"في البدء يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر"، هذه أحد أهم أقوال الأسطورة غاندي، والتي تعبّر عن مراحل حياته بصدقٍ لم تعبّر عنه كل السير والحكايات التي رسمت ممرّات حياته.
ولد المهاتما غاندي (أبو الهند) أي الروح الكبيرة، عام 1869 في قرية راجكوب،وسمّي بهذا الاسم لأنه قاد مئات الملايين على طريق الحرية بقوته الروحية التي أدهشت العالم، وهو ينتمي إلى أسرة هندوسية اشتهرت بالصدق والشرف والشجاعة.
كان غاندي في الرابعة والعشرين من عمره عندما هبط في جنوب إفريقيا حيث كان جحيم الشقاء مستثري في الهند، وكان الألوف من العمال الهنود يعانون من الظلم والاضطهاد ويخضعون لقانون التمييز العنصري، التي لم ينجو منها غاندي، وكيفما توجّه كان يُقابل بالإزدراء، فقرر أن يطلق الصبر وأن يبادر إلى النضال دفاعاً عن حقوق الفرد وكرامة الإنسان، وعلى الرغم من استمرار غاندي في دعوته إلى اللاعنف والنضال السلمي، فقد نشبت عام1921 معارك دامية بين الهنود والإنكليز، كما أن السلطة الإستعمارية كانت تبذل قصارى جهدها للتفريق بين الهندوس والمسلمين، وبذر الشعور الطائفي فيما بينهم، فردّ غاندي عليها في4تشرين الأول 1921، بإعلان تضامنه التام مع المسلمين مع أنه هندوسيّ، وانتشرت هذه الفكرة بسرعة مذهلة فراح مئات الألوف من السكان يحرقون الأقمشة الإنكليزية ويعتبرونها رمزاً للعبودية والاستعمار، وخاض غاندي ثورات كبيرة أثّرت بالرأي العام العالمي، فبدأت المطالبة في الدول الأوروبية بإرغام بريطانيا على إنصاف المظلومين واحترام حقوق الأمّة الهندية، حيث أعلنت بريطانيا خروجها من الهند في حزيران عام1948.
توفي غاندي في 30 كانون الثاني من عام 1948 بعد إطلاق النار عليه من قبل أحد المتطرّفين الهندوس، الذين اعتبروه متساهلاً مع المسلمين أكثر مما تسمح به مصلحة الهند، كما كان قاتله على اتصال بالإنكليز، فقتلوه ظنّناً منهم أنهم سيخمدوا بذلك شعلة النضال التي أعادت الأمل للملايين بالحياة الحرّة الكريمة، ولكنه ظلّ رمزاً أبدياً للحرية لم ولن تمحيه سياسة الاستعمار الغاشم...