اشار ئيس حزب القوات سمير جعجع الى اننا نتفق على الأساسيات مع تيار "المستقبل" وهي النظرة إلى لبنان الوطن والدولة وسياساته الخارجيّة والإقتصاديّة والليبراليّة وهذه المسائل يجب ألا نستهين بها، تبقى بعض الأمور التي نختلف عليها وقانون الإنتخاب كان النقطة الخلافيّة الأساسيّة إلى جانب كيفيّة إدارة الدولة في الداخل ولهذا السبب كانت تشهد العلاقة تقلبات عدّة إلا أن إحساسي اليوم أن الكثير من هذه النقاط الخلافيّة انتهت وسنكمل بمواجهة الصعوبات الحاليّة من أجل إكمال الطريق سويّة.
اضاف جعجع في حديث الى "BBC"، "علاقتي مباشرة مع الحريري وهو حرّ كما أنا حرّ أن يكون حوله الفريق الذي هو يريده، وأعتقد أن القيادي هو الذي يدير الفريق المحيط به وبالتالي يكفي التفاهم مع هذا القيادي من أجل أن تستتب العلاقة وتحسن علاقتنا لا علاقة لها أبداً بالتغييرات التي أجراها الحريري، وجل ما اعرفه أنه جراء الممارسة التي كانت حاصلة خلال العامين المنصرمين توصّل إلى قناعته الحاليّة باعتبار أن الحريري كان في هذه الفترة يجرّب مساراً آخر وسياسات أخرى، وما توصل إليه الحريري بعد التجربة على المستويات كافة الداخليّة والعربيّة والدوليّة ليس ما كان يرمي إليه وبالتالي أعاد درس موقفه وتقييم المسألة خصوصاً على أثر نتائج الإنتخابات النيابيّة الأخيرة وقرّر الذهاب بالإتجاه الذي يسير به الآن".
واكد جعجع ان ترشحه لرئاسة الجمهورية ليس مرتبطا بأي علاقة خارجية وإنما عندما يكون لدينا حزبان مسيحيان هما الأكثر تمثيلاً باعتراف الجميع وبالدليل القاطع بعد الإنتخابات النيابيّة الأخيرة فمن الطبيعي أن أترشح إلى الإنتخابات الرئاسيّة وأنا أمثل أحد الحزبين.
وعن العلاقة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لفت جعجع إلى أن "بري هو صديقنا الأساسي وليس حليفنا الأساسي للأسف في ظل وجود الفروقات السياسيّة بيننا التي لا تمنع علاقتنا السياسيّة المباشرة معه خارج مجلسي الوزراء والنواب حيث نتداول معه في القضايا كافة كالإقتصاد وتأليف الحكومة ومشاريع القوانين داخل مجلس الوزراء واقتراحات القوانين في مجلس النواب ما عدا تلك التي نعرف مسبقاً ان موقفه محسوم منها كقضيّة سلاح حزب الله".
أما بالنسبة للفترة التي شعر بها بأنه لن يتم تطبيق "تفاهم معراب"، أشار جعجع إلى أنه "عند تأليف أول حكومة من بعد الإنتخابات الرئاسيّة حيث كان من المفترض ان نحصل في أول حكومة تألفت بعد هذا الإتفاق على 6 وزراء إلا أننا حصلنا على 4 وتم خرق هذا الإتفاق منذ ذاك الحين إلا أنه في السياسة يجب التغاضي عن بعض الأمور في بعض الأحيان".
وتابع جعجع: "عندما وصلنا إلى التعيينات الإدارية أيقنّا ان هذا الإتفاق لن يتم تطبيقه خصوصاً عند إقرار تعيينات الفئة الأولى فوصلنا إلى النتيجة أنهم قاموا بـ"مسايرتنا" قليلاً في الحكومة الأولى حين لم يكن حجمنا النيابي يسمح لنا بالحصول على 4 وزراء وانتهى الموضوع من بعدها حيث اقتصرت الأمور على بعض "المسايرات" الصغيرة ".
