مطرب وملحّن لبناني، يُعد أحد عمالقة الطرب في لبنان والعالم العربي لدوره الرائد في ترسيخ قواعد الغناء اللبناني ونشر الأغنية اللبنانية حتى أصبح مدرسة في الغناء والتلحين بالوطن العربي، كما قيل عنه في مصر أنه مبتكر “المدرسة الصافية” في الأغنية الشرقية، وهو يحمل ثلاث جنسيات “المصرية والفرنسية والبرازيلية” إلى جانب جنسيته اللبنانية.
ولد “وديع بشارة يوسف جبرائيل فرنسيس” يوم 1 نوفمبر عام 1921م في قرية نيحا الشوف بمحافظة جبل لبنان، لأب رقيب في الدرك اللبناني يعول عائلة مكونة من 8 أولاد يأتي في الترتيب الثاني بها، قضى وديع طفولة يغلب عليها طابع الفقر والحرمان مما اضطره للانتقال مع عائلته إلى بيروت في عام 1930م والالتحاق بمدرسة دير المخلص الكاثوليكية، إلا أنه توقّف عن الدراسة بعد ثلاث سنوات لكي يساعد والده في إعالة العائلة.
تزوج الفنان “وديع الصافي” عام 1952م من إحدى قريباته وتُدعي “ملفينا طانيوس فرنسيس” والتي أنجب منها ستة أبناء هم “دنيا - مرلين - فادي - أنطوان - جورج – ميلاد”.
كان جو الموسيقى يطغى على حياة “وديع الصافي” منذ طفولته حيث كان المنشد الأوّل بالمدرسة، وكان يسعي دائماً لتحقيق حلمه في الغناء حتى جاءت انطلاقته الفنية للمرة الأولي عام 1938م عقب فوزه في إحدى مسابقات الإذاعة اللبنانية بالمرتبة الأولى لحنًا وغناء وعزفًا من بين أربعين متسابقاً من خلال أغنية “يا مرسل النغم الحنون”، وقد اتفقت لجنة المسابقة على اختيار اسم “وديع الصافي” كاسم فني له نظرًا لصفاء صوته.
تتلّمذ الفنان “وديع الصافي” في إذاعة الشرق الأدنى التي كانت بمثابة معهد موسيقي تعلم به أصول الفن على يد “ميشال خياط” و”سليم الحلو”، اللذين كان لهما الأثر الكبير في تكوين شخصيته الفنية، وبدأت مسيرته الفنية بشق طريق للأغنية اللبنانية من خلال أغنية “طل الصباح وتكتك العصفور” عام 1940م مع الشاعر “أسعد السبعلي”.
في عام 1947م سافر “الصافي” مع فرقة فنية إلى البرازيل حيث أمضى 3 سنوات، وعندما عاد أطلق أغنية “عاللّوما” التي ذاع صيتها وأصبحت بمثابة التحية التي يلقيها اللبنانيون على بعضهم بعضا، فكان أول مطرب عربي يغني الكلمة البسيطة وباللهجة اللبنانية بعدما طعّمها بموال “عتابا” الذي أظهر قدراته الفنية، كما كانت “ولو” علامة فارقة في مشواره الفني وسبباً في تربعه على عرش الغناء العربي حتى لُقب بـ”صاحب الحنجرة الذهبية.
إلا أن نشوب الحرب اللبنانية أجبرت وديع الصافي على مغادرة لبنان عام 1976م حيث اتجه إلى مصر ومن بعدها إلى بريطانيا، ليستقر عام 1978م في باريس، ومنذ الثمانينات بدأ في تأليف الألحان الروحية نتيجة معاناته من الحرب وويلاتها على الوطن.استمر الفنان والملحن اللبناني عقب خضوعه لعملية القلب المفتوح عام 1990م في عطائه الفني بالتلحين والغناء، فعلى الرغم من اقتراب عمره من الثمانين إلا أنه شارك في إحياء العديد من الحفلات الغنائية بلبنان وخارجها حيث حصد نجاحاً منقطع النظير أعاد وهج الشهرة إلى مشواره الطويل، كما أنه لم يغب عن برامج المسابقات التلفزيونية الغنائية لاكتشاف وتشجيع المواهب الجديدة.
نال الفنان المخضرم خلال مشواره الفني أكثر من وسام استحقاق منها خمسة أوسمة لبنانية ووسام الأرز برتبة فارس، كما منحته جامعة الروح القدس في الكسليك عام 1991م دكتوراه فخرية في الموسيقى، وفي عام 1989م تم تكريمه بالمعهد العربي في باريس.