أوحت المشاورات الماراتونية للرئيس المكلف سعد الحريري ان عقارب الساعة بدأت تتجه صوب إنهاء تأليف الحكومة، وإصدار المراسيم، وإن كان، بعض من زار بيت الوسط، بقي مرجحاً ان تأخذ المسألة ساعات قليلة إضافية، في ضوء ما تردّد عن عقد اجتماع حاسم اليوم لبت العقدة الدرزية، في ضوء ما استقرت عليه المخارج خلال الاجتماع المطوّل بين الرئيس الحريري والنائب طلال أرسلان، ثم مع الوزير جبران باسيل.. ولبت مسألة الحقائب العالقة، والتي يتشارك في التنافس حولها، التيار الوطني الحر، والتقدمي وتيار المردة..
على ان المتفق عليه ان عناصر التشكيل تقدمت على ما عداها، وان الدخان الأبيض بات يسابق المطر الرعدي، الذي ينتظره لبنان خلال 48 ساعة المقبلة..
وفرضت العقوبات الجديدة على حزب الله نفسها على الطاولة، وقالت مصادر المعلومات ان وزارة الصحة خرجت من حصة حزب الله، ويمكن ان تؤول إلى تيّار «المردة» إذا ذهبت الاشغال إلى التيار الوطني الحر..
وأشارت المعلومات إلى ان المدى الأبعد للتأليف لا ينتظر أبعد من الأسبوع المقبل..
دعم رؤساء الحكومات
وفي تقدير مصادر سياسية، ان انتهاء مهلة الأيام العشرة، التي كان تحدث عنها الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة، كانت دافعاً للرئيس الحريري لاطلاق «تيربو» التأليف، عشية اللقاء المفترض ان يتم قريباً مع الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا، علماً ان هذه المهلة، كانت بناءً على وعود إيجابية لتسهيل التشكيل، كان الحريري تلقاها من فرقاء سياسيين لم يصدقوا بها، على ما كشف زوّار «بيت الوسط» أمس، الذين نقلوا عنه ثباته على مواقفه رغم الضغوط التي يتعرّض لها، وانه «لن ييأس من مواصلة اتصالاته من أجل تقريب وجهات النظر لولادة طبيعية لحكومة الوفاق الوطني»، متسلحاً بدعم ومساندة طائفته، لا سيما رؤساء الحكومة السابقين الذين عقدوا معه اجتماعاً مساء أمس، وضعوا فيه كافة امكانياتهم لمساعدته.
وأوضح الرئيس فؤاد السنيورة لـ«اللواء» ان «الاجتماع مع الرئيس الحريري هو لقاء دوري للتشاور معه حول المستجدات بالنسبة للوضع الحكومي، ولتأكيد دعمنا له والوقوف إلى جانبه».
ولفت الرئيس السنيورة، رداً على سؤال، إلى «ان الحريري متفائل دائماً، لكن العراقيل على حالها، الا انه مستمر وصامد، وهو يتابع عمله، ويمد يده إلى كل الأطراف، لكن المهم ان يمدوا هم أيديهم له».
ورداً على سؤال آخر، لم يستبعد السنيورة ان يزور الرئيس الحريري قصر بعبدا، لكنه لفت إلى ان جوهر المشكلة تكمن في هل تكون الحكومة المقبلة متضامنة ومنسجمة، في حال استمرت المناكفات والخلافات بين الفرقاء السياسيين، ملاحظاً بأنه في 30 تشرين الحالي، ستأتي ذكرى انتخاب الرئيس عون، ولا ادري ماذا سيقول إذا سئل لماذا لم تشكّل الحكومة، رغم مرور أكثر من خمسة أشهر على التكليف؟
وعما إذا كانت الحكومة قريبة، أجاب: «ليست قريبة، لكنها ليست بعيدة».
وعكست الإشارة الأخيرة من قبل الرئيس السنيورة إلى ان اللقاءات التي أجراها الرئيس المكلف مساء أمس، قد تفضي إلى فتح فجوة في جدار العراقيل التي تحول دون تشكيل الحكومة، وان الإيجابيات بدأت تتقدّم على السلبيات، خصوصاً وأنه سجلت أمس، وللمرة الأولى، حالة من التهدئة وتبريد الساحة المسيحية بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، نجمت عن طلب الوزير جبران باسيل من مناصري التيار ومؤيديه وقف الحملات الإعلامية ضد «القوات» في خطوة وصفها وزير الإعلام القواتي ملحم رياشي، بأنها «جيدة» وتخدم الإطار الصحيح للمصالحة، على الرغم من ان ما جرى في ذكرى 13 تشرين لم يكن جيداً بل كان معيباً للمصالحة واللبنانيين والمسيحيين، بحسب قوله.
وفي المعلومات، ان الوزير باسيل زار «بيت الوسط» ليلاً بعيداً عن الإعلام، من دون ان تتسرب أية معلومات عن حصيلة هذا اللقاء، وان كانت مصادر قصر بعبدا لاحظت ان الأمور تتحرك في مناخات إيجابية، وان المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف من شأنها ان توصل إلى تشكيل الحكومة.