وعن العلاقة مع حزب الله، أوضح جعجع أن "لا اتصال أو علاقة مباشرة مع حزب الله خارج اللقاءات التي تحصل بين النواب والوزراء على هامش جلسات مجلسي الوزراء والنواب واجتماعات اللجان النيابية، وكان يحصل إلتقاء موضوعي بيننا في المواضيع الداخليّة التقنيّة".
واشار الى ان العلاقة مع السعوديّة بدأت منذ أيام الرئيس بشير الجميّل الذي زار المملكة قبيل انتخابه رئيساً للجمهوريّة والتقى وقتها إن كانت معلوماتي دقيقة الأمير بندر بن سلطان ولا أعرف إن التقى أي شخصيّة، أحدهم أخبرني أن سبب المحبة التي يكنها المسؤولون في المملكة لقيادات القوّات مردّها إلى أنه عندما زار الرئيس بشير الجميّل المملكة أول ما قاله عند وصوله إلى مقرّ إقامته عندما كان يهم الموجودون هناك للبدء بالإهتمام به "الشباب الذين قدموا معي لم يأكلوا منذ 24 ساعة إذ كنا ننتقل من مكان إلى آخر لذا أرجو اللإهتمام بهم أولاً". واوضح ان العلاقة بدأت منذ ذاك الحين وفي فترة تولي قيادة القوّات قبل دخولي المعتقل استمرت العلاقة ولكن على مستوى متدن فنحن كان لنا علاقات مع معظم الدول العربيّة وخصوصاً العراق ومصر والجزائر، إلا أنه بعد 14 آذار تم استئناف العلاقة بلقاءات لموفدين من القوّات مع مسؤولين في المملكة إلا أنه في العام 2006 قبل حرب تموز تلقيت اتصالاً من أحد الأمراء في المملكة ليقول لي إنه تابع مرّات عدّة المقابلات التلفزيونيّة التي كنت أجريها في حينه وآخرها كانت عبر تلفزيون "المستقبل" وهو معجب بالمواقف والطريقة التي أقوم بها في مقاربة المسائل بشكل مفهوم وواضح، وخلال الإتصال اتفقنا على إرسال موفد من القوّات للقائه في المملكة وبالفعل قمت بذلك، وقد استمرت العلاقة مع السعودية على هذا النحو خلال العامين المقبلين حيث كان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ينقل لي تحيات الأمراء في السعوديّة بعد كل زيارة له للمملكة إلى حين ذهابنا إلى الدوحة.في العام 2008 حيث تلقيت اتصالاً من الديوان الملكي لدعوتي لزيارة السعوديّة بعد انتهاء المؤتمر في الدوحة وبالفعل زرت المملكة بعد انتهاء المؤتمر حيث كان أول لقاء لي مع الأمير بندر بن سلطان.
اضاف جعجع فيما اللقاء الثاني ضمني والأمير بندر بن سلطان إلى الأمير مقرن بن عبد العزيز لأتفاجأ من بعده أن الملك عبدالله يريد اللقاء بي وبالفعل تم هذا اللقاء ومنذ ذاك الحين بدأت العلاقة على هذا المستوى وما زالت مستمرّة على ما كانت عليه، وخلال زيارتي التي سبقت إستقالة الحريري بشهور عدّة لم يحصل أي أمر لم يكن يحصل عادةً في أي زيارة أقوم بها إلى المملكة حيث استعرضت مع المسؤولين هناك الأوضاع في لبنان، وقمنا بالربط بينهما من أجل رؤية المشهد السياسي بشكل صحيح في خضم كل الأحداث التي تتوالى وهذا ما حصل لا أكثر أو أقل والحريري وحده يجيب عمّا حصل معه، وكان هناك في مكان ما عتب على السياسة التي كان يعتمدها الحريري في تلك المرحلة ولكن الحديث كان سياسياً عادياً كأن من الممكن كـ14 آذار أن نصمد هنا بشكل أكبر أو أن نصل هنا إلى خواتيم أفضل لا أكثر ولا أقل.
