه الحريري من مرونة في التفاوض القبول بالنائب فيصل كرامي وزيراً من ضمن حصة رئيس الجمهورية، ذاهباً حتى الى عدم خلق أزمة إضافية في حال رسوّ الخيار على النائب عبد الرحيم مراد، أو أيّ إسم آخر. المهم أن يكون وزير «الممانعة» من حصة ميشال عون وليس من حصة تيار «المستقبل».
حتى الآن، يبدو الحريري مسلّماً بصعوبة دخول الحكومة المقبلة بأقل من أربعة وزراء سنة كانت حصته في حكومة تصريف الأعمال: وهمّ نهاد المشنوق ومحمد كبارة وجمال الجراح ومعين المرعبي، إضافة الى الوزير المسيحي غطاس خوري المرجّح تعيينه وزيراً في الحكومة المقبلة.
ويشير مطلعون الى أنّ التوزيع المناطقي لم يحسم بعد لدى الحريري وهو يطغى بأهميته على مسألة الأسماء، مع العلم أنّ الرئيس المكلّف يتّجه، وفق قريبين منه، الى تمثيل الشمال بوزيرين من المنية-الضنية وطرابلس، ووزير بقاعي، وآخر من العاصمة بيروت.
ويولي الحريري، وفق المطلعين، أهمية قصوى لمسألة تمثيل بيروت التي ستبقى وزارة الداخلية من «نصيبها». وقد تمّ التداول في الأيام الماضية بإسمَي المدّعي العام التمييزي سعيد ميرزا والأمين العام لمجلس الوزراء الحالي فؤاد فليفل، وكلاهما من بيروت... لكنّ الحريري نفسه، وفق قريبين منه، يتكتّم كلياً على هوية أفراد طاقمه الوزاري، مع إعتراف صريح من جانب هؤلاء بأنّ بديل وزير الداخلية نهاد المشنوق سيحمل أثقالاً أكبر منه نظراً الى الدور السياسي والأمني والخدماتي الذي أدّاه الأخير.
وبالتأكيد، قد يكون المشنوق الوزير الذي لم يسبقه أحد على «سابقة» الاعتراف علناً أمام جمهور تيار «المستقبل» وجماهير بقية الأحزاب بأنه «لم يقصّر في تلبية طلبات كل أهالي بيروت القانونية منها وغير القانونية»!