يَجزم «مَرَديون» أنّ حقيبة وزارة الأشغال لم تكن لتأخذ هذا المنحى من «التصعيد» بتمسّك تيار «المردة» بها «لو لم يتقصّد باسيل إستفزازنا بمقدار كبير»!
كان يمكن، حسب هؤلاء، «أن يحصل إنتقال سلِس لـ«المردة» من هذه الحقيبة الخدماتية الى أخرى تكون مُرضية لنا، لكن إصرار باسيل على منطق الإستفزاز بفتح النارعلينا وشن حملة غير منطقية على الوزير يوسف فنيانوس، دفعنا الى التمسّك بهذه الحقيبة».
وفق المعلومات، كل التشكيلات الوزارية التي عرضها الرئيس المكلّف سعد الحريري على رئيس الجمهورية ميشال عون، أو تلك التي نقّحها في «بيت الوسط» كانت تتضمّن تخصيص «المردة» بحقيبة «الأشغال». فالحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري و«حزب الله» يؤيّدون بقاء هذه الحقيبة في يد فرنجية. بقية القوى السياسية لم تُشهِر «الفيتو» في وجه «المردة» بعد محاولات فاشلة للحصول على «أم الحقائب الخدماتية».
يراهن فرنجية على وقوف حلفائه الى جانبه في معركة «إثبات الوجود»، وإن عبر حقيبة وزارية. فيما تجزم أوساط «حزب الله» والحريري وفرنجية على حدّ سواء، أنّ مبادلة حقيبتي «الأشغال» و«الصحة» بين «المردة» و«حزب الله»، غير مطروحة لدى الطرفين.
وما يمكن التسليم به، وفق مطلعين، هو أنّ «الفيتو» الرئيسي لباسيل يستهدف فنيانوس قبل الحقيبة نفسها، مع العلم أنّ الأخير لم يكن يرفض طلباً مصدره القصر الجمهوري. إلّا أنّ «لينك» الخدمات والتواصل تعرّض لانتكاسة بعد بدء «التيّار الوطني الحرّ» حملته المباشرة على فنيانوس.
قال باسيل ما لديه من أسباب موجبة «تشرّع»، في رأيه، إنتزاع وزارة الأشغال من يد «المردة». إستند خطاب العونيين الى التركيز على «فشل» فنيانوس وتقصيره في إعداد الخطط المطلوبة للوزارة، وصارت «بِرَك» المياه وفضائح المطار وبعض المناقصات عناوين إدانة مباشرة له، في وقت نُقل عن محيط رئيس الجمهورية وباسيل عدم الرغبة في توزير فنيانوس مجدداً.
لدى فريق وزارة الاشغال جردة بالخطط التي قدّمها فنيانوس تدحض «الحملة غير المفهومة وغير المبرّرة»، في رأيهم، ضدّه. فقد قدّم للأمانة العامة لمجلس الوزراء خطة مشروع النقل العام للركاب ضمن بيروت الكبرى ونظام للنقل السريع على المحور الشمالي، وبعد نحو عشرة أشهر أصدر مجلس الوزراء القرار الرقم 66 تاريخ 19-12-2017 بالموافقة على الخطة بكاملها وتكليف مجلس الانماء والاعمار التفاوض مع البنك الدولي للاستحصال على القرض اللازم لتمويل مشروع مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك وبالتنسيق معها، وتأمين الاعتمادات اللازمة لإعداد واستكمال الدراسات واتخاذ الإجراءات المناسبة لتنفيذ المشروع لا سيما منها دراسة تقييم الأثر البيئي.
المشروع «الحلم» للبنانيين بإحداث مسارات خاصّة للنقل المشترك تربط بيروت بضواحيها شرقاً وشمالاً وجنوباً، وتهدف الى التخفيف من زحمة السير اليوميّة شكّل عنوان المؤتمر الصحافي الذي عقده فنيانوس في 4 آب 2017، والذي أكّد فيه أنّ التنفيذ يتطلّب إنجاز دراسة الجدوى الاقتصاديّة التي ستحدّد نوعيّة النقل المشترك الأمثل، ودراسة الأثر البيئي، وتأمين الدعم من السلطات المحليّة لإزالة التعدّيات عن المسارات، وتمويل عمليّة التنفيذ من الحكومة أو الجهات المانحة.
ووافق مجلس الوزراء في جلسته في 16 نيسان 2018 على طلب وزارة الاشغال والنقل الموافقة على تصديق التحديث لمشروع المخطط التوجيهي لتطوير مطار بيروت وتوسعته (تكاليف إنجاز المخطط قدّمتها شركة «الميدل ايست» وبلغت 675 الف دولار اميركي)، والعمل على إيجاد حلّ للمسالك والطرق من والى المطار للوصول اليه بطريقة أسهل. المشروع الذي يحاكي إستخدام المطار وفق رؤية متطورة حتى سنة 2035 والذي سيرفع قدرة مطار بيروت لاستقبال مسافرين من 7 ملايين في السنة الى 22 مليون مسافر بكلفة تراوح بين 800 و900 مليون دولار لم تُحسم طريقة تنفيذه بعد، ويُفترض أن يكون من أولويات الحكومة المقبلة التي يجب عليها ان تحدّد مدى التعاون في هذا المشروع بين القطاعين العام والخاص.
مشروع التوسعة، وفق فنيانوس، سيتمّ على ثلاث مراحل، الاولى الاحتياجات الضرورية التي لا تُؤجّل وكلفتها 88 مليون دولار، وتؤدي الى زيادة عدد المسافرين الى مليوني مسافر. المرحلة الثانية، الجزء الغربي من المطار وكلفتها 200 مليون دولار، عندها يستوعب المطار مليوني مسافر اضافي، والمرحلة الثالثة هي الأوسع والأشمل وفي حاجة الى سنة ونصف سنة، عندها يستطيع المطار إستيعاب أكثر من 20 مليون راكب.
في 3 آذار من السنة الجارية وافق مجلس الوزراء على المشروع الذي كانت تقدّمت به وزارة الأشغال لإجراء بعض أعمال الصيانة والتأهيل الضرورية بكلفة نحو 88 مليون دولار أميركي، إضافة الى القيمة المضافة. الدفعة الاولى ومقدارها 18 مليون دولار أميركي أقرّتها الحكومة لحساب مجلس الإنماء والاعمار للبدء بتنفيذ ما اتُفق عليه في المرحلة الأولى للتوسعة، لكن مرسوم تأمين الاعتماد صدر في 14 تموز الفائت مما أخرّ المباشرة في التنفيذ أشهراً عدة.
ولا يزال المخطط التوجيهي العام لمرفأ بيروت الذي تقدّمت به وزارة الاشغال منذ حزيران الماضي عالقاً في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، مرفقاً بملخص الدراسة التمهيدية التي أنجزتها شركة «خطيب وعلمي»، وقد ورد في الطلب انّ المراحل التي تمّ إنجازها من هذا المشروع قد خلُصت الى تقديم خيارات عدّة لاعتمادها ضمن هذا المخطط، وطلبت الوزارة عرض الموضوع على مجلس الوزراء لاتخاذ القرارات المناسبة». ردم الحوض الرابع، الذي لم يتبناه أصلاً وزير الاشغال، كان واحداً من هذه الخيارات وبالتالي لم تكن إثارته في الاعلام، قبل طرحه حتى على جدول الاعمال، سوى جزء من الحملة السياسية على فنيانوس، وفق أوساط الوزارة.
وفي جلسته المنعقدة في 19/12/2017 قرّر مجلس الوزراء تكليف وزير الأشغال مع إستشاريين، إجراء دراسة حول خطط سكك الحديد من الحدود الشمالية حتى الناقورة ومن بيروت حتى رياق - المصنع على الحدود السورية ومن رياق حتى القاع.
ويذكر أنّ وزارة الاشغال العامة والنقل لم تأخذ بعرض كلفته عالية جداً قدّمته من شركة «خطيب وعلمي» في شأن تنفيذ خطوط سكك الحديد على المسارات الثلاثة، وقد عاد فنيانوس وعرض نتيجة المفاوضات مع الشركة على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار.