اطمأن الموفد الرئاسي الفرنسي السفير بيار دوكان إلى التزام لبنان بالسير تشريعياً واجرائياً بمقررات مؤتمر «سيدر» لمساعدة لبنان على الخروج من الضائقة المالية والاقتصادية وللشروع في إعادة تأهيل البنى التحتية، وفتح مجالات العمل، كما نقل رسالة بالالتزام الفرنسي بوضع مقررات «سيدر» على المستويات الثلاثة التي ارتكز إليها موضع التنفيذ: مشاريع البنى التحتية، تمويل المشاريع والاصلاحات، باعتبار ان «سيدر» يعني مؤتمراً اقتصادياً للتنمية على المدى البعيد.
واستدرك السفير دوكان، الذي عمل على التحضير لمؤتمر «سيدر» ان التطبيق يمكن ان يبدأ فعلياً حين تكون هناك حكومة لبنانية، معرباً عن أمله ان يحصل ذلك سريعاً.
وقال مصدر دبلوماسي لـ«اللواء» ان فرنسا وعلى لسان موفدها تربط بين بقاء الحريري على رأس الحكومة وتنفيذ مؤتمرات سيدر.
وفي السياق، وفي انتظار عودة الرئيس ميشال عون من يريفان اليوم، فإن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أكّد ليل أمس في برنامج تلفزيوني ان هناك حكومة، وهي ستؤلف بالتعاون بين الرئيسين عون والحريري، داعياً إلى ترقب موقف المجلس النيابي، لجهة منحها الثقة أم لا، وعندها يسقط التكليف الممنوح للرئيس الحريري، في حال لم تحصل على الثقة المطلوبة.
واعتبرت مصادر نيابية قريبة من 14 آذار ان تصعيد باسيل جاء عشية لقاء بعبدا المرتقب بين رئيسي الجمهورية والحكومة، معتبراً ان اللعبة باتت مكشوفة، وهي الخروج من تكليف الحريري، بإسقاط حكومته في المجلس النيابي.
لقاء عون - ماكرون
على صعيد متصل، وفي تقدير مصادر مطلعة، ان اللقاء الذي سيجمع اليوم الرئيس ميشال عون والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، على هامش القمة الفرنكوفونية المنعقدة في العاصمة الأرمينية يريفان، يمكن ان يؤسّس أو يمهد للقاء الرئيس عون مع الرئيس المكلف سعد الحريري، والذي رجحت معلومات ان يتم غداً السبت، بخصوص احداث نقلة نوعية كبيرة في موضوع تأليف الحكومة، قد تكون بطرح صيغة حكومية متطورة، أو معدلة، تضع حداً للتجاذب الحاصل حول الحقائب التي «تتناتشها» القوى السياسية المعنية، ولا سيما الخدماتية منها.
وعلى الرغم من انه لا يمكن التكهن بما سيطرح في لقاء الرئيسين عون وماكرون من مواضيع، خاصة وان الملفات متعددة، الا أن المعروف ان مقاربة فرنسا للملف الحكومي اللبناني تقوم على عدم التدخل، لكنها تؤكد على أهمية تشكيل الحكومة سريعاً لمواكبة الاستحقاقات المرتقبة، وفي مقدمها تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر»، والتي كانت حضرت بقوة من خلال زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي إلى بيروت السفير بيار دوكان، والتي ظهر ان دلالاتها سياسية أكثر مما هي تقنية.
وبحسب المعلومات، فإن المحادثات التي أجراها السفير دوكان أمس، مع كل من الرئيسين نبيه برّي والحريري، تجاوزت موضوع متابعة تنفيذ مقررات «سيدر» على المستويات الثلاثة التي ارتكز عليها على صعيد تنفيذ مشاريع البنى التحتية والتمويل والاصلاحات إلى ضرورة تشكيل الحكومة، على اعتبار ان كل هذه الأمور لا يمكن ان تتم الا بعد تشكيل الحكومة، وفق ما أكّد عليه الموفد الفرنسي، لأنه «لا يمكننا استباق القرارات السياسية التي يمكن لهذه الحكومة ان تتخذها، لتحضير الأمور تقنياً أيضاً».
ولفت دوكان النظر، بعد لقاء الرئيس الحريري إلى ان المجتمع الدولي ينتظر تشكيل الحكومة سريعاً، خاصة وان ثمة ستة شهور مرّت منذ «سيدر»، وما زلنا ننتظر حكومة تنفذ كل القرارات المتخذة، والتي بعضها سياسي وبعضها الآخر تقني».
واغتنم المسؤول الفرنسي فرصة زيارته للرئيس برّي فثمن ما قام به مجلس النواب بإقرار سلسلة قوانين تتعلق بـ«سيدر» من تهيئة الأجواء حتى لا تضيع ستة أشهر أخرى غير الأشهر الستة الماضية، وتطرق الحديث إلى بعض التفاصيل والمواضيع والقوانين التي يجب ان تنفذ لحسن سير الإدارة في لبنان، وإلى مؤتمر روما وتعزيز دعم الجيش اللبناني، وإنشاء قوة بحرية لبنانية، وكان تشديد خلال اللقاء أولاً واخراً على وجوب الإسراع بتشكيل الحكومة.
ولم تستبعد المصادر المطلعة، ان يكون السفير دوكان سجل ملاحظات من محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين، زود بها الرئيس ماكرون لكي يثيرها مع الرئيس عون، بخصوص تعقيدات تأليف الحكومة، وانعكاساتها السلبية على مؤتمر «سيدر». وسيتطرق البحث أيضاً إلى موضوع زيارة الرئيس الفرنسي إلى بيروت في الربيع المقبل.
عون نائباً لرئيس الفرانكوفونية
وكان الرئيس عون الذي انتخب نائباً لرئيس القمة الفرانكوفونية التي افتتح أعمالها أمس في مركز دمرجيان للمؤتمرات في العاصمة الأرمينية، قد اعتبر ان الفرانكوفونية تهدف فضلاً عن جعل اللغة الفرنسية قريبة ومحبوبة من المجتمعات، إلى تعميق الحوار بين الحضارات وتقريب الشعوب عبر معرفة بعضها البعض».
ورأى في الكلمة التي القاها امس في القمة أن «لبنان، بمجتمعه التعددي حيث يتعايش المسيحيون والمسلمون جنبا إلى جنب ويتقاسمون السلطة والإدارة، وبما يختزن من خبرات أبنائه المنتشرين في كل أصقاع العالم، وبما يشكل من عصارة حضارات وثقافات عاشها على مر العصور، يعتبر نموذجيا لتأسيس أكاديمية دولية لنشر وتعزيز هذه القيم».
ولفت إلى أنه تقدم إلى الأمم المتحدة بترشيح لبنان ليكون مقرا رسميا لهذه الأكاديمية «أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار «.
وأكد أن الحاجة ملحة إلى إنشاء مؤسسات دولية متخصصة في التدريب ونشر الحوار بين الحضارات والأديان والأعراق، لإرساء ثقافة السلام.
وأعرب عن تقديره وسروره بالقرار الذي اتخذته المنظمة الفرنكفونية باعتمادها بيروت مقرا لمكتبها الإقليمي في الشرق الأوسط، وحيا كل من ساهم في التوصل الى هذا القرار، واعداً بتقديم كل الدعم اللازم للمكتب الجديد كي يتمكن من القيام بدوره ومهامه».
المهلة تتلاشى
في غضون ذلك، بقي التأليف الحكومي موضع أخذ ورد، بحيث تلاشت معها موجة التفاؤل بإمكان إنجاز التشكيل في مُـدّة الأيام العشرة التي كان الحريري حددها يوم الخميس الماضي، أو على الأقل انحسرت لا سيما مع مغادرة الرئيس برّي بيروت اليوم إلى سويسرا لمدة أسبوع، وهو طلب من نائبه ايلي الفرزلي ترؤس الجلسة النيابية العامة الثلاثاء المقبل لتجديدانتخاب هيئة مكتب المجلس واللجان واستعداد الرئيس الحريري بدوره للسفر إلى لندن، بحيث بات مستبعداً صدور مراسيم الحكومة ضمن مهلة الأيام العشرة، على الرغم من ان أوساط برّي شددت على عدم الربط بين زيارة سويسرا للمشاركة في اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي، وبين عدم إمكانية تأليف الحكومة.
وبحسب ما هو متوافر من معلومات، فإن العقد باتت محصورة في عملية توزيع الحقائب بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار «المردة»، وتتركز اساساً على من يشغل حقيبة الاشغال التي يطمح إليها الجميع، فيما «القوات» لم تعد محمسة للثقافة، وتضع عينها على التربية التي باتت محسومة للاشتراكي أو العدلية التي يريدها التيار العوني لنفسه، فيما الصحة باتت محسومة لـ«حزب الله».
وفي السياق، اعلن نائب تكتل الجمهورية القوية جورج عقيص في تصريح لـ«اللواء» ان القوات اللبنانية لم تلمس حتى الآن اي طرح جدي قدم لها في ما خص مشاركتها في الحكومة.
