سجل فأنا اللبناني الساكن في زواريب الوطن الضيقة، ومتاريسه الطائفية المنتشرة على امتداد الجغرافيا، وأحزابه المنتصرة في كل يوم، وقيادته الراشدة الرشيدة بتواريخها وأقاصيصها وفتوحاتها وبطولاتها وانتصاراتها، حتى الأوسمة التي علقت على صدر تراب الوطن وتجار السوق والسياسة ومشايخ الخردة والنفاق يجنون ثمارها.. وأما الآن فالتمس منكم العذر فلتعذروني...
هذا الوطن تحكمه قادة أحزاب و قادة حروب، وما زلنا نعيش تحت رحمتهم، حفنة من بعض رجال الدين يتبوأون مناصب دينية في الدولة وهم لا يتقنون علماً بل جهلاً، ولا يملكون ورعاً وخوفاً وكأنهم لا يؤمنون بخالق، والبعض الآخر وظيفته أن يبارك لزعيمه ويدعو له بدوام العافية وطول العمر، ومع الإمضاء على صكٍ يعطيه الأجر إن أصاب أو أخطأ، والبعض يحتاط لشدة تقواه يعطيه المعذورية في حالة عدم الإصابة، وهؤلاء وظيفتهم إن خرج من سربهم رجل دين يطالب بحقوق الناس المهدورة أو جاء برأي يخالف هوى حزبه أو زعيمه، هنا ينبري هؤلاء يا لغيرة الدين والإسلام، إنه يريد الفتنة إنه مأجور فعليه نار جهنم وغضب الجبار، وعجباً يقرأون علينا مواقف أهل البيت (ع) ومواقف الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري، هؤلاء شيوخ المنافع والمصالح والنفاق من الذين أحدثوا فجوات في البيوت والأعراض ومهمتهم أنهم يدخلون ليلاً بصحبة العقارب والجرذان ...
سجل أنا لبناني، فإن لم أكن طائفياً أو حزبياً فتهمتي جاهزة، فإن كنت مسيحياً فلا حول لي ولا قوة وسأعيش نكرة، وإن كنت شيعياً سأعيش على أبواب السفارات وداعماً لنظرية المؤامرة، وإن كنت سنياً فويلي واويلاه إن لم أُدجَّن في قنِّ الحاكم، فأنا اللبناني الشيعي وظيفتي أن أدعو لإله الطائفة الذي أنزله إله السماء وما عليَّ إلا الدعاء له بطول العمر وبكثرة النسل وبالتصفيق الدائم والهتاف والفداء حتى إن سعل أو شخَّر، وهكذا إن كنت درزياً أو مسيحياً أو سنياً.... الخ، أما أن تكون خارج هذه العناوين فسجل أنا لبناني ميت يتنفس، يستيقظ خائفاً وينام خوفاً، فأمن الدولة ليس أمننا، ورفاهيتها ليست رفاهيتنا، ونعيمها ليس نعيمنا، نحن في لبنان لا شيء ولا شيء لأن معايير الصدق والكذب مقلوبة وأصبحنا ملزمين بالنفاق فتكون لبنانياً طائفياً بجدارة، ومن لا يريد أن ينافق كما يفعل أهل المتلبسين بالطائفة والدين، فليكتب وصيته وليرحل... سجل بكل فخرٍ واعتزازٍ، أنك طائفي لبناني.... صدق الله العظيم..
إقرأ أيضًا: من نصدِّق الحكيم أم الرئيس..؟