الثابتة الوحيدة في معمعة تأليف الحكومة على أبواب نهاية الشهر الخامس من التكليف، وعلى مرمى أيام قليلة من مرور عامين كاملين على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، هو ان الأطراف كافة تريد تأليف حكومة جديدة، وفي أسرع وقت:
1- الرئيس ميشال عون يرى ان الظروف تفرض الإسراع في التشكيل وتقديم المصلحة العليا على ما عداها.
2- الرئيس المكلف سعد الحريري يُؤكّد ان تشكيل الحكومة ليس بالأمر المستحيل، وان العقد في طريقها إلى الحل.
3- الرئيس نبيه برّي ينتظر ان يصبح «الفول بالمكيول» ويحث الرئيس المكلف على تمثيل سني من حصته محسوب على 8 آذار..
ورداً على منّ يسأله عن التأليف وموعده، يفيد زوّار عين التينة، ان الرئيس برّي لم يتلق أية إشارات إيجابية ليبني عليها، وتعويم تفاؤله بقرب ولادة الحكومة، وينسب إلى الرئيس برّي تأكيده ان «لا شيء» حتى الآن..
وحول لقاء تردّد انه سيعقد بينه وبين الرئيس المكلف يقول الزوار نقلاً عن الرئيس بري: أي لقاء من هذا النوع يفترض ان ينقل اليّ شيئاً معيناً وايجابيات جديدة.
4- حزب الله على لسان رئيس المجلس التنفيذي السيّد هاشم صفي الدين، يُؤكّد ان الحكومة ستتشكل عاجلاً أم اجلاً، ولا يمكن ان نترك هذا البلد ينهار، وليس مسموحاً لأحد ان يتلاعب بمصير الوطن لا بسياسة ولا بحكومة ولا بوزارة..
5- وقال وزير الخارجية جبران باسيل من سلطنة عُمان: سيكون لنا قريباً جداً حكومة وحدة وطنية مهمتها معالجة الأزمات الاقتصادية شرط ان تعمل من دون انقاسم، في ما يخص حاجات النّاس والأجدر بمن يتولى المسؤولية.
ولكن لِمَ التصعيد؟
مصادر مطلعة في فريق 8 آذار عزت تصعيد فريق بعبدا، ومعه فريق 8 آذار إلى الاعتبارات التالية:
1- وضع «القوات اللبنانية» في سياق حجمها الطبيعي.
2- توجيه رسالة ردّ إلى الرئيس المكلف مفادها أن مسايرة القوات على نحو ما يحصل غير جائز، فحصتها لا تتعدّى الحقائب الثلاث..
3- إبلاغ الرئيس المكلف ان لا حكومة من دون تمثيل المعارضة السنية..
واخذت المصادر على الرئيس المكلف انه لم يولِ قضية تمثيل سنة 8 آذار، حلفاء حزب الله الاهتمام اللازم، فهو لم يستقبل أيّاً منهم، ولم يُجرِ أي محاولة لمعالجة موضوع تمثيلهم.
واستدركت المصادر قائلة انه بعد تشكيل النواب السنة أنفسهم في كتلة أو لقاء بات لزاماً على الرئيس المكلف، ان يأخذ الوضع الجديد، في نظر الاعتبار، وإيجاد حل لمسألة تمثيل الكتلة النيابية السنية الجديدة.
ولاحظت مصادر نيابية ان وراء هذا التصعيد عقداً جديدة.
