على خلفية اشتباك سياسي - دستوري بين الرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، إذ وصف الرئيس الحريري كلام باسيل في مؤتمره الصحفي الأخير بغيرالايجابي، معتبراً انه في «اللحظة التي نضع فيها معايير، نكون نكبّل انفسنا بتشكيل أي حكومة في المستقبل، وهذا الأمر ليس له أصل، لا دستوري ولا عرفي ولا له لا تاريخ ولا جغرافيا».
وما لم يقله الرئيس المكلف في دردشته، قالته كتلة المستقبل، التي رأس اجتماعها برفعها لاءين اعتراضين: الأولى ان لا حكومة غير حكومة وفاق، ورفض حكومة الأكثرية، وهذا شرط يتمسك به الرئيس المكلف وخلافه لا يكون على رأس الحكومة العتيدة.
الثانية: لا لوزارة غير منسجمة، تعمل كفريق عمل واحد، يمكنها التصدّي للأزمات، وحماية نتائج مؤتمر «سيدر»..
المعلومات التي حصلت عليها «اللواء» تُشير إلى ان اللعبة انتهت: وضع الرئيس المكلف النقاط على الحروف، ابتعد عن باسيل، ولو على خلفية الاشتباك المشار إليه، وعلى خلفية تحييد رئيس الجمهورية والتعامل مع موقعه الدستوري، لجهة إصدار مراسيم التأليف.
وتكشف معلومات «اللواء» ان الحراك التأليفي للرئيس الحريري، سينشط خلال اليومين المقبلين، على ان يحمل إلى بعبدا صيغة حكومية جديدة بعد عودة الرئيس ميشال عون من أرمينيا، بعد إدخال تعديلات طفيفة على الصيغة الموضوعة قبلاً.
ولم تشأ مصادر مطلعة الكشف على طبيعة العلاقات، لكنها قالت انها ستشمل بالطبع «القوات» و«المردة» و«اللقاء الديمقراطي»..
وترددت معلومات لم تشأ المصادر المطلعة نفيها أو تأكيدها بأن اتصالات جرت بين الرئيس المكلف ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع..
ووسط التفاؤل الذي يتمسك به الرئيس المكلف بتأليف الحكومة بعد عودة الرئيس عون من يريفان، لأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي يستدعي الإسراع في تشكيل الحكومة، والذي ربط باجتماعه قبل أسبوع مع الرئيس عون، اتهمت محطة «O.T.V» الناطقة بلسان التيار الوطني الحر «القوات» بأنها العقبة التي تعرض البلاد لخطر أزمة سياسية مفتوحة، فهي باتت خارج السرب الوفاقي، بتعبير المحطة..
كيف يرد جعجع؟
يروي د. جعجع قصة المفاوضات، وما طرح عليه بإسهاب، في لقاء مع مجموعة من الصحافيين، فيعلن انه استناداً إلى الانتخابات والصوت التفضيلي المسيحي فحصة الرئيس والتيار الوطني الحر يجب ان تكون 8 مقاعد و5 للقوات وواحد للمردة وواحد للكتائب أي ما مجموعه 15 وزيراً مسيحياً..
ويستبعد جعجع ان يكون الجيش هو مَنْ وضع فيتو على تولي «قواتي» حقيبة وزارة الدفاع كحقيبة سيادية.
ويعتبر جعجع ان لا إمكانية لفرض حكومة أمر واقع، ويرى في الأمر تهويلاً.
هو يقارب المسألة من اعتبارات اولها: يقينه التام بأن الحكومة لا يمكن ان تتشكل من دون «القوات» فلا مصلحة مهما كانت الضغوطات، للرئيس المكلف الدخول في أتون النار..
فحكومة بلا «قوات» كحكومة غزة في لبنان، وثانيها ان أي تنازل من جانب «القوات» لم يعد يصب في مصلحة البلد، لأنه بات يضرب معادلة «التوازن» وهو مطلب اوروبي غربي، أبلغ من يعنيهم الأمر بمؤتمر سيدر بأن لا تنفيذ لمقرراته من دون «وجود حكومة متوازنة».
ولا غرو، فجعجع يُدرك ان هناك محاولة لتحجيم «القوات» وهي حسابات داخلية وليست خارجية.. والرجل لم يعد لديه ما يقدمه، وهو يعتبر ان كلام الحريري عن عشرة أيام معناه فترة زمنية قد تصل إلى أسابيع معدودة.
