بالرغم من مضي أسبوع على إقرار قانون مكافحة تمويل الإرهاب FATF الدولي من قبل مجلس الشورى الإسلامي الإيراني إلا أن النقاشات لم تتوقف حتى اللحظة ويواصل المتشددون انتقاداتهم اللاذعة للبرلمان الإيراني ملقيون باللائمة على النواب الذين صوتوا لصالح تلك اللائحة.
إن المتشددين يقولون أن المرشد الأعلى لم يكن موافقاً على تلك اللائحة ويعرف الأخطار المترتبة عليها بعد تحويلها إلى قانون ملزم ولكنه لا يريد فرض قناعته على النواب ولهذا ترك الحرية لهم للبحث وإبداء الرأي وإعطاء الصوت. ذلك لأنه لا يحبذ أن يتهم بالإستبداد.
فالمتشددون يرون في إقرار لائحة مكافحة تمويل الإرهاب مفسدة كبيرة حيث أن هدا القانون يمنع إيران من دعم الحركات والأحزاب المقاومة التي تصمد في وجه الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وداعش وجبهة النصرة وعلى رأسها حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي. هذا وإن الدستور الإيراني يطالب بدعم حركات التحرير والمقاومة الإسلامية وغير الإسلامية في أرجاء العالم. ولهذا يعتقد المتشددون أن على مجلس صيانة الدستور أن يرفض تلك اللائحة التي أقرّها البرلمان ولا يسمح بتحويلها إلى قانون.
وقد حذّر عضو بارز في مجلس صيانة الدستور الشيخ محمد يزدي البرلمان من إقرار تلك اللائحة قبيل طرحها في البرلمان نظراً إلى آثارها السلبية.
إقرأ أيضًا: ماذا يجري في شوارع إيران؟
ويبدو أن من أبرز تلك الآثار المترتبة على هذا القانون هو قطع العلاقات المالية والمصرفية بين إيران وحزب الله اللبناني بالتحديد على ما يعتقده المتشددون.
ولكن النواب المعتدلون والإصلاحيون يؤكدون على أن الإنضمام إلى المعاهدة الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب لا يترتب عليه أي خطر على إيران ولا لعلاقاتها مع حركات المقاومة المدرجة أسماؤها في لائحة الإرهاب الدولي. لأن تلك المنظمات هي داعش والنصرة والقاعدة وطالبان وليس حزب الله ولا الحشد الشعبي. نعم الولايات المتحدة أدرجت حزب الله بقسميها العسكري والسياسي على لائحة الإرهاب و لكن الإتحاد الأوروبي اكتفى بإدراج الجناح العسكري للحزب على لائحتها للإرهاب بينما الأمم المتحدة لم تعتبر حزب الله منظمة إرهابية وعليه يبدو للوهلة الأولى أن لا شيئ هناك يثير قلق الإيرانيين بالرغم من أنهم لا يتعاملون مع تلك الحركات والأحزاب عبر المصارف.
ولكن هناك رؤية أخرى عبّر عنها مسؤول المنظمة الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب أفصح عنها خلال حديثه مع بي بي سي فارسي قبل يومين ملمحاً إلى خلافات بين إيران والمجتمع الدولي بشأن وقف دعم المنظمات التي لم يسميها وتجنب الإشارة إليها مكتفياً بأن الجميع بات يعرف تلك المنظمات وأن لدى أي طرف من الأطراف لائحته الخاصة مما يعني بأن إنضمام إيران إلى تلك المعاهدة لا ينهي مشاكلها عند التطبيق وأن مستقبل العلاقات المالية بين إيران وحلفاءها من الأحزاب الإسلامية ليس واضح الأفق.
من المتوقع أن يعطي مجلس صيانة الدستور رأيه في تلك اللائحة التي سيواجه تطبيقها صعوبات عند ما يتعلق الأمر بتحديد مصاديق الإرهاب.