كما قصد جعجع الرابية، يتجه اليوم شمالاً ليضيء على اقتراب المصالحة القواتية - المردية، المسيحية الشمالية التي طال انتظارها، مغيّراً المشهد السياسي العام وناقلاً الحديث من الحكومة والمحارق والكهرباء والمطار والقروض الاسكانية و«تشريع الضرورة» الى «مصالحة الضرورة».
وتشير المعلومات لـ«الجمهورية» الى أنّ لقاء جعجع - فرنجية ينتظر عودة البطريرك الراعي من روما لمباركة المصالحة التاريخية في بكركي، فيما يلمّح المتابعون لمسار المصالحة الى «الفاول» الذي ارتكبه «فريق العهد» في عدم اقتناص الفرصة لرعاية تلك المصالحة ليشمل شعار «بي الكل» السياسي والشرعي المسيحيّين، فيما اