بعيداً عن الضجيج الذي يُثيره بعض الإعلام الذي يدور بفلك حزب الله، فإن الكثير من المؤشرات تدل على نوع من أنواع التقارب يحصل بهدوء بين حزب القوات اللبنانية وحزب الله، بدأ من حركة النواب ومشاركتهم في أكثر من نشاط إجتماعي بالخصوص في منطقة بعلبك الهرمل بحضور مسؤولين ونواب للحزب، ليس آخرها الجولة التي قام بها وزير الشؤون الاجتماعية القواتي بيار أبو عاصي.
وبالعودة إلى الحكومة وتشكيلتها، فليس خافياً على متابع، أن التسريع الذي طرأ على خط التشكيل جاء بمباركة من حارة حريك بعد اللقاء الذي جمع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بالوزير جبران باسيل وما تبعه من لقاء جمع هذا الأخير بمسؤول وحدة الإرتباط بالحزب الحاج وفيق صفا، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على ضغوط تُمارس على باسيل من أجل تقديم تسهيلات للوصول إلى التشكيل الموعود.
إقرأ أيضًا: بعد رفض التشكيلة الحكومية، إلى أين؟
التسهيل المطلوب ها هنا ليس هو لتيار المستقبل حتماً، ولا هو من أجل حلّ ما يسمى بالعقدة الدرزية المحلولة أصلاً، وإنما بشكل أساسي فإن التسهيل المطلوب من جبران هو بالعقدة الحقيقية التي حاول جاهداً التمسك بها وهي عقدة القوات اللبنانية وحصتها.
وهنا لا بد من طرح السؤال الطبيعي، وهو عن حاجة حزب الله لوجود القوات اللبنانية داخل الحكومة وبحصة وازنة؟ والجواب على مثل هذا التساؤل يُحدّده رؤية الحزب لدور الحكومة وما يطمح له من خلالها، فإذا ما أخذنا بعين الإعتبار العقوبات الأميركية المرتقبة في بداية الشهر القادم وما قد يحدث عنها من تداعيات خطيرة على إيران ومن خلفها على الحزب وبيئته الحاضنة نُدرك سريعاً بأن حزب الله هو بأمسّ الحاجة في الفترة القادمة للجلوس بمكان حاضن يؤمّن له الحدّ الأكبر من الحاضنة الوطنية المقبولة على الأقل لتمرير هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة حتى تمر عاصفة العقوبات.
إقرأ أيضًا: نعم، القوات اللبنانية تعطّل
الغطاء المسيحي الذي طالما شكّله التيار الوطني الحر، لم يعد يُجدي نفعاً وهو (الغطاء) لا يعدو أكثر من حاجة محلية لا ينفع كغطاء إقليمي دولي، وقد ناله ما ناله من إهتراء وتمزّق بسبب أداء رئيس التيار وركاكة شخصيته وانعدام حضوره وتأثيره على الساحة الدولية كما كان يرغب الحزب له، وحالة التنافر الكبيرة التي أحدثها مما جعل منه محل تنافر ليس عند حلفاء الحزب بل حتى عند مساحة واسعة من جمهوره أيضاً.
فإذا كان حزب الله يحتاج في هذه اللحظة إلى حكومة وحدة وطنية حقيقية، فهذا يعني بالضرورة أنه بحاجة لوجود القوات اللبنانية وبحصّة وازنة داخل هذه الحكومة، يطلّ من خلالها على الخارج ويكبح فيها جماح "حليفه" جبران وطموحاته التسلطية التي بدأ هو نفسه يتشظّى منها.