يقف سليمان فرنجية على أرضية صلبة، إنطلاقا من زغرتا التي تثق به وبخياراته، مرورا بحلفائه الذين يدعمون توجهاته ولا يتخلون عنه، وصولا الى شفافيته ووضوحة وحرصه على تسمية الأشياء بأسمائها من دون أية مواربة، ما جعل إطلالته في برنامج صار الوقت مع الزميل مرسال غانم على شاشة MTV، بمثابة وضع النقاط على الحروف تجاه مواضيع شتى، أبرزها: الحكومة، والرئاسة، والخلاف مع التيار الوطني الحر، والمصالحة مع القوات، والعلاقة مع سوريا، والتناغم مع حزب الله.
بمنتهى الصراحة والبساطة تحدث رئيس تيار المردة، واضعا المبادئ والتحالفات في مصاف ″المقدسات″ التي لا يمكن المسّ بها، ولو كان ثمن ذلك عدم الوصول الى قصر بعبدا (ما بعمل رئيس جمهورية إذا كنت بدي إتخلى عن مبادئي) أو الخروج من الحكومة والانتقال الى معارضة جزم فرنجية بأنها ستكون بناءة ولا تستهدف العهد الذي نريده أن ينجح، ناصحا العهد بالتخلي عن السلبية لأنه بالطريقة التي يتعامل بها لن ينجح، ولن يتقدم لبنان، لافتا إنتباهه الى أن ما يعتبره إنجازات هي أبسط حقوق الشعب اللبناني، أما الانجازات فتكون في النهوض بلبنان والانتقال به من مكان الى آخر.
كان متوقعا أن يحظى الوزير جبران باسيل بحيز واسع من البرنامج، نظرا للعلاقة المتوترة بينه وبين المردة رئيسا ووزيرا وقيادات، لكن فرنجية حاول الاختصار، لم يتبع إسلوبا قاسيا تجاهه، بل سعى من خلال رد سياسي الى ″تحجيم″ دوره ومواقفه.
كثيرة هي الملاحظات التي يمكن أن تسجل حول إطلالة سليمان فرنجية، ومن أبرزها:
أولا: غمز فرنجية من قناة الرئيس ميشال عون عندما تمنى أن لا يصل هو الى رئاسة الجمهورية في عمر الثمانين.
ثانيا: قطع فرنجية الطريق على أية مفاوضات جديدة مع المردة حول وزارة الأشغال، بتأكيده أن الأمر بات يتعلق بالكرامة، وأننا لن نشارك في الحكومة من دون الأشغال.
ثالثا: إعطائه أهمية زائدة لما أسماه العقدة السنية، إرضاء لحلفائه وتناغما مع موقفهم، وصولا الى تشكيكه بإمكانية تشكيل الحكومة من دون تمثيل سنة المعارضة.
رابعا: أحرج فرنجية حلفاءه من خلال تأكيد ثقته بهم وبأنهم لا يمكن أن يخونوه أو يتآمروا عليه، وأنهم لا يمكن أن يتركوه، معتبرا أنه تجاه الحلفاء يضع يديه في مياه باردة.
خامسا: رسم فرنجية سقفا سياسيا للقاء المنتظر مع القوات اللبنانية، وبأنه لا يشبه تفاهم معراب من حيث النص المكتوب، بل ثمة بيان سيصدر عن الطرفين، لافتا الى أن اللقاء لا يعني تحالفا سياسيا، وإنما هو مناسبة مسيحية، أخلاقية ووجدانية تطوي تاريخا أسودا من صراع المسيحيين، وتضع حدا لأي خلاف أو إستفزاز في الشارع، أما العلاقة السياسية فهي مفتوحة مستقبلا على تعاون أو تباين، في وقت لن يتخلى فيه أي طرف عن حلفائه.
سادسا: تأكيد فرنجية على دور أهالي الشهداء في هذه المصالحة، مبديا إعتزازه بأن أبناء زغرتا يثقون بقيادتهم، ويعلمون أن هذا اللقاء لا توجد مصالح أو مكاسب من ورائه.
سابعا: حاول فرنجية الهروب من سؤال الزميل غانم حول تحذير فيصل كرامي له من جعجع، وذلك منعا للاحراج مع حليف له ما يزال يرفع شعار “لم نسامح ولن ننسى” تجاه قضية عمه الرئيس الشهيد رشيد كرامي.
ثامنا: محاولة فرنجية تبسيط قضية العلاقة مع سوريا التي تعتبر بوابة لبنان الى العالم العربي، مشددا على ضرورة مراعاة مصالح البلاد والعباد في هذا الموضوع، مؤكدا أنه لو كان رئيسا للجمهورية لكان زار سوريا.
تاسعا: أكد فرنجية أنه عصيّ على التغيير، وأنه باق على ما هو عليه، سواء وصل الى بعبدا أو بقي في بنشعي.
في معرض كلامه، كرر فرنجية أكثر من مرة أن موضوع رئاسة الجمهورية سابق لأوانه، خصوصا أن هناك أربع سنوات متبقية من عهد الرئيس ميشال عون، وبعدها يفعل الله ما يريد، لكن كثيرا من المشاهدين والمتابعين لمسوا من إطلالة فرنجية بأنه يتحدث بلغة الواثق بأنه سيكون رئيس الجمهورية القادم.