كانت في المستشفى تُحارب هذا الورم الخبيث دون تعب أو ملل، كانت قد خضعت لجلسة علاج كيميائي عندما اتصلتُ بها للاطمئنان اليها ومعرفة تفاصيل معركتها ضد السرطان الذي عاودها.
قرأتُ كثيراً عن إرادتها القوية، عن تلك الشابة التي تحوّلت من وصيفة ثالثة في مسابقة ملكة جمال لبنان 2016 الى مقاتلة شرسة في الحياة. لكن أن تقرأ عنها شيء، وأن تستمع إليها شيء آخر. كانت تُخبرني قصتها وكنتُ كلما استمعتُ الى المزيد ابتسمتُ لها ولولعها بالحياة.
لم تكد ميشيل تحتفل بانتصارها على سرطان الغدد الليمفاوية حتى عاودها هذا الخبيث بعد شهر من انتهاء جلسات العلاج. معركة طويلة ترجّحت بين الانتكاسة والفرح، الهبوط والصعود. عندما تتحدث معها، لا تتوقع أن تسمع صوتاً متعباً او ضعيفاً او حزيناً، بل صوتاً مفعماً بالحياة والأمل والإيمان.
"كنت أظنها مجرد أعراض بسيطة"
تسترجع ميشيل فصول حياتها قائلةً لـ"النهار": "في البداية بدا كل شيء عادياً، لم أفكر في أن هذه الأعراض الشائعة قد تُخفي وراءها شيئاً خطيراً. كنتُ أعاني سعالا جافا وألما في الصدر وتعرّقا في الليل. كنتُ مقتنعة بانها أعراض الزكام أو التهاب رئوي، وقد استشرتُ طبيباً على أساس انه مجرد bronchite. لكن بعد إجراء الصور الشعاعية والزرع تبين أنني مصابة بسرطان الغدد الليمفاوية. كان صعباً إطلاع عائلتي على ذلك، لم يكن سهلاً سماع هذا الخبر، والأصعب إخباري الحقيقة".
تستعيد ميشيل تلك اللحظات: "لا أخفي أنها كانت لحظة صعبة وغريبة، لم أكن أتخيّل يوماً ان ذلك سيحدث معي، نظن دائماً ان الأمور بعيدة عنا. عشتُ صدمة ليوم واحد، أطرح على نفسي أسئلة كثيرة. لم أصدق ان ذلك يحدث حقاً واني مصابة بالسرطان، بالرغم من أنني اختصاصية تغذية وأحافظ على نمط غذائي صحي. كل تلك الأفكار التي تجتاحك في تلك اللحظات تسقط عندما تستوعب الموضوع وتنظر اليه بطريقة مختلفة".
صدمة إيجابية واحتفال بالنصر
بعد تشخيص حالتها، بدأت ميشيل رحلة البحث عن العلاج. "لم يكن سهلاً علي ان أحسم أمري بسرعة. كان علينا ان نستشير مجموعة أطباء ولكل واحد منهم طريقته في العلاج، مغايرة للأخرى. فقررتُ أن أعرض الفحوص على مركز متخصص بالسرطان في أميركا، وقد تطابقت نظرته مع رأي احد الأطباء في لبنان. هكذا انطلقنا في مرحلة العلاج حيث كان عليّ الخضوع لـ6 جلسات كيميائية تفرض عليّ النوم في المستشفى لـ5 أيام في كل جلسة".
سارت الأمور بطريقة مفاجئة، تجاوبت ميشيل سريعا مع العلاج منذ الجلسة الثانية. وبالرغم من هذه النتائج المذهلة باختفاء الورم، إلا ان الطبيب كما أكدت ميشيل "أصرّ على استكمال العلاج حتى النهاية للقضاء على أي أثر له". نجحت ميشيل في التخلّص من هذا السرطان بعد جلستها السادسة، وإحتفلت مع عائلتها بهذا الانتصار.
الخبيث يعود من جديد
مضى شهر على العلاج، وبعد الفرحة جاءت الصفعة الأقوى، السرطان يعاود ظهوره مجددا وفي المكان نفسه. حالة نادرة لكنها أنهكت جسد ميشيل، فبعدما غلبته، عليها ان تخوض ضده معركة أخرى أكثر شراسة بعد استنفاد مراحل علاج مرض سرطان الغدد الليمفاوية في لبنان.
تشرح ميشيل: "عندما علمتُ بعودته اشتدت عزيمتي أكثر، عليّ أن أهزمه بأي طريقة. خضعتُ لجلسة كيميائية لكن بدل ان تصغر الكتلة كبرت، ردّة فعل عكسية ونادرة. ونتيجة ذلك أعدنا التواصل مع الأطباء في أميركا وتوجهتُ الى مركز متخصص للسرطان وتوصلنا الى ضرورة السفر الى أميركا للخضوع لعلاج جديد يتمثل بسحب الخلايا الليمفاوية ورزعها في المختبر واختيار الخلايا المقاومة للسرطان لزرعها مجددا في جسدي".
لندعم حبها للحياة
هذا العلاج الوحيد لحالة ميشيل يتطلب تأمين مبلغ 742 الف دولار، تقف هذه الكلفة العالية حاجزاً في وجه إبنة الـ24 عاماً، "الوقت يدهمنا وصحتها لا تتحمل التأجيل. هذا الخبيث ينمو في داخلها". صحيح ان حملة التبرعات والمسلاعدات إنطلقت بزخم وقوة وقد تركت أثراً في نفوس كثيرين، لكن ما زلنا بحاجة الى دعم أكبر، مهما كان بسيطاً، لتأمين بقية المبلغ، وهو 500 الف دولار.
تقول ميشيل: "لم أصدق قوة الدعم، لقد فوجئتُ حقاً بهذه الحملة القوية والمؤثرة. أنا أشكر الله على كل لفتة مهما كانت صغيرة، فهي تساعد كثيراً". وتختم هذه المقاتلة حديثها: "تغيّرت كتير إشيا بحياتي، أنا عم عيش كل لحظة بلحظة بس ما رح خليّ شي يكون أقوى مني، انشالله بنتصر عليه وبرجعلكن من جديد".