وهنا طرحت المصادر الفرضية التالية : من قال مثلا ان «القوات» تستحق اربعة مقاعد؟ وماذا لو ذهبت قوى ٨ آذار الى المطالبة الجدية باعطاء «القوات» حجمها الحقيقي والمقدر بثلاثة مقاعد وزارية غير اساسية؟ والأكثر اهمية ربما في هذا الملف هو توافق «التيار الحر» ورئيس الجمهورية مع باقي مكونات ٨ آذار على هذه الفرضية، فلماذا اذا لا يقوم الحريري باعادة توزيع الحصص على اساس ٣ مقاعد وزارية للقوات وواحدة لسنة المعارضة وتتشكل الحكومة؟
الحريري على تفاؤله
وباستثناء زيارة وفد «القوات اللبنانية» برئاسة الوزير ملحم رياشي، وهي الزيارة الثالثة له في غضون أربعة أيام، لم يسجل «بيت الوسط» أمس، أي لقاء علني له علاقة بمفاوضات تأليف الحكومة، بسبب انهماك الرئيس الحريري بمتابعة ورعاية اجتماعات ترتبط بإطلاق المرحلة التحضيرية لمشروع توسعة مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، والذي يهدف إلى رفع القدرة الاستيعابية للمطار إلى 20 مليون مسافر سنوياً، ورعاية إنشاء محطة لمعالجة النفايات السائلة في بعلبك - الهرمل، بالتعاون مع مشروع مكافحة التلوث البيئي الناتج اساساً من مجرى نهر الليطاني، فضلاً عن استقبال المفوض الأوروبي لسياسة الجوار يوهانس هان، الذي رافقته إلى «بيت الوسط» رئيسة بعثة الاتحاد في لبنان السفيرة كريستينا لاسن، وفي حضور مستشاره لشؤون النازحين الدكتور نديم المنلا، حيث جرى عرض للأوضاع العامة والتطورات في لبنان والمنطقة، إلى جانب موضوع النازحين السوريين.
غير ان كل هذه الاجتماعات والمناسبات التي عقدت في السراي الحكومي، في انتظار عودة دورة الحياة السياسية الطبيعية إليها، لم تمنع الرئيس الحريري من متابعة اتصالات تأليف الحكومة، حيث أكّد على هامش مشاركته في هذه الاجتماعات، ان الاتصالات مستمرة لتشكيل الحكومة، وان الموضوع ليس مستحيلاً كما يحاول البعض تصويره، لافتاً إلى ان العقد في طريقها إلى الحل.
ونفى الحريري رداً على أسئلة الصحافيين وجود عقدة سنية، لافتاً إلى ان من يطالب بالتمثيل فهذا شأنه، وقال انه في نهاية المطاف، سيبحث موضوع التشكيلة الحكومية مع رئيس الجمهورية ونقطة على السطر.
وإذ أوضح انه لا يريد الكلام كثيراً عن هذا الموضوع، لفت إلى انه لو كان هناك حزب كبير يطالب بأن يتمثل في الحكومة، فهذا أمر مفهوم، ولكن ان يُصار إلى تجميع نواب لتشكيل كتلة، فهذا أمر آخر، وأضاف مستدركاً: على أي حال هناك حوار ونأمل خيراً.
وبالنسبة إلى موضوع وزارة العدل، اعتبر الحريري ان الموضوع ليس موضوع حقائب وغيره، لكن الأساس هو بتركيبة الحكومة، وكيف ستكون وتوزيع الحصص، أملاً ان تنجلى الأمور في الأيام القليلة المقبلة.
إلى ذلك، استغربت مصادر مقربة من الرئيس المكلف محاولة الايحاء بأن مشكلة الحكومة هي بين بعبدا و«بيت الوسط»، وأكدت ان الحريري يواصل العمل بالتعاون مع رئيس الجمهورية للوصول إلى حكومة وفاق وطني تضم جميع الأطراف الرئيسية، موضحة ان العمل يجري حالياً لحل العقدة الوحيدة المتبقية، وهي العقدة المستجدة بشأن تمثيل «القوات اللبنانية».
وتوقعت مصادر متابعة لملف التأليف ان تستمر حركة الاتصالات والمشاورات في الايام القليلة المقبلة بوتيرة مرتفعة من اجل حل جميع العقد بما فيها العقدة المتمثلة باعطاء حقيبة اساسية «للقوات» لا سيما ان الخطوط مفتوحة بين «بيت الوسط» من جهة والقصر الجمهوري  وبين «بيت الوسط» ومعراب من جهة اخرى لاعطاء القوات بديل عن وزارة العدل وبالتالي جوجلة الاقتراحات والافكار للوصول الى قواسم مشتركة، خصوصا ان الرئيس الحريري حريص كل الحرص على مشاركة القوات في الحكومة بشكل مناسب كما باقي المكونات.
