حدَّثنا أبو هريرة فقال: "عباد الله. وحدوا الله! لا إله إلا الله والله أكبر. لا إله إلا الله حقاً حقاً. لا إله إلا الله عبودية ورقا. الله أكبر"...
لئن أوحت هذه العبارات لمرددها أو لسامعها أن في القرية أو الضيعة أو في المدينة من أن جنازة يسعى بها القوم لدفنها في المقبرة، لا همَّ لدى المشيعين سوى أنهم يرون جنازة محمولة من جهاتها الأربعة، ولا شيء يدل على أنهم يحملون جنازة تمر سوى تمتمتهم التي لا تخلو من امتعاض "أعوذ بالله، أستغفر الله، إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون"..
في البلد حكيم يراقب من نافذة عيادته المطلة على شوارع المارة، الله يرحم الميت، لقد مات بمرض الزبالة، أظنه مات من المواد المسرطنة، ربما مات من الدواء المغشوش، ولعله من أكل اللحوم والدجاج، بل من علب الأجبان والسردين، جل ما أعرفه أنه مات من أكل الخضار بجرثومة زرعها العدو في أرض البلد، على كل حال "الله أعطى والعدو أخذ"...
إقرأ أيضًا: عثمانية شيعية جديدة!
وفي البلد حكام وزعماء وأحزاب ونواب ووزراء وشيوخ يبرقون برقيتهم لتعزية أهل الميت، إنه محب لأرضه وشعبه وبلده ووطنه، جاهد وكافح وناضل في سبيل العيش وفي سبيل العزة والكرامة، رحمه الله وجعل مثواه الجنة،كيف يمكن لشعب أن يموت ويوضع في تابوت الوطن زعماؤه كلهم يتميزون بثقافة عالية وبروحية صافية نقية، وبضمير لا يموت ولا يخشى في الله لومة لائم، ألم ترى أيها الميت نجاحنا الباهر في تجارتنا وإقتصادنا في قطاعنا الخاص؟!
فحريٌ بنا أن لا نعجز عن إنقاذك قبل موتك وإنقاذ هذا البلد من شر الوسواس الخناس الذي يسيطر على نفوس وصدور الناس من الجنة والناس، إن هذا البلد بكل طاقاته وأركانه يتمتع بجودة عالية لا مثيل لها إن على صعيد الدين والأخلاق والضمير أو على صعيد التنمية والتحرير من كل شيطانٍ رجيم، وأنت تعلم أيها المواطن الميت الشريف أنَّ في هذا البلد رجالٌ عاهدوا الله وأقسموا أن يحموك من كل مرضٍ يفتك بجسمك الطاهر، هم قديرون ويتميزون بكل المواهب المتعددة التي منّها الله عليهم من أجل أن تعيش بكرامة، هم رجال ناجحون ومتميزون في شركاتهم وأحزابهم وأعمالهم، إلا أن نظرية المؤامرة هي أكبر من حياتك وإن مت في مرضك، إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..