ولا جواب لدى جعجع حول مصلحة العهد في تأخير وجود حكومة، لكنه ينقل ما سمعه من أحد المسؤولين، الغربيين ان سبب تأخير التأليف ان النظام السوري أوكل إلى فرق في الداخل مهمة عدم التشكيل، ويعتبر ان المضحك المبكي ان يكون النظام السوري يصدق نفسه انه عاد قوياً..
وبالانتظار، ومن المقرّر ان يصل إلى بيروت اليوم الموفد الفرنسي بيار دوكان الذي كلفه الرئيس ماكرون متابعة ملف «سيدر»، وبحسب المعلومات فإن زيارته ستكون تقنية وليست ذات طابع سياسي.
حلحلة درزية
وعلى الرغم من الأجواء التفاؤلية التي توزعت بين بعبدا وعين التينة و«بيت الوسط» بقرب ولادة الحكومة العتيدة، بعد عودة الرئيس عون من يريفان الجمعة المقبل، أو على أبعد حدّ نهاية الشهر الحالي، فإن شيئاً ملموساً لم يتبلور بعد، باستثناء معلومات عن حلحلة في العقدة الدرزية، الا ان هذه الحلحلة، يبدو انها ستبقى مربوطة بحل عقدة التمثيل المسيحي بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، بقصدعدم استفراد «القوات» بالعقدة المسيحية لوحدها، وهو ما عبر عنه عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال العبد الله، بقوله عندما صودف خروج وفد اللقاء من عين التينة مع دخول وزير الإعلام ملحم رياشي القواتي للقاء الرئيس نبيه برّي: «ان الطرفين سيبقيان معاً داخل الحكومة أو خارجها مع الرئيس بري».
واكدت مصادر سياسية لـ«اللواء» في السياق ان الاتصالات بشأن الملف الحكومي دخلت في الربع الساعة الاخير على ان ينصب الجهد المتكامل بعد عودة الرئيس عون من ارمينيا لإصدار الحكومة.
واوضحت هذه المصادر ان ما من صيغة نهائية بعد والنقاش يدور في ما بات مطروحا من مقترحات حول نوعية الحقائب وماهية تلك التي ستسند الى الافرقاء ولاسيما «القوات» أي الوزارة الخدماتية والحقيبة الثالثة. وافادت ان النقاش يدور من جهة اخرى حول زيادة حقيبة او لا.
وبحسب المعلومات، فإن حلحلة العقدة الدرزية يمكن ان تتم عن طريق ان يسمي الوزير الدرزي الثالث كل من الرئيس عون والرئيس برّي مفوضاً من رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، الذي كان وجد ايجابيات في العرض الذي اقترحه الوزير جبران باسيل بخصوص «المعيار العادل» (أي وزير لكل خمسة نواب) بحيث لم يعد متاحاً توزير النائب طلال أرسلان، ثم ألحق بذلك بتغريدة دعا فيها إلى «الكف عن بناء القصور على الورق وتقديم تنازلات لمصلحة الوطن».
وكان النائب أرسلان، كشف عن هذا المخرج، عندما غرد عبر «تويتر» مبدياً استعداده للقبول بأن يسمي خمسة أسماء للرئيس عون، على ان تتم تسمية أحدهم من قبله بالتعاون مع الرئيس برّي الذي نعتبره أيضاً غيوراً على مصلحة الدروز، والعيش المشترك وقدسيته في الجبل..والباقي على الله».
الا ان وفد «اللقاء الديمقراطي» بقي مصراً على انه لا يوجد عقدة درزية، وقال وزير التربية مروان حمادة، بعد لقاء الوفد بالرئيس بري: «بغض النظر عمّا يتحدث عنه الوزير أرسلان، وحتى لو اعتمدنا معايير الوزير باسيل، نحن نعتبر انه لا يوجد عقدة درزية، وان المقاعد هي للقاء الديمقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي، ولكن مع ذلك أتصور ان مواقف وليد بك لتسهيل تشكيل الحكومة معبرة جداً وذهبت إلى أبعد مجال، ولذلك لا «يتهمنا» أحد بعقدة درزية، العقدة معروفة عند من يحاول السطو على قرار الحكومة من الآن لاربع سنوات، وأنا أتصور أن كل القوى في لبنان، وليس فقط نحن والرئيس برّي نرفض هذا الشأن».
