أعاد الرئيس سعد الحريري إطلاق عجلة تشكيل الحكومة. حفل بيت الوسط بلقاءات متعددة على خطّ التشكيل. وأكد الرئيس المكلف مهلة الأيام العشرة للوصول إلى التشكيلة الحكومية، إذ يعتقد أن الأمور ستتبلور بعيد عودة رئيس الجمهورية ميشال عون من زيارته إلى أرمينيا للمشاركة في القمة الفرنكوفونية التي سيلتقي خلالها بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. وتكشف مصادر متابعة عن أن تفاؤل الحريري الذي أعلنه قبل أيام، مردّه إلى جملة معطيات أبرزها رسائل فرنسية متعددة تلقاها المسؤولون اللبنانيون وستتبلور في اللقاء بين ماكرون وعون، بالإضافة إلى مساعٍ عربية عملت في سبيل تشكيل الحكومة.
وتلفت مصادر متابعة إلى أن الحريري تلقى جملة رسائل فرنسية بعيد الحراك الذي أجراه السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه. وتتركز هذه الرسائل على ضرورة السير بتشكيل الحكومة لتجنيب لبنان المزيد من الصعوبات الاقتصادية ولعدم اضاعة فرصة مؤتمر سيدر. وتشدد الرسالة الفرنسية على أن ماكرون يدعم الحريري حتى النهاية في مساره الحكومي، وأن فرنسا تقف إلى جانبه للوصول إلى تسوية معينة. وهناك من يعتبر أن في هذا الكلام رسالة تشكّل مخرجاً للحريري لمغادرة دوامة المراوحة إذا ما كان هناك حسابات إقليمية تعرقل التشكيل، بمعنى أن فرنسا وفّرت مظلّة لإنجاز التشكيلة. وهذا ما سيشدد عليه ماكرون خلال لقائه وعون، إذ يُتوقع أن تشهد الساحة اللبنانية بعد عودة عون مستجدات إيجابية في طريق تشكيل الحكومة.
وأشار الحريري إلى أنّ "كل العقد على طريق الحل"، قائلاً إن "تشكيل الحكومة خلال عشرة أيام كما قلت وإذا اعتذرت لا أقبل بأن أكلف ثانية". أضاف: "لماذا أعتذر إن كنت سأعود وما حصل في العام ٢٠٠٩ كانت ظروفه مختلفة. المعيار الوحيد الذي التزمه هو حكومة وفاق وطني". واعتبر أن كلام وزير الخارجية جبران باسيل لم يكن ايجابياً، لكنه متمسك بتفاؤله على إثر لقائه الأخير مع رئيس الجمهورية. وسيحصل الحريري على قوة دفع دولية ضاغطة في سبيل التشكيل من خلال بروز المساعي الفرنسية، خصوصاً لجهة الزيارة التي يجريها موفد الرئيس الفرنسي السفير بيار دوكان المكلّف متابعة ملف مؤتمر سيدر.
ولم يكن التحرّك الفرنسي على خطّ تذليل بعض العقبات في مسألة التشكيل وحيداً، فهناك من يشير إلى تحرّك مصري جرى بعيداً من الإعلام خلال الأيام الماضية، وتحديداً بعد اللقاء الذي عقده عون مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والذي تلته جولة للسفير المصري في لبنان نزيه النجاري على بعض القوى السياسية. وتركّز المسعى المصري على ضرورة تشكيل الحكومة والخروج من دوامة المراوحة. وقد اعتبر بعض الأفرقاء أن في التحرك المصري إشارة إيجابية إقليمياً للتشكيل، نظراً لما تمثّله مصر بالنسبة إلى دول الخليج التي كان يتهمها البعض بأنها تعرقل تشكيل الحكومة في انتظار حصول متغيرات في الإقليم.
سارع الحريري إلى ملاقاة هذه الأجواء من خلال اللقاءات التي عقدها مع كل من الوزير ملحم الرياشي والنائب وائل أبو فاعور، إذ جرى البحث في بعض التفاصيل التقنية لإزالة العقد من أمام التشكيل. وتلفت مصادر إلى أن العقدة الدرزية وجدت طريقها إلى الحل، طالما أن النائب طلال ارسلان أبدى تراجعه عن التمسك بمقعد وزاري مع حقيبة لنفسه، مقترِحاً تقديم خمسة أسماء لرئيس الجمهورية كي يتم اختيار واحد منها، بالتوافق مع الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. بينما كُلف الحريري، وفق المصادر، مهمة إيجاد مخرج لحصة القوات اللبنانية. ولم تفصح المصادر عن هذا المخرج بعد، ولكن قد يكون على قاعدة المقايضة بينه وبين القوات على وزارة أساسية بدلاً من وزارة الثقافة، إلى جانب نائب رئيس الحكومة ووزارتي التربية والشؤون الاجتماعية.