«ضروب الحديد وهو حامي». لم ينتظر أساتذة التعليم الثانوي مرور نصف الشهر الأول من العام الدراسي، حتى أقفلوا الثانويات، وتوجهوا إلى وزارة التربية، «عرين» حقوقهم ومطلبهم، على حد تعبيرهم.
مصاعد الوزارة
تُشبه انطلاقة العام الدراسي في المدارس الرسمية حركة المصاعد الأربعة في وزارة التربية والتعليم العالي، البطيئة والعاجزة عن استيعاب حاجة مستخدميها المتأففين «نص ساعة مننطُر وساعة لَنوصَل!».
إنطلق العام الدراسي على وقع تأفف نسبة كبيرة من الاساتذة، فيما الصفوف تقتظ بالتلامذة الذين وجدوا في المدارس الرسمية ضالّتهم. أسباب جمة دفعت رابطة التعليم الثانوي لتعليق العام الدراسي ليوم واحد، أبرزها: «التأخير في رواتب أساتذة التعليم الثانوي الرسمي الجدد المتخرجين من كلية التربية (الأساتذة المتمرنون) وعدم احتساب لهم الدرجات الست، وعدم حل قضية المتعاقدين».
منذ العاشرة والنصف صباح أمس بدأ الاساتذة، وتحديداً المتخرجين من كلية التربية الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ 3 أشهر، بالتجمّع أمام وزارة التربية. بَدا لافتاً مشاركة مجموعة من التلامذة، الرافضين العودة إلى «نغمة الاضرابات»، فوقفوا إلى جانب أساتذتهم يرفعون شعارات منها: «لا يمكن أن نتصوّر نجاح عملية إصلاح التعليم برجال تعليم لا يعيشون نوعاً من الأمن الوظيفي والاستقرار المهني»، «أنقذوا العام الدراسي بإعطائهم حقوقهم وإعطائهم الدرجات الست».
«ربع» حلحلة؟
وقرابة الحادية عشرة إلا ربعاً إلتقى وفداً من الرابطة ومجموعة من الأساتذة المتمرنين، وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، وبحثوا في كيفية صرف الدرجات للأساتذة المتمرنين.
وأكّد حماده «على التغطية القانونية للدرجات، وأعطى توجيهاته لإعداد كتاب إلى وزارة المالية لصرف رواتب الأشهر الثلاثة: آب وأيلول وتشرين الأول 2018، ووضع الدرجات الست من ضمن الاعتماد المنقول بقيمة 14 مليار ليرة، مع حفظ الحق للأساتذة منذ تعيينهم ونجاحهم في دورة الإعداد للكفاءة في كلية التربية.
بعدها، توجّه جباوي لطمأنة المتظاهرين، قائلاً: «الاضراب كان لسبب واحد هو الغموض حيال الدرجات الست، وهناك قرار درجات من كلية التربية في الجامعة اللبنانية من السنة الماضية والدرجات بعد التعيين. بقية الامور ليس لدينا مشكلة فيها، الرواتب سارت ومرسوم الالحاق والتعيين الذي سيلحظ التثبيت ايضاً».
وأضاف: «وعدنا حماده انه سيوجّه كتاباً الى الجامعة اللبنانية يطلب فيه من كلية التربية صرف الدرجات الثلاث مع ثلاثة أشهر عن آب وايلول وتشرين الأول. وهذا الكتاب سيوزّع عليكم فور جهوزه، وستنزل الرواتب مع الدرجات الثلاث، وسنتابع ولن نسكت».
خيبة المتعاقدين
وبينما كان جباوي يخاطب المتظاهرين، كانت مجموعة من حراك المتعاقدين الثانويين برئاسة حمزة منصور تنتظر في الصالون في الطابق الـ15 متأملة ان تلتقي الوزير حماده، أكثر من 10 دقائق إنتظروا إلى ان جاءهم الجواب: «معاليه ضَهَر». بلحظة ساد الوجوم على ملامح الاساتذة، عادوا أدراجهم وهم يعيدون حساباتهم.
في هذا السياق، أعرب حمزة لـ«الجمهورية» عن عتب الاساتذة على حمادة، قائلاً: «بصراحة إضراب اليوم (امس) لم يكن مدروساً، كان بوسع الجميع الجلوس مع الوزير طالما انّ اجتماعا صباحيا عُقد. لذا، المتعاقد كان أكثر المتضررين».
