مع كل التطورات الاخيرة في سوريا، لا تزال مصادر ديبلوماسية قريبة من موسكو، تعتبر انه حتى الآن ليس هناك من معالم تسوية سياسية واضحة للازمة السورية.
الاتصالات والمشاورات قائمة بين الاميركيين والروس حول سوريا، واغلبها غير معلن، لكن مستقبل سوريا غير واضح. الاميركيون موجودون في الشرق السوري ولن ينسحبوا. ايران وكذلك تنظيم "داعش" يرفعان السقف، انما روسيا في هذا الوقت يهمها التوصل الى حل سياسي سريع. ومنذ حادثة الطائرة الاخيرة اعتبرت روسيا انها تلقت ضربة موجعة وانه كلما طال امد وجودها في سوريا كلما زادت خسارتها البشرية. وهذا لا يصب في مصلحة القيادة الروسية، مع ان التدخل الروسي في سوريا، عمل على تكبير حجم روسيا في المنطقة. وهذا ادى الى نجاح الدور الروسي، عبر تحقيق مصالح موسكو بامتياز في الامساك بالملف السوري. وان كانت موسكو لن تسيطر على الوضع ككل من دون الاميركيين.
لكن لدى روسيا خوف من ان يؤدي وجودها في سوريا، الى ان تَنجَر الى حالة مشابهة لافغانستان، وهذا ما يعمل الروس على تفاديه.
وتقول المصادر ان التهديدات الاميركية للنظام بالضربات او العقوبات، او من خلال استمرارية الوجود الاميركي على جزء من الاراضي السورية، يشكل من دون أدنى شك رسالة واضحة للروس، ان واشنطن لن تترك الملف السوري، وان تواجدها القوي شرق الفرات وفي مناطق سورية غنية بالنفط، يعني حرصاً اميركياً على دور معين، لن تتخلى واشنطن عنه دون ثمن سياسي. ويتخلل ذلك ايضاً انجاز ما يرضي اسرائيل.
وتفيد هذه المصادر، بأن ليس هناك من طرف في المنطقة له مصلحة في انفجار كبير بالنسبة الى الوضع مع اسرائيل. وهذا مستبعد مع ان التهديدات الاسرائيلية لا تطمئن. لكن مع العمل الدؤوب والتحضيرات الاميركية لما يحكى عن "صفقة القرن"، عبر ايجاد تسوية للازمة الفلسطينية - الاسرائيلية، اذ هناك كلام اميركي جدي مع الخليج حول التسوية. وفي ظل هذه المحاولات، هناك استبعاد لعمل عسكري اسرائيلي ضخم، ولا يستهان بتدخلات ايران وردها في هذا المجال. لكن اسرائيل ستبقى توجه ضربات داخل سوريا. والولايات المتحدة، تمارس ضغوطاً لتحقيق سياستها حيال ايران. وفي هذا الاطار، تسعى لتحقيق شروط افضل في التسوية داخل كل من سوريا والعراق واليمن. ويبدو بحسب المصادر، ان ملف العراق يشكل اولوية بالنسبة الى واشنطن نسبة الى الملفات الاخرى، وهذا الملف لا يزال مفتوحاً. وبعد هذا الملف ستتفرغ الادارة للحل في سوريا، وفي هذا الوقت من المستبعد، وفقاً للمصادر، ان يكون هناك انفتاح غربي على النظام السوري. وتركيا تقوم بالتنسيق مع الروس حول سوريا، والرئيس التركي رجب طيب اردوغان واضح حول ان لا مصالحة مع النظام.
وتتوقع المصادر، ان تستمر الضغوط المتبادلة بين موسكو وواشنطن لفترة طويلة، لانه على الرغم من كل المواقف لا حل يلوح في الافق بالنسبة الى الازمة السورية. وليس هناك من موعد محدد للقمة الرباعية الايرانية ـ الفرنسية ـ الروسية ـ التركية التي يجري الاعداد لها في الخريف، ومعالمها غير واضحة . وهذه القمة تنتظر الاجتماع الذي سيدعو اليه الموفد الخاص للامم المتحدة حول سوريا المجموعة المصغرة لاستكشاف الطروحات التفضيلية حول الدستور، ومحاولات كسر الجمود والعودة الى التفاوض.
ولكن كلما استمر عدم الاتفاق الاميركي - الروسي على الحل النهائي في سوريا، كلما طال امد المراوحة. وكلما طال عدم اتفاق هذين الطرفين على الحل الشامل في ملفات العراق واليمن، طال عدم التفاهم حول سوريا.