واذ لفت النائب عقيص الى انه حتى اللحظة ما من شيء جديد يمكن ان يدفع الى القول ان الملف الحكومي اصبح على السكة النهائية، اوضح ان الأمور تتبدل لكن حتى الآن لا شيء.
وقال ردا على سؤال عن تمسك القوات بحقيبة العدل او حقيبة اخرى ان ما من اصرار على حقيبة معينة انما ننتظر عرضا من سلة متكاملة بما يتناسب مع حجمنا.
واضاف: لم يعرض علينا اي شيء رسمي كي نرفضه او نقبله وما يعرض علينا قابل للنقاش، مشيرا الى اننا نسمع الكثير في الإعلام لكن ما من تقدم جدي يدعو الى الكم الكبير الى التفاؤل اقله في ما خص القوات والمشاركة في الحكومة.
وكان نائب رئيس «القوات» النائب جورج عدوان قد اتهم رئيس «التيار الحر» الوزير باسيل بالتعدي على صلاحيات رئيس الحكومة، متسائلاً ما دوره إذا أرادوا ان يقولوا انه شكل الحكومة التي يريدون؟
باسيل
اما الإطلالة الإعلامية لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، عبر برنامج «صار الوقت» الذي يقدمه الزميل مارسيل غانم على شاشة M.T.V، فكانت تبريرية توضيحية لمواقف سابقة أعاد تكرارها، لكنها لم تكن إيجابية، بمعنى تسهيل ولادة الحكومة، وان كان اعتبر التيار تساهل في التخلي عن حقيبتي المالية والداخلية، والتخلي عن تمثيل السريان والعلويين، معلناً انه لا يمانع في إعطاء «القوات اللبنانية» حقيبة سيادية، وانه سبق ان عرض ان تأخذ «القوات» حقيبتي الخارجية، أو الدفاع، فقيل له ان هناك ممانعة، فطرح على الرئيس الحريري اعطاءهم الداخلية وليأخذ هو الخارجية لكن الأمر لم يتم.
ولفت الى ان كثيرين يتمنون حصول مشكلة بينه وبين الرئيس الحريري، لكن الأمر لن يحصل، معتبراً ان مؤتمره الصحفي الأخير لم يعرقل تشكيل الحكومة، مكرراً استعداده لعدم المشاركة في الحكومة، و«اننا إذا كنا خارج الحكومة لن نخرب».
ونفى باسيل ان يكون هو من يضع معيار تأليف الحكومة، بل ان واجبه ان يقترح، مؤكداً ان لا حكومة من حصة رئيس الجمهورية، وان حصة «القوات» في رأيه هي ثلاثة وزراء، ولكن لا مانع ان يعطيهم غيرنا من حصته، داعياً للعودة إلى روحية اتفاق معراب، مشيراً إلى ان هدفه ليس أحد عشر وزيراً أو أي رقم آخر، ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لا يحتاجان للثلث المعطل، معتبراً ان هذا الطرح اخترعوه لالهاء النّاس.
وأشار إلى ان «اتفاق معراب تحدث عن تقاسم الوزارات المسيحية بيننا وبين «القوات» بعد احتساب حصة الرئيس ومع حفظ تمثيل الآخرين»، وقال ان «روحية اتفاق معراب هو ان نتعاون مع بعض من أجل العهد وليس من أجل ان نقاتل بعضنا بعضاً»، معتبراً ان ما رأيناه بين الطلاب لا أريده ابداً ولا اقبل به، واتوجه إلى كل الطلاب بأننا جيل يبني السلام وقوتنا بتنوعنا».
وأكّد باسيل، الذي توجه ليلاً إلى أرمينيا للانضمام إلى الرئيس عون في لقائه مع الرئيس ماكرون، انه ليس مرشحاً لرئاسة الجمهورية احتراماً للرئيس عون أولاً ولنفسي ثانياً، وقال انه «يفهم ان يقوم الغير بمعركته لبعد 6 سنوات، لكن هذه الرئاسة مع فريقنا، ما المنطق حتى ان أكون رئيساً للجمهورية، فهذا الموضوع يجب ان يطرح بعد انتخابات العام 2022. ولفت إلى انه إذا كان سليمان فرنجية قادراً على مسامحة من قتل عائلته، فسيكون قادراً ان يسامح من يعتبر انه أخذ الرئاسة من دربه، في إشارة إلى جعجع، معتبراً ان أكثر من يعرقل خطة الكهرباء الآن هم «القوات»، معلناً انه ضد بواخر الكهرباء لكنها حل مؤقت حتى إنجاز بناء المعامل، كاشفاً بأن الحكومة أخذت قراراً ببناء معمل دير عمار منذ ستة أشهر وحتى الآن لم يبدأ البناء».