اشار الرئيس ميشال عون الى ان "أول علاقات الإنسان عند ولادته هي تلك التي يقيمها مع أمه وهي ما سيحدد لغته الأم في ما بعد، تلك اللغة التي سوف تساهم في بناء شخصيته وتميّزه لتأتي فيما بعد لغات أخرى يكتسبها خلال مسيرة حياته تفتح له آفاقاً جديدة من الإثراء الداخلي، وتشكل اللغة همزة وصل بين الثقافات والهويات المختلفة. والفرنكوفونية تهدف فضلاً عن جعل اللغة الفرنسية قريبة من المجتمعات إلى تعميق الحوار بين الحضارات وتقريب الشعوب عبر معرفة بعضها البعض وعليه، إن حضور الفرنكوفونية في الشرق هو تأكيد على التضامن والتفاعل مع اللغة والثقافة العربية، ولعلّ خير شاهد على ذلك، استضافة بيروت للقمة التاسعة للفرنكوفونية في تشرين الأول من العام 2002، وكذلك استضافتها للدورة السادسة للألعاب الفرنكوفونية في العام 2009.
ولفت الرئيس عون خلال كلمته في القمة السابعة عشرة للمنظمة الدولية للفرانكفونية في يريفان، الى انه في خضمّ الصعود المتنامي لقوى ظلامية تقوم على التطرّف والتعصّب وإذكاء مشاعر الإقصاء والتهميش فإن المطلوب اليوم من الفرنكوفونية أكثر من أي وقت مضى أن تؤكد رسالتها القائمة على "العيش معاً" وبالتالي، تبرز أهمية الموضوع الذي يجمعنا اليوم، واشار الى ان لبنان بمجتمعه التعددي والذي تلتقي فيه ديانات ومذاهب عدّة هو بمثابة "عالم مصغر". وبعد سنوات طوال من المحن نجحنا في تجاوز إغراءات "التقوقع على الذات" وصار "العيش المشترك" إرادتنا جميعاً، وغني عن القول إن الإنسان عدو ما ومن يجهل. ومعرفة الآخر بكل نقاط الاختلاف والالتقاء هي الطريق نحو العيش المشترك. من هنا، الحاجة ملحة إلى إنشاء مؤسسات دولية متخصصة في التدريب ونشر الحوار بين الحضارات والأديان والأعراق لإرساء ثقافة السلام.
اضاف قائلا "لبنان بمجتمعه التعددي حيث يتعايش المسيحيون والمسلمون جنباً إلى جنب ويتقاسمون السلطة والإدارة، وبما يختزن من خبرات أبنائه المنتشرين في كل أصقاع العالم وبما يشكل من عصارة حضارات وثقافات عاشها على مر العصور يعتبر نموذجياً لتأسيس أكاديمية دولية لنشر وتعزيز هذه القيم".
وتابع "تقدّمت إلى الأمم المتحدة بترشيح بلادي لتكون مقراً رسميا لهذه الأكاديمية "أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار" ونأمل أن تتجسد المبادرة من خلال إبرام اتفاقية متعددة الأطراف بهذا الخصوص. وفي هذا الإطار يُعتبر دعمكم ومشاركة المؤسسات الفرنكوفونية محورياً لتمكيننا من النجاح بهذا التحدي"، واشار الى إن تقدّم الفرنكوفونية في لبنان، البلد الذي لا يزال قاطرتها في الشرق الأوسط يكتسب أهمية اليوم أكثر من أي وقت مضى في ظل النزاعات السائدة في المنطقة.