الحريري يلوح بالاعتذار
في هذا الوقت، استأنف الرئيس المكلف سعد الحريري مشاوراته لتذليل العقد الحكومية، والتقى كلاً من الوزير القواتي الرياشي موفداً من رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، ثم عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، موفداً من جنبلاط، متمنياً تشكيل الحكومة ضمن المهلة التي كان حددها سابقاً، أي في غضون عشرة أيام، بينما نقل زوّار الرئيس ميشال عون لـ«اللواء» عنه قوله انه «ينتظر لقاء الرئيس المكلف بعد عودته من أرمينيا، للاطلاع على مقترحاته بشأن التشكيلة الحكومية، وان كل الأطراف السياسية أخذت فرصتها في طرح ما تريد ولم يعد هناك مبرر للتأخير».
لكن الجديد في المواقف التي اعلنها الحريري، قبل اجتماع كتلة «المستقبل» النيابية في «بيت الوسط»، هو تلويحه للمرة الأولى بالاعتذار، مؤكداً انه في حال قدم اعتذاره عن التأليف فإنه لن يقبل تكليفه مرة ثانية، لافتاً «الى ان الظروف التي سادت في حكومته الأولى في العام 2009 (في عهد الرئيس ميشال سليمان) مختلفة عن الظرف القائم اليوم».
ورأت مصادر سياسية متابعة، ان كلام الحريري عن الاعتذار، المقصود به الضغط على الفرقاء السياسيين للتنازل عن الشروط الموضوعة أو المعايير التي يطرحونها، إذ ليس في نيته الاقدام على هذه الخطوة، الا إذا رأى استحالة في تدوير الزوايا، وهذا الأمر من شأنه ان يبين في المواقف التي سيطلقها الوزير باسيل، في اطلالته التلفزيونية مساء غد الخميس، ضمن برنامج «صار الوقت» للزميل مارسيل غانم، عبر شاشة MTV، علماً أن الحريري وصف كلام باسيل في مؤتمره الصحفي الأخير بأنه «غير ايجابي»، نافياً وجود موعد محدد بينه وبين رئيس «التيار الحر».
السنيورة
تزامناً، كانت للرئيس فؤاد السنيورة مطالعة دستورية خص بها قناة «اكسترا نيوز» المصرية، يتوقع ان تستولد ردود فعل ترفع من حرارة ملف تشكيل الحكومة، لا سيما عندما اعتبر ان «ما يُحكى عن طلبات وحصة لرئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة لم ينص عليها الدستور»، لافتاً إلى ان الرئيس عون وقبل ان يكون رئيساً للجمهورية كان من أشدّ المعارضين ان تكون لرئيس الجمهورية حصة في الحكومة. وأبدى تخوفه من الانزلاق نحو مفاهيم واعراف جديدة في عملية التأليف مما سيؤدي إلى افساد العملية الديمقراطية، ويؤدي عملياً إلى مخالفة اتفاق الطائف والى مخالفة الدستور».
«لبنان القوي»
اما كتلة «لبنان القوي» التي اجتمعت أمس برئاسة الوزير باسيل العائد من عمان بعد ان سلم العاهل الأردني دعوة للمشاركة في القمة الاقتصادية التنموية التي ستعقد في بيروت، فقد اكتفت بالاطلاع من رئيسها على أجواء زيارته لكل من الأردن والكويت، والملفات الثنائية التي بحثت ولا سيما موضوع النازحين، بحسب ما قال عضو الكتلة النائب آلان عون، الذي تطرق إلى الموضوع الحكومي، موضحاً ان المقاربة التي طرحتها الكتلة كانت مجرّد تصور لمعايير، لكنا لا نريد ان نحل مكان رئيس الحكومة في التشكيل، وإنما نحن طرف سياسي لنا الحق بأن نعطي رأينا في كيف ينبغي ان تشكّل الحكومات في لبنان، لأننا محكومون بحكومات وحدة وطنية لا يمكنها ان تبقى خاضعة للاستنسابية، بينما لو وضعت أسس واضحة يسري تطبيقها على الجميع في كل مرّة بشكل واضح ووفق معيار واحد، عندها الحكومات ستشكل بسرعة اكبر».