وقالت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ«اللواء» ان اللقاء بين الرئيسين عون والحريري لم يحدد بعد ومن غير المعروف اذا كان سيعقد اليوم، لكنها اكدت ان الأمور ايجابية في ما خص تأليف الحكومة وهناك حركة متواصلة اليوم وغدا قد تفضي الى اتفاق نهائي، على ان يتم التريث بإعلان ولادة الحكومة الى حين عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري من الخارج.
الى ذلك علمت «اللواء» من مصادر النائب طلال ارسلان ان ما من اضافة على ما ذكره بعد لقاء الحريري في بيت الوسط. واشارت مصادر مطلعة الى ان الأهمية تكمن في قيام اللقاء ببنهما بحد ذاته بعدما كان يتم ايصال الرسائل بالإعلام.
وقالت ان الرئيس المكلف سيتشاور مع الاشتراكي بما دار بينه وبين ارسلان لاسيما ان رئيس الحزب الديمقراطي تحدث عن عدم ممانعته ان يتم اللقاء مع جنبلاط بحضور الحريري.
وعلى صعيد اخر افادت مصادر ديبلوماسية لـ«اللواء» ان المسؤولين اللبنانيين سينشغلون بزيارة تقوم بها الأميرة فكتوريا ولية عهد السويد قريبا الى بيروت حيث من المقرر ان تلتقي بكبار هؤلاء المسؤولين.
وأشارت مصادر متابعة لعملية التأليف لقناة O.T.V الناطقة بلسان التيار الحر، إلى ان مفاوضات التشكيل أصبحت في اللحظات الأخيرة، لافتة إلى ان المشكلة تقف الآن على ثلاث وزارات هي: العدل والتربية والاشغال.
ولفتت إلى ان «القوات» تطالب بالعدل بدلاً من التربية باعتبارها وزارة وازنة، والحزب الاشتراكي يطالب بالتربية بدلاً من الصحة، رغم ان هذه الحقيبة حسمت لـ«حزب الله».
اما بالنسبة إلى الاشغال، فالظاهر ان كلاً من التيار و«المردة» مصران على هذه الوزارة، ويطالب «المردة» بالطاقة في حال أعطيت الاشغال للتيار، وقالت ان من يرضى بوزارة العمل يحل المشكلة.
العقدتان الدرزية والمسيحية
وكان الرئيس الحريري، أنصرف مساءً إلى محاولة معالجة العقدتين المسيحية والدرزية، والتقى لهذه الغاية كلاً من الوزير ملحم رياشي موفداً من رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان، فيما ترددت معلومات انه (أي الحريري) التقى بعيداً عن الإعلام الوزير باسيل الذي تردّد أيضاً انه زار ليل الجمعة - السبت الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله في الضاحيةا لجنوبية لمدة ثلاث ساعات، الا ان أي تأكيد أو نفي لهذا اللقاء لم يصدر لا من قبل «حزب الله» ولا من قبل «التيار الحر».
وعكست تصريحات كل من الوزيرين أرسلان ورياشي، وجود اتجاهات إيجابية على صعيد مساعي تأليف الحكومة، لكنها ما زالت تحتاج إلى مزيد من الاتصالات والجهود، إذ قال أرسلان بعد اللقاء مع الحريري الذي لم يخل من عتب، بأنه يريد تسهيل مهمته، إنما ليس على حساب الغائه من الوجود، مبدياً استعداده لأي لقاء يجمع بينه وبين رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، برعاية الحريري أو برعاية الرئيس ميشال عون، وان لا نوايا لديه على الإطلاق لكسر أحد أو إظهار ان أحدهم ربح أو خسر، لافتاً إلى انه قدم ثلاثة تنازلات الأوّل قبوله بعدم وجوده الشخصي في الحكومة، وقبوله بأن يسمي حزبيين في الحكومة، ومن ثم استعداده لأن يسمي اصحاب كفاءة دروز قريبين منه ولكن من خارج الحزب الديمقراطي، إلا انه قال بأنه لم يعد قادراً على التسهيل اكثر».
اما الوزير رياشي، فقد لاحظ ان الامور تأخذ اتجاهات أكثر إيجابية، وان الطريقة التي يعمل بها الرئيس الحريري، والتي لدينا ثقة كبيرة به، ممكن ان تصل إلى نتيجة، وان تؤدي إلى إنتاج حكومة في وقت قريب، الا انها تحدث عن وجود عراقيل ومطبات وان الرئيس المكلف يعمل على تذليلها شيئاً فشيئاً، مستبعداً ولادة الحكومة خلال أيام وربما تحتاج إلى أكثر.