وأضاف: «نحن دعونا إلى الاضراب من أجل الاضاءة على قضيتنا، وبعدما وجدنا أننا «عم نقَبِّع شَوكنا بإيدنا»، وإن لم نتحرك ستموت قضية المتعاقد، ومجموعة من العقود المفسوخة. ولكن بالمقابل بوسع الرابطة في أي دقيقة الاجتماع مع حماده، وحتى من دون الدعوة إلى إضراب. لذا، كان من الافضل لو اننا شاركنا في الاجتماع وطرحنا مشكلتنا على الطاولة».
وأكّد منصور «انّ حمادة كان على علم بلقائنا به، وهذه المرة الاولى التي يغادر بها من دون ان يصغي إلينا، علماً اننا لا نستحوذ على أكثر من 5 دقائق من وقته، كل ما في الامر أننا أردنا مراجعته بالنسبة إلى الزملاء المتعاقدين الذين حُرموا من الساعات والعقود»، مشيراً إلى «انّ الخطوات التصعيدية لن تتوقف، وستكون بالتعاون مع الحراك المدني، وستحمل هموم المجتمع المعيشية».
كباش خفي؟
لماذا لم يشارك المتعاقدون في اجتماعكم مع حماده؟ سؤال حملناه إلى جباوي، الذي أكّد «مساندة الرابطة لكل مكوناتها متى لجؤوا إليها»، مشيراً إلى «انّ المتعاقدين لم يضعوه بصورة تحركهم ولا بإمكانية لقائهم مع حمادة»، مؤكداً «انّ الرابطة تحمل قضيتهم، وحماده طمأنهم مراراً بأنه سيحمي عقودهم».
وأمل جباوي أن يكون الحل للمتعاقدين «عبر المباراة المحصورة، والقائمة على أسئلة ضمن المنهج، ومع علامات تحفيزية، وضمن العمر المفتوح للأساتذة، ستحمل الحل للمتعاقدين»، مشدداً على أهمية «وحدة الصف وعدم التفرد بأخذ القرارات لتحقيق المكاسب».
امّا عن المكاسب التي حصّلها الاضراب، فقال: «يوم واحد موجع لمرة واحدة، ولكن يُحسّن من واقع الاستاذ الثانوي». وأضاف: «طلبنا الجوهري والاساسي لم نركّز بعد عليه أو ندخل في صلبه، نتيجة المشكلات والمطالب الطارئة الداهمة لدى الاساتذة».
وأضاف: «قانون الموقع الوظيفي لأستاذ التعليم الثانوي، يدخل الاستاذ الثانوي على الدرجة 25. صحيح اننا أخذنا 6 درجات، ولكن تنتظرنا معركة الـ4 درجات، وذلك نتيجة فارق الرواتب الكبير بين الاستاذ الثانوي والجامعي».
أما بالنسبة إلى مشكلة التشعيب التي علّق تطبيقها بين طوابق الوزارة، فقال: «كل ما طلبنا به هو تشعيب لنحو 50 ثانوية، وبذلك نكون وفّرنا أمكنة للأهالي الهاربين من المدارس الخاصة وخلقنا فرص عمل للمتعاقدين، وعزّزنا التعليم الثانوي. ولكن المسألة معرقلة».
ورداً على سؤال: لمصلحة من العرقلة؟ يجيب جباوي: «ربما المدارس الخاصة تضغط لعدم التشعيب ومن أجل عدم تأمين أمكنة للتلامذة، وبذلك تحافظ على حد أدنى من أعداد المسجّلين لديها»، مشيراً إلى انّ «أي كلفة مادية للتشعيب لا يجب أن تشكل هاجساً لدى أحد، نظراً إلى انها لن تُربك الدولة ومبلغ «ما بينحَسَبلو حساب» حيال ما تتكبده في قطاعات أخرى».
ختاماً، تستعيد اليوم الثانويات الرسمية نشاطها، ويكمل العام الدراسي طريقه، بعدما تعطلت أعمال الاهالي ودراسة أولادهم، الذين لم يتسنّ لهم الدخول بأجواء العام الدراسي حتى استعادوا «كسل» الصيف!