«القوات» في «بيت الوسط»
وفيما كان الصحافيون ينتظرون في «بيت الوسط» وصول الوزير رياشي مساءً موفداً من رئيس حزب «القوات» سمير جعجع برفقة مدير مكتب الأخير ايلي براغيد، فوجئوا بالوفد القواتي خارجاً من لقاء الحريري، ولم يشأ الرياشي الإدلاء بأي تصريح، مردداً عبارة «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، لكنه اردف بأنه «مرتاح على الآخر للأجواء».
وذكرت مصادر «القوات» لـ«اللواء» بعد لقاء الحريري ورياشي. ان الاجواء ايجابية وهناك تقدم في المفاوضات المكثفة التي تجري مع اطراف سياسبة عديدة وليس مع الرئيس المكلف فقط ومنها مع الحزب التقدمي.
واوضحت ان هناك عرضين للقوات رفضت المصادر الافصاح عنهما.لكن من حيث المبدأ هناك نائب رئيس حكومة وثلاث حقائب. وهناك عرض اخر يجري البحث به بانتظار استكمال النقاش حوله.
اضافت المصادر: نحن مرتاحون لنتائج المفاوضات حتى الان وسنكون راضين عن النتائج لأن البحث يجري حول سلة كاملة.لكن بحاجة لوقت قصير اضافي لوضع الدكتور جعجع في نتائج المفاوضات الاخيرة. لكننا نعتقد ان تشكيل الحكومة اصبح قريبا.
واوحت المصادر من دون أن تذكر مباشرة ان الاتصالات بين «القوات» و«الحزب الاشتراكي» عبر الوزير رياشي والنائب وائل ابو فاعور في اللقاء الذي جرى بينهما امس الاول، قد تسفر عن تنازل التقدمي عن حقيبة التربية «للقوات»، والاستعاضة عنها بحقيبة اخرى قد تكون «العمل» او «الصناعة»، او ان تؤول «العمل» الى «القوات» بدل «العدل»، التي باتت نهائياً من حصة رئيس الجمهورية.
وكشفت المعلومات، ان العرضين المطروحين «للقوات» يلحظان 4 حقائب من ضمن منصب نائب رئيس الحكومة، وهي: الشؤون الاجتماعية، والعمل (أو التربية) والثقافة أو الإعلام اوالزراعة، فيما يرجح ان يعطى الحزب الاشتراكي الصناعة و الزراعة أو العمل إذا تخلى عن التربية.
وترددت معلومات حول المطالبة بوزارة العمل، ووزارة الاتصالات..
ولم تشأ المصادر الجزم بمآل المشاورات.
ودعت المصادر إلى انتظار اجتماع كتلة المستقبل، والموقف الذي سيصدر عنه..
تأرجح بين الإيجابية والسلبية
في المقابل، اوضحت مصادر مطلعة على اجواء بعبدا لـ«اللواء» ان ما تشهده الاتصالات الراهنه لإنقاذ الحكومة تتأرجح بين الايجابية والسلبية ولا يمكن لها ان تتظهر سريعا لأن البحث يدور في قبول الافرقاء بالمبادلة بين الكتل في الحقائب الوزارية.
ولفتت الى ان ما يتردد عن توافق الجميع على الاسراع في تأليف الحكومه سريعا يستدعي ترجمة.
ولفتت الى ان الرئيس الحريري الذي يجوجل الامور في ما خص حصة القوات في الحكومة واي موقف نهائي قد يتشاور بشأنه مع رئيس الجمهوريه الذي يتابع جميع الاتصالات على ان حقيبة العدل خارج سياق البحث وقد ثبت انها من حصته.
وقالت انه حين يصبح لدى الحريري تشكيلة نهائية سيتداول بها مع الرئيس عون.
ولفتت المصادر نفسها الى ان موضوع التمثيل السني المستقل يجري تبادل افكار بشأنه مع الرئيس عون ومع بعض الشخصيات ولكن ما من شيء نهائي بعد وهذا ينطبق على ان يكون الوزير من هذا التمثيل ضمن حصة عون خصوصاوان من البديهيات ان لا يكون من حصة الثنائي الشيعي او الدروز او «المستقبل» او غير طرف.