وإذ رفض الدخول في تفاصيل مسألة الحقائب، أو وجود شيء يسمى حصة «القوات»، أكّد ان الأمور متفق عليها منذ آخر لقاء جمع الحريري وجعجع، لكن تبقى تفاصيل صغيرة بسيطة لها علاقة بالتركيبة بشكل عام وإعادة لنظر بمتوضع بعض الحقائب بين مكون سياسي وآخر، لافتاً إلى ان الرئيس نبيه برّي كان يسهل كثيراً التشكيل، وهو كان عاملاً مساعداً اساسياً بالوصول إلى التشكيلة السابعة، ملمحاً إلى ان الوزير باسيل الذي وصفه بالصديق، يمكن ان يكون غير رأيه بفكرة «المعيار العادل» باتجاه ايجابي، الا انه لم يشأ الدخول في التفاصيل، باستثناء الإشارة إلى البيان الذي صدر أمس عن «التيار الوطني الحر» بوقف الحملات ضد «القوات».
وذكرت مصادر في الحزب الاشتراكي متابعة لمفاوضات تشكيل الحكومة ان لا شيء جديدا حتى الان في معالجة ما يعيق تشكيل الحكومة، وان التشاور مستمر لتوزيع الحقائب، وكل ما يتردد عن حقائب معينة للحزب كالتربية والعمل والزراعة لا زال غير نهائي، وهناك عروض لا زالت قيد البحث لذلك لا شيء نهائيا حتى الان.
وقالت مصادر متابعة للاتصالات ان عقدة تمثيل «القوات اللبنانية» لا زالت ايضا قيد البحث، لأن «القوات» لا زالت متمسكة بأربع حقائب خدماتية واساسية.
التضامن مع المملكة
وسط هذه الأجواء، برز تضامن إسلامي لبناني جامع مع المملكة العربية السعودية في مواجهة حملات الإساءة التي تتعرض لها وقيادتها على خلفية الملف المرتبط بقضية اختفاء الصحافي جمال خاشقجي في اسطنبول.
وفي هذا السياق، أبدى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان اسفه امام زواره لما تتعرض له المملكة من سهام حاقدة وخبيثة تهدف النيل من سياستها الحكيمة والرشيدة، مؤكداً ان حملة الابتزاز السياسي على المملكة قبلة المسلمين فيها استفزاز وتحد لمشاعر اكثر من مليار مسلم، كما ان دور المملكة في نشر ثقافة الاعتدال ومحاربة التطرف والتعاون مع دول العالم في محاربة الإرهاب محل تقدير العالم المتحضر، ومن المؤكد ان شعوب العالم العربي والإسلامي ستقف مع المملكة وستكون بالمرصاد في وجه حملات الابتزاز السياسي.
وشدّد الرئيس نجيب ميقاتي في بيان على ان المملكة لم تكن على مر التاريخ الا حاضنة للاعتدال والسلام، أملاً ان تكشف الأيام المقبلة الغموض الذي يكتنف قضية خاشقجي وتتضح كل الحقائق، فيما لاحظ الرئيس السنيورة ان البعض يحاول استغلال هذه القضية للاصطياد في الماء العكر وتوجيه سهامه إلى المملكة ودورها في العالم العربي والعالم، داعياً إلى «تجنب الاتهامات غير المثبتة في قضية الخاشقجي وضرورة التركيز على الحقائق لا على الشائعات وألاعيب بعض الاعلام».
وأشار بيان لسفارة الإمارات العربية في بيروت صدر في أعقاب زيارة السفير حمد الشامسي للقائم بأعمال السفارة السعودية وليد بخاري، إلى ان السفير الشامسي أكد «موقف الإمارات الثابت إلى جانب الأشقاء في المملكة العربية السعودية ضد كل ما يتعرضون له من محاولات لزرع الفتن والشقاق لتحقيق مآرب ومصالح معروفة الأهداف والغايات»، مشددا على أن «لا أحد يستطيع المس بموقع المملكة ومكانتها التاريخية كضمانة لأمن واستقرار العالمين العربي والإسلامي والمنطقة برمتها».
معبر «نصيب»
حياتيا، اشاع إعادة فتح معبر نصيب على الحدود بين الأردن وسوريا، أمس، تفاؤلاً في أوساط المزارعين اللبنانيين والمصدرين، في استعادة الحركة التجارية والتصديرية باتجاه دول الخليج، بعد توقف استمر من العام 2015 تكبد خلاله المزارعون والتجار والمصدرون خسائر مالية كبيرة، بسبب الخطر الأمني على الحدود أولاً، واستحالة مرور الشاحنات بين لبنان والأردن عبر سوريا.
وأكّد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إمكانية مباشرة المزارعين وأصحاب الشاحنات عملية التصدير، وذلك بعد اجرائه اتصالات مع الجانب السوري، وهذه الاتصالات نفت علامات الاستفهام التي طرحت بشأن منع دخول وخروج البضائع من لبنان واليه عبر الأراضي السورية.
ونوّه الرئيس عون بالاتفاق بين السلطات الأردنية والسورية على فتح معبر نصيب الحدودي، معتبراً ان هذا الأمر سيعود بالفائدة أيضاً على لبنان ويعيد وصله براً بعمقه العربي، بما يتيح انتقال الأشخاص والبضائع من لبنان إلى الدول العربية وبالعكس