ولفت الى ان العديد من الناس نسوا أن العلاقة مع الحريري تأتي من بعيد وأنا أحمد الله عليها باعتبار أن القوّات اللبنانيّة التي تتمتع بلون وطعم ورائحة والتي لحق بها كم من الإتهامات في أيام الحرب. اضاف يكفي في هذا الإطار تلك التي اتهمت بها زوراً من أجل إدخالي المعتقل في زمن سلطة الوصاية بعد أن حاولوا توزيري مرتين ورفضت. اضاف جعجع "من المستبعد العودة إلى السلاح إلا أنه إذا ما انفرط عقد الدولة كليّاً، فماذا يمكننا أن نفعل لنفترض أن داعش والنصرة شنا هجوماً على لبنان وانفرط عقد الدولة في مواجهتهما فعندها لا حول ولا قوّة، وهذا لا يلغي موقفنا الواضح من حزب الله في أنه لا يمكن للدولة أن تقوم في ظل وجود تنظيمات مسلّحة إلى جانبها، فقد نص اتفاق الطائف على بيع السلاح وقمنا بذلك بالإتفاق مع السلطة التي كانت قد بدأت بالتكوّن في وقتها في أن نخرج سلاحنا خارج لبنان والتصرف به كما نشاء ونحن أخرجناه بالبواخر بموافقة السلطة آن ذاك".
اضاف جعجع: "الإيرانيون على اطلاع بالتحقيقات كافة بشأن قضيّة اختفاء الدبلوماسيين الإيرانيين خصوصاً ذاك التحقيق الذي شاركت فيه الحكومة الألمانيّة في أواخر التسعينيات ويعرفون حقيقة الموضوع، ولم يعمدوا إلى زيارتي للإستماع إلى وجهة نظري في المسألة كما فعلوا مع الآخرين ولم يحصل أي تعاطي مباشر بيني وبين الدبلوماسيين الإيرانيين، وأنا لم أقبل بإرسال موفد إلى السفارة الإيرانية سوى في بعض الحالات الإجتماعيّة كعندما وقع تفجير استهدف السفارة".
ورأى جعجع انه هذه هي المرّة الأولى في تاريخ حزب القوّات اللبنانيّة السياسي التي يشعر فيها أن هناك هذا الكم من التأييد والقبول اللبناني العريض للحزب، ولولا هذا الأمر لكانت نجحت محاولة إبقاء القوّات خارج الحكومة إلا أن المطالبة الوطنيّة الكبرى بمشاركتها أفشلت كل هذه المحاولات وأبقت "القوّات" من ضمن التشكيلات والتركيبات التي يتم العمل عليها وبشكل مقبول ووازن أيضاً. واكد انه لا يمكن توصيف الصراع على أنه مسيحي – مسيحي باعتبار أن هناك طرف واحد يصارع من أجل تصغير حجمنا في الحكومة العتيدة قدر المستطاع فيما نحن لا نتصارع مع أي أحد. واعتبر ان السبب الرئيس وراء التفاهم مع التيار الوطني الحر كان ختم الجرح الذي كان ينزف لمدة تزيد عن 35 عاماً داخل المجموعة المسيحيّة في لبنان، وفي هذا الإطار أريد أن أذكّر الجميع أنه قبل التوقيع على تفاهم معراب كان هناك إعلان الرابية حيث أصدرنا إعلاناً مشتركاً من أجل طوي صفحة الماضي الأليمة وبالنسبة لي هذا هو الأساس والمهم والنقطة المحوريّة في كل علاقتنا مع التيار الوطني". واوضح انه "من بعد إعلان الرابية وطي صفحة الماضي بدأنا بالعمل سوياً وتوالت الأحداث إلى أن أتت أجواء معيّنة حتمت حصول الإنتخابات الرئاسيّة بالظرف الذي صارت فيه ويومها وُضعنا أمام خيارين إما الرئيس عون أو الوزير فرنجيّة، وبعد دراستنا للموقف تبين معنا أنه من أجل أن نكون منطقيين مع أنفسنا من جهة وتعزيز وتأكيد المصالحة التي كانت قد تمت مع التيار الوطني الحر من جهة أخرى، من الأفضل الذهاب باتجاه انتخاب العماد عون باعتبار أن الشخصين من فريق سياسي واحد ولكن الجنرال عون لديه صفة تمثيليّة أكبر".