رحّب لبنان بفتح معبر نصيب بين سوريا والأردن، وسط غياب أي تعليق لافتتاح معبر القنيطرة مع الجولان المحتل. للبنان فوائد اقتصادية من هذه الخطوة. وهذا ما أعلنه رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي اعتبر أن فتح المعبر يعود بالفائدة على لبنان ويُعيد وصله براً بعمقه العربي. ما يتيح انتقال الأشخاص والبضائع من لبنان إلى الدول العربية وبالعكس". وأكد عون أن فتح معبر نصيب سيُنعش مختلف القطاعات الانتاجية اللبنانية، ويخفّف كلفة تصدير البضائع من لبنان إلى الدول العربية.
ولكن لهذه الخطوة بعداً سياسياً بعيد المدى، إذ لا تتعلق بحسابات الدول العربية ومصالحها فحسب. ولا شك في أن للاستفادة من معبر نصيب لبنانياً تكلفة سياسية، أولها فتح خطوط التنسيق بشكل كامل مع النظام السوري، لا سيما أن لبنان سيكون بحاجة إلى موافقة دمشق على استخدامه هذا المعبر لتصدير منتجاته إلى الدول العربية بكلفة أقل. وقد أبلغ المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، تجمّع المزارعين اللبنانيين ببدء العمل على تصدير المنتجات اللبنانية عبر نقطة المصنع في اتجاه معبر نصيب. فيما أكد رئيس تجمّع المزارعين إبراهيم الترشيشي، أنهم تبلغوا بموافقة السلطات السورية على تصدير المنتجات اللبنانية عبر المصنع إلى معبر نصيب، وعلينا أن نجلس مع الجانب السوري للاتفاق على الرسوم المتوجبة علينا".
الأكيد أن خطوة فتح المعبر لا تتعلق بحسابات لبنان وسوريا والأردن فحسب. المسار السياسي واضح، فمن يقرر هذا المسار هو الحسابات الإسرائيلية في الدرجة الأولى، وليس الحسابات العربية. لا شك في أن هناك ما يرتبط بالجوانب الاقتصادية الأردنية والسورية وانعكاسها على الدول الأخرى، لكن ذلك نتيجة اتضاح صورة الاتفاق بشأن الجنوب السوري، إذ إن معبر نصيب لم يفتح إلا بعدما وافق الإسرائيليون على ذلك، كما أرادوا فتح معبر القنيطرة مع الجولان.
وهذه ستتماشى مع تحجيم ولجم النفوذ الإيراني في تلك المنطقة، التي اصبحت خاضعة لسيطرة أميركية إسرائيلية، مقابل التنسيق مع النظام السوري على تأمين المصالح الإسرائيلية هناك. وعلى هذا الأساس تجلّت نقطة فتح المعابر. وهذه المنطقة أصبحت ضمن منطق أن الاستقرار فيها يلبّي المصلحة الإسرائيلية، تحت إطار الغطاء الاستراتيجي لتلك المنطقة التي أصبحت تحظى برعاية دولية.
بمعزل عن الحديث عن مستقبل النظام السوري، لأن هذا سيكون مرتبطاً بجملة عوامل، على قاعدة أن الانتقال إلى الحلّ السياسي يتطلب حلّ معضلة الوجود الإيراني، وطالما لم تحلّ هذه المعضلة فإن الوضع سيبقى متوتراً في سوريا. وهناك من يعتبر أن فتح المعابر ليس مؤشراً على تثبيت وضع النظام. هذه النقطة مرتبطة بالمستقبل السياسي، وإعادة الإعمار، والموقف الأميركي والدولي. ولا يمكن فصلها عن الوضع التركي في الشمال السوري. وهناك مناورات تركية أميركية مشتركة تجري، بالإضافة إلى التحسن في العلاقات التركية الأميركية، والتركية السعودية. وهذه ستساعد تركيا في تعزيز نفوذها في سوريا. تركيا تعمل على توفير غطاء أميركي وغطاء عربي، بعد ضمانها الغطاء الروسي، لأجل تثبيت وضعيتها وتحقيق مصالحها في سوريا. تحصد تركيا نتائج أزمة الصحافي جمال خاشقجي، ولا سيما على مستوى استمرار تأثيرها وتثبيت حضورها في الشمال السوري أولاً، وفي مواجهة الأكراد ثانياً، وفي تعزيز علاقاتها مع أميركا بعد الإفراج عن القس الأميركي، وتعزيز علاقتها بالسعودية على خلفية إيجاد مخرج وتسوية لقضية خاشقجي.