واشارت المصادر الى ان الرئيس عون سهل الى ابعد حدود وان هناك من يسأل عن رفض «القوات» لاي وزارة دولة في ان كل الافرقاء لم يمانعوا بها، وقالت ان الارمن الذين سينالون وزيرين اطمئنوا الى وضعهم، ورأت ان تشكيل الحكومة يشهد مساعي وفي كل لحظة تحصل تغييرات وان ما تطالب به «القوات» لجهة 4 حقائب احداها مع نيابة رئاسة الحكومة ينتظر الجواب النهائي، في إشارة إلى انه قد يكون سلبياً، بما يعني عودة الأمور مجدداً إلى المربع الأوّل.
وقالت مصادر متابعة، انها لا تتوقع جلاء الصورة من الحال الضبابية التي تحوط بها حالياً، قبل عودة رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، من جولته العربية التي بدأت بمصر حيث سلم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعوة من الرئيس عون لحضور القمة الاقتصادية المزمع انعقادها في بيروت، مطلع العام المقبل، ومنها سيتوجه إلى سلطنة عُمان وقطر في زيارتين مماثلتين، ولا يتوقع ان يعود قبل يوم غد الأربعاء، حيث يفترض ان تتزخم الاتصالات الحكومية، باعتباره مفوضاً من الرئيس عون في هذا الشأن.
من ناحيتها كشفت مصادر تيار «المردة» انها لم تتبلغ بعد بشكل رسمي إعطاءها حقيبة وزارة الاشغال التي تطالب بها، وتشير الى ان الاجواء ايجابية على هذا الاطار ولكن هي بإنتظار ان تتظهر صورة التشكيلة الحكومية بشكل واضح لكي يتم تسمية الشخص الذي سيتولى هذه الحقيبة خلال اجتماع يعقده التيار مع العلم ان اسم الوزير يوسف فينيانوس يبقى الاسم الاوفر حظا لتولي هذه الحقيبة.
تمثيل السنة المستقلين
اما بخصوص تمثيل النواب السنة المستقلين من خارج تيّار «المستقبل»، فقد كان لافتاً للانتباه خروج «حزب الله» عن صمته حيال هذه المسألة، حيث ذهبت مصادره إلى حدّ التلويح بأن لا حكومة بلا سنة المعارضة، ونقطة على السطر، بحسب ما قالت مصادر بارزة في قوى 8 آذار لـ«اللواء»، والتي كشفت بأن الرئيس عون لن يوقع على أية تشكيلة حكومية لا تلحظ تمثيل السنة المعارضين ولو بحقيبة دولة.
وفي حين ردّ النواب السنة الستة، والذين يجمعهم «اللقاء التشاوري» على كلام الحريري، معتبرين انه اهانة لهم وللطائفة ولمن يمثلون، متمنين عليه «مواجهة الحقيقة بصلابة وحكمة رجل دولة مسؤول». قالت مصادر في حزب الله» لـ«اللواء» انها لا تريد التعليق على كلام الحريري، وانها تترك الرد عليه للنواب المعنيين، لأننا كحزب لا نرغب بالتفاوض الإعلامي، والأمر متروك للتفاوض داخل الغرف.
وأكدت المصادر أن الحزب ملتزم بأن يتمثل هؤلاء النواب السنة على أساس وحدة المعايير وقيام حكومة الوحدة الوطنية، وأشارت إلى أن هذه العقدة السنية كانت موجودة ولكن العقدة المسيحية والعقدة الدرزية طغت عليها، فتمثيل هؤلاء النواب في الحكومة طرح مع رئيس الجمهورية ومع الرئيس المكلف منذ بدء الاستشارات النيابية الملزمة والمشاورات، نافية ان يكون موقف الحزب من القضية هو من باب رفع العتب، خصوصاً وأنه من المعروف ان الحزب لا يعمل بهذه الطريقة في السياسة.
وسألت مصادر حزب الله:» كيف لفريق لديه 15 نائبا أن يتمثل بـ 4 ووزراء ولا يحق لفريق لديه 6 نواب ألا يتمثل؟»