قضي الأمر، الحكومة باتت قيد الإنجاز، والجديد اللمسات الأخيرة على إعادة توزيع الحقائب، ما خلا السيادية منها، المتفق على ان تبقى مع القوى والكتل الكبرى، من المالية إلى الداخلية فالدفاع والخارجية، هذه العملية التي تجري بسلاسة، وتنتظر عودة الرئيس نبيه برّي، الذي يعيش تفاؤلاً، من زاوية ان الفول والمكيول باتا في متناول اليد..
عند الخطوط الخلفية، الدفاعية بعد تراجع «استراتيجيات الهجوم»، تحاول بعض الأطراف الايحاء بأنها حققت ما تصبو إليه، من زاوية «لا غالب ولا مغلوب»، معيار الاخفاقات والنجاحات اللبنانية عند التسويات والاصح، وفقاً للمراقبين، تواضيع التيار الوطني الحر.
وفي السياق هذا، يجري الحديث عن ترميم التحالفات، والايحاء ان العبرة في حكومة منتجة لا حكومة متاريس، قادرة على التصدّي للملفات الصعبة، اقتصادياً، مستفيدة من انفراجات المعابر، وتحريك ملف التسوية في سوريا في الاشهر القليلة المقبلة.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«اللواء» ان آلية العمل تقتضي بالذهاب إلى بعبدا من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري، ومعه الحكومةالتي ستصدر مراسيمها، بحذف اسم من هنا أو إضافة اسم من هناك، بالتزامن مع عودة الرئيس نبيه برّي من جنيف.
ومن المحطات الحاسمة، في هذا الاتجاه، لقاء ميرنا الشالوحي بين الوزير جبران باسيل وعرابي «تفاهم معراب»: النائب إبراهيم كنعان والوزير ملحم رياشي، والبارز على هذا الصعيد ما يلي:
1- فك الارتباط بين المصالحة المسيحية وتأليف الحكومة.
2- إبلاغ باسيل رياشي ان التيار، تخلى عن نائب رئيس الحكومة «للقوات اللبنانية»، اما وزارة العدل فالقرار حولها يعود إلى الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف.
3- الاتفاق على ان ينقل رياشي إلى الرئيس الحريري، الذي التقاه في بيت الوسط، ونقل إليه موقف «القوات» على ان يتلقى حزب «القوات» أجوبة من الرئيس المكلف، حول حصة «القوات».
ورداً على سؤال قال رياشي: لا عقدة قواتية، إنما هناك بعض العقد من «القوات».
وعلمت «اللواء» ان الرئيس برّي سيعود إلى بيروت اليوم، آتياً من جنيف، ليكون حاضراً لالتقاء الصورة التذكارية.
وكشفت مصادر معنية لـ«اللواء» ليلاً ان حصة «القوات» باتت محصورة بالحقائب الأربع الآتية:
1- نائب رئيس مجلس الوزراء، مع وزارة العدل (إبراهيم نجار).
2- وزارة الثقافة (ملحم رياشي).
3- وزارة الإعلام (مي شدياق).
4- شانت جانجنيان: وزير دولة لشؤون المرأة.
وتوقعت المصادر ولادة الحكومة في مهلة زمنية لا تتجاوز السبت المقبل، ولم تشأ تأكيد أو نفي زيارة للرئيس المكلف إلى بعبدا بعيداً عن الأضواء، فيما تحدثت عن لقاء عقد بين الوزير باسيل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا.
الأجواء الإيجابية مستمرة
في هذا الوقت، بقي ضخ الأجواء الإيجابية عن قرب تشكيل الحكومة مستمراً، بعد الاتفاق على وحدة المعايير في الحصص والحقائب، والذي تُكرّس في الاجتماع الذي عقد بعيداً عن الإعلام بعد ظهر أمس، في قصر بعبدا بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، والذي وصفته مصادر مطلعة «بالايجابي جداً»، وانه كان بمثابة مؤشر نهائي لولادة حكومية في القريب العاجل، وايضاً في الاجتماع - المفاجأة الذي جمع بعد ذلك الوزير باسيل بوزير «القوات اللبنانية» ملحم رياشي في مقر التيار في «ميرنا الشالوحي»، واجتماع بين باسيل والوزير اواديس كيدانيان ممثلاً حزب «الطاشناق» للبحث في حقيبة الأرمن، في ضوء مطالبة ارمنية مستجدة بوزيرين.
وقد اسفرت هذه اللقاءات حسب بعض المعلومات عن تنازل رئيس الجمهورية عن حقيبة العدل لمصلحة «القوات» الى جانب منصب نائب رئيس الحكومة بلا حقيبة وحقيبتي الشؤون الاجتماعية والثقافة لكن ذلك لم يتأكد رسميا، فيما تردد ان باسيل طلب من وفيق صفا تبادل حقيبتي الصحة والاشغال بين الحزب و«المردة»؟ وان الرئيس الحريري سيزور القصر الجمهوري خلال يوم او يومين على الاكثر، ربما بعد عودة الرئيس نبيه بري من جنيف، لتسليمه الصيغة النهائية للحكومة.