وأكّد «اننا في انتظار الرئيس المكلف لينتهي من مفاوضاته، وعلى أساسها يخرج الصيغة المناسبة المقبولة من كل الاطراف».
عون في القمة الفرانكوفونية
إلى ذلك، لفتت مصادر مطلعة لـ«اللواء» إلى ان الرئيس عون الذي يتوجه اليوم إلى العاصمة الأرمينية يريفان، سيلقي كلمة لبنان، في مؤتمر المنظمة الفرانكوفونية غدا الخميس على ان يلتقي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد غد الجمعة مؤكدة ان هناك سلسلة لقاءات سيعقدها عون مع رؤساء الوفود المشاركة علم من بينهم الرئيس التونسي على ان جدول لقاءاته في يريفان غير منجز بعد باعتبار ان هناك لقاءات قد تضاف اليه.
وعلم ان كلمة لبنان هي الثامنة المدرجة على جدول كلمات الرؤساء الضيوف، وستركز على دور لبنان في المنطقة وتعلقه بالفرانكوفونية والقيمة الحضارية للبنان في محيطه ودعم لبنان لأكاديمية السلام. وفهم ان الرئيس عون سيرسل اشارات سياسية في كلمته التي تحمل مضامين ثقافية. واشارت مصادر مطلعة الى ان القمة تفتتح الخميس وستكون هناك انشطة ثقافية.
واشارت مصادر مطلعة الى ان القمة تفتتح الخميس وستكون هناك انشطة ثقافية بعد القاء الكلمات التي تفتتح برئيس وزراء ارمينيا، وحفل غنائي في ساحة يريفان وعشاء رسمي يقيمه رئيس وزراء ارمينيا، اما يوم الجمعة فيصدر تقرير الامين العام للفرانكوفونية وتتم مناقشته ويعقبه اعلان يريفان وتحديد مكان القمة المقبلة في العام 2020 وتونس هي الدولة المرجحة استضافتها وكذلك انتخاب الامين العام الجديد للمنظمة واصدار التقرير النهائي والقاء كلمة الامين العام الحالي ورئيس الدولة التي تستضيف قمة 2020.
وعلم انه سيصار في خلال القمة بدورتها الحالية الى الاتفاق على ان يكون لبنان هو المقر الاقليمي للمنظمة في منطقة الشرق الاوسط بعدما كانت لجان متخصصة انجزت التحضيرات اللازمة لهذه الغاية، وهذا الامر سيمنح قيمة معنوية لدور لبنان في الفرانكوفونية.
وعلم ان الوفد الرسمي الذي يترأسه عون يضم الوزيرين غطاس خوري واواديس كيدانيان و الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية في المنظمة الدكتور جرجورة حردان وامين عام وزارة الخارجية هاني شميطلي والسفير خليل كرم وتنضم اليه سفيرة لبنان في الاونيسكو سحر بعاصيري.
لقاء عون - ماكرون
وفي السياق، نقلت وكالة الأنباء «المركزية» عن أوساط دبلوماسية قريبة من قصر الاليزيه، ان موضوع تشكيل الحكومة سيكون الطبق الأساسي على طاولة الرئيسين عون وماكرون في لقائهما المنتظر الجمعة.
وقال ان «الموقف الفرنسي في هذا المجال سيتحوّل من «النصيحة» الاخوية والقلق من مخاطر تأخير التشكيل، الى الاستعداد للتدخّل المباشر من اجل ازالة العراقيل التي تحول حتى الان دون ولادة الحكومة».
ولفتت الاوساط الى «ان ماكرون يريد ابلاغ عون مباشرةً بالموقف الفرنسي، لانه يعتبر ان تأخير تشكيل الحكومة يضرب مصداقية الاليزيه، خصوصاً بالنسبة للدول التي شاركت في مؤتمر «سيدر» بناءً على دعوته وقدّمت مساعدات للبنان بعدما وعدها ماكرون بأن بيروت ستلتزم بما تقرر في المؤتمر من خلال تشكيل حكومة فور انجاز الاستحقاق الانتخابي».
واشارت الى «ان ماكرون «المُحرج» امام اصدقائه الغربيين والاقليميين من تأخّر انطلاق تطبيق البرنامج الاصلاحي لـ «سيدر» الذي التزم به لبنان، كَونه كان الراعي للمؤتمر، سيطلب من عون بذل كل ممكن لتسهيل التشكيل