ارتفع منسوب التفاؤل بولادة الحكومة الجديدة في اليومين الماضيين، حتى ان البعض ذهب الى حد الاعتقاد ان التشكيلة باتت جاهزة وهي تنتظر انهاء بعض النقاط التي مازالت باطار المشاورات.
التفاؤل مرده الى كثير من المؤشرات التي حملتها الساعات الماضية، غير ان التقدم السريع الذي حصل على هذا الصعيد دونه اشكاليات “التفاصيل” الاخيرة، فالامور لا تزال عالقة عند بعض الحقائب ما يستدعي اتصالات ومشاورات لتذليل هذه العقبات. وقد لا يتصاعد الدخان الابيض إلا متى يطلب الرئيس المكلف موعدا للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وهو غير متوقع قبل بداية الاسبوع القادم وربما نهاية الاسبوع الحالي. المتابعون لمسار التأليف يؤكدون ان لا عودة الى الوراء في ما تم احرازه خلال اليومين الماضيين. وعليه بات ماراثون تشكيل الحكومة في الأمتار الاخيرة. وفي حين يربط الكثير من المتابعين ما حصل بالقمة التي جمعت رئيس الجمهورية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالتزامن مع الزيارة التي كان يقوم بها الموفد الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقررات هذا المؤتمر السفير بيار دوكان، يبقى الأبرز هو التطورات المتسارعة على مستوى المنطقة، التي من الممكن أن تعيد الأمور إلى نقطة الصفر، في حال لم يتم إنجاز المهمة سريعاً.
إقرأ أيضا : ولادة الحكومة في مرحلة المخاض
في هذا السياق، تشير مصادر سياسيّة مطلعة، إلى تصريح وزير الخارجية العراقية إبراهيم الجعفري، من مطار بيروت الدولي، الذي لفت إلى أن المنطقة مقبلة على تحولات نوعيّة وبالغة التأثير، مؤكدة أن ما تحدث عنه الجعفري دقيق جداً، لا سيما أن الأيّام المقبلة، قبل نهاية الشهر الحالي، قد تكون حاسمة في أكثر من ملفّ إقليمي، من دون تجاهل إعلان وزير العدل الأميركي جيف سيشنز أن بلاده صنّفت خمس جماعات، بينها "حزب الله"، باعتبارها عصابات للجريمة العابرة للحدود، لاستهدافها بتحقيقات وإجراءات قضائيّة أكثر صرامة. وتلفت هذه المصادر إلى أن على رأس قائمة التطورات تأتي الأزمة السوريّة، معتبرة أن من الطبيعي أن يتأثر لبنان بما يحصل في هذه الساحة. في الإطار السوري نفسه، تذكر هذه المصادر أن التطورات هناك كانت من بين العراقيل، التي تم الترويج لها في الفترة السابقة، على مستوى الملفّ الحكومي، سواء بالنسبة إلى طرح تطبيع العلاقات اللبنانيّة السوريّة إنطلاقاً من معبر نصيب، أو ربطاً بالتطورات التي كانت منتظرة في ما يتعلق بالأوضاع في إدلب، قبل أن يتمّ التوقيع على إتفاق سوتشي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، الذي أبعد خيار المعركة العسكرية. إنطلاقاً من ذلك، تشدّد المصادر السياسيّة المطّلعة على أن الدور الأبرز في تشكيل الحكومة، في حال كانت الولادة نهاية الاسبوع الحالي، للرئيس الفرنسي، حيث يكون ماكرون قد أمن الغطاء الدولي لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، من دون تجاهل التحذيرات التي كانت قد أرسلتها باريس بالنسبة إلى مقررات مؤتمر سيدر، وتضيف: "اليوم هناك الكثير من العوامل المساعدة لعمليّة تشكيل الحكومة، لكن المطلوب إستغلالها في أسرع وقت ممكن".
في المحصّلة، ما يحصل على مستوى ملفّ تشكيل الحكومة من تطورات، يؤكّد بما لا يقبل الشك أن العقد لم تكن محلية، على عكس ما كان يروج له بعض الأفرقاء اللبنانيين، بل هي كانت خارجية مرتبطة بما يحصل من تطورات على مستوى المنطقة بالدرجة الأولى.