وقال مصدر رفيع لـ «اللواء» ان المشاورات المكثفة التي حصلت في الساعات الـ٢٤ الفائتة أثمرت جملة تفاهمات، ابرزها ان لا عودة الى الوراء في قرار الانتهاء سريعا من تشكيل حكومة منتجة وفاعلة لا تنطوي على عطب معطلة لا داخلية ولا خارجية.
ولفت الى ان إجتماع باسيل بالرياشي تطرق الى اهمية تعزيز المصالحة المسيحية وتصليب مفاعيلها، جنبا الى جنب مع اهمية ان تكون العلاقة بين فريقين، وخصوصا في معالجة الملفات التي ستطرح في الحكومة العتيدة، ايجابية بتنسيق وتعاون لا يشوبهما ما شاب العلاقة إبان الحكومة المستقبلة، بحيث تكون الحكومة منتجة لا مكانا للمتاريس وتسجيل المواقف.
وكشفت المصادر لـ«اللواء» ان العقد الحكومية تزول الواحدة تلو الاخرى، بفعل العودة الى النقاش الموضوعي بعيدا مما شهدته الاشهر الخمسة الفائتة من مزايدات نتيجة ضرورات التفاوض او حتى الرغبة في تكبير احجام وتقزيم اخرى، كما بفعل اقتناع الجميع بضرورة اعتماد معايير واضحة تتشكل الحكومة في ضوئها، وهو الامر الذي حصل في الساعات الـ٤٨ الفائتة وثبتت جدواه.
مشاورات ربع الساعة الأخير
واشارت اوساط مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» الى أن المشاورات باتت في الربع الساعة الأخير من تأليف الحكومة وأنه لا بد من ان تتكثف الاتصالات في اطار جوجلة توزيع الحقائب على الكتل مع العلم ان الحسم بدأيقترب بعد سلسلة تفاهمات تمت يقال انها للتسهيل بعدما شعر المعنيون ان الضغوط الدولية تعاظمت.
واكدت المصادر ان خريطة توزيع الحقائب بالشكل النهائي قبل اسقاط الاسماء على الحقائب تنتظر استكمال التفاهمات مع العلم ان هناك حقائب اصبحت مضمومة في الجيب كما يقال، فالمقربون من قصر بعبدا يتحدثون عن بقاء حقيبة العدل ضمن حصة رئيس الجمهورية في حين ان التربية عادت الى الاشتراكي وتبقى الحقيبة الثانية من دون حسم، وثمة من ردد انها وزارة خدماتية، اما الوزير الدرزي الثالث المتروك بعهدة الرئيس عون فلم تعرف هويته.
وتحدثت المصادر عن اطمئنان من «المستقبل» و«امل» للحقائب التي تسند اليهم مشيرة الى ان القوات التي نالت نيابة رئاسة الحكومة وصلتها اشارات بضرورة حسن التعاطي مع هذا المنصب لجهة اللجان التي ستعهد اليها ما زالت مصرّة على تمثيلها وفق اللازم.
وقالت ان وزارة الصحة التي تردد انها حسمت لحزب الله فتنتظر التأكيد النهائي وسط معلومات تتحدث عن مبادلة مع «المردة» بها مقابل الاشغال التي ما تزال بعين «التيار الوطني الحر».
وقالت المصادر انه في المحصلة لا بد من بعض الانتظار بعدما طرأ مطلب ارمني بتمثيله الطائفة بوزيرين وتردد ان الرئيس عون قد يجتمع بموفدين من حزب الطاشناق لكن هذه المعلومات غير مؤكدة، وفهم من المصادر ان الطروحات سيجري جوجلتها بعدما باتت المطالب بين الاخذ والرد دون استبعاد ان يعقد لقاء بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري قبيل الاجتماع المفصلي الذي يشهد ولادة الحكومة.
وفيما لم تعلق مصادر قصر بعبدا على المعلومات التي ترددت عن زيارة قام بها الحريري الى بعبدا بعد ظهر امس، علمت «اللواء» انها تمت بالفعل بعيدا عن الاضواء.
وليلا افيد انه لم يتم الانتهاء من توزيع الحقائب وهناك تبديل سيحصل ما يأخذ بالاعتبار مطالب الافرقاء على ان حصة «القوات» لم تحسم بعد لجهة الوزارات ومنح حقيبة أساسية ثانية لها بعدما احتفظ رئيس الجمهورية بالعدل.
عقدة «القوات»
وكان النقاش استمر طيلة ليل أمس الأوّل، ونهار أمس، ومن ثم تجدد ليلاً، عبر لقاء الرئيس الحريري والوزير رياشي لحسم حصة «القوات» من الحقائب، وسط تضارب المعلومات وتناقضها أحياناً، ووسط معلومات أفادت ان حقائب «القوات» قد تتغير في الربع الساعة الاخيرر، لكن ذلك يعني ان تغيير أي حقيبة لأي طرف سيعني تغيير عدد من الحقائب لأطراف أخرى كالحزب الاشتراكي أو تيّار «المستقبل».
وفي حين أكدت مصادر قصر بعبدا ان حقيبة العدل حسمت لمصلحة رئيس الجمهورية، اكد وزير الشباب والرياضة محمد فنيش لـ«اللواء»: «ان حقيبة الصحة حسمت لـ«حزب الله» ولا مجال لأي كلام أخر وهذا امر متفق عليه مع «حركة امل» اولا ومع الرئيسين عون والحريري»، وفي تقدير مصادر متابعة ان هذا الأمر يعني ان الخيارات باتت محدودة حول حقائب «القوات»، خاصة اذا بقيت الاشغال بيد تيار «المردة» والتربية بيد الحزب التقدمي.
مصادر «القوات اللبنانية» كشفت «للواء» «انه تم الخروج من المربع الاول واصبحنا في المربع الاخير»، واوضحت ان هناك عروضات وافكاراً جدية قدمت في الساعات الاخيرة الى القوات، وفي المقابل يرد الحزب على هذه الافكار، واشارت الى ان المفاوضات قائمة على قدم وساق، ولكنها اعتبرت انه لا يمكن الحديث عن وجود عرض او طرح نهائي واضح متوافق عليه بعد، وبأنه لدى وصول الامور الى خواتيمها يتم الاعلان عنها، وأن الامور لا زالت في طور النقاش والتفاوض والبحث، على امل ارساء الامور بالشكل المناسب.
وفضلت المصادر القواتية عدم الكشف عن العروضات التي قدمت للقوات، ورات وجوب ابقائها داخل كواليس المفاوضات، واشارت الى ان كل ما يصدر من تسريبات في الاعلام غير دقيق وهو يحتوي على كثير من التناقضات، وجزء منه اساسي ويرمى بشكل مقصود من اجل الضغط المعنوي، مشيرة الى ان هناك جزءاً منه تضليلي.
وكشفت عن أن خطوط التواصل مفتوحة مع الرئيس المكلف على امل ان تتوضح الصورة في الساعات القليلة المقبلة.
وبناء لذلك بقيت المعلومات تشير الى ان التفاوض جارٍ حول حقائب العدل والعمل والزراعة، وحول حقيبة التربية اذا ما تقرر في نهاية المطاف ألاّ تؤول الى الحزب التقدمي.
لكن محطة «او تي في» الناطقة بأسم «التيار الحر» قالت مساء: ان المفاوضات جارية في الربع الساعة الاخير وان الحقيبة العالقة هي العمل (التي قد تعطى للقوات بدل العدل). واضافت انه بات من المؤكد ان «القوات» ستنال حقيبة اساسية واحدة لا حقيبتين.
رياشي في «بيت الوسط» والشالوحي
وأوضح الوزير رياشي بعد لقائه الرئيس الحريري ليلاً في «بيت الوسط» في حضور الوزير غطاس خوري، انه نقل رسالة من رئيس حزب «القوات» سمير جعجع للرئيس المكلف، كما انه وضعه في أجواء لقائه بالوزير باسيل، وقال «ان الأمور بإذن الله خيراً، ونحن بانتظار بعض الإجابات خلال الـ48 ساعة المقبلة، حول بعض النقاط، التي لها علاقة بالتركيبة الحكومية»، مشيراًالى ان لدى الحريري طرحاً تتم دراسته مع بعض المسائل المرتبطة بالطرح لجهة المعايير والمقاربات الحكومية.
الا ان الرياشي رفض الحديث عن موضوع الحقائب، وعما إذا كانت حقيبة العدل باتت من حصة القوات، مكتفياً بأنه «ينتظر اجابات خير من الرئيس الحريري»، خلال الساعات الـ48 المقبلة، نافياً وجود شيء اسمه «عقدة القوات»، لكن هناك بعض العقد من «القوات»، في اشارة الى تمسكها بوزارة العدل التي يُصرّ الرئيس عون على ان تكون من حصته، أملاً «أن يكون الجواب ايجابياً بالنسبة للقوات، لكي يتم تسهيل التشكيل كما يجب».
وكان الرياشي التقى الوزير باسيل في مقر «التيار الحر» في حضور أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان، للبحث في النقاط الخلافية، والعلاقة بين «التيار» و«القوات»، بعد ما شاب هذه العلاقة من خلافات حادّة.
ووصف الرياشي اللقاء «بالمثمر» وانه كان استعادة لزمن ارتاح كل المسيحيين واللبنانيين إليه، مرحلة كانت ذهبية في تاريخ لبنان، وأكدت أكثر فأكثر ان المصالحة هي خط أحمر.
ورأى ان «المصالحة المسيحية - المسيحية هي التوازن والشراكة في العمل، والاهم من كل ذلك انها مصالحة كل بيت مع أهل بيته، وأكدت ان الاختلافات السياسية، كما جاء في ورقة النوايا منذ عام 2015 يجب الا تتحوّل إلى خلافات».
وشدّد على ان ما حصل في الاجتماع لا علاقة له بالتشكيلة الحكومية، فتشكيل الحكومة والحصص الوزارية تبحثان مع الرئيس المكلف وليس مع الوزير باسيل، فهناك آليات دستورية يتم عبرها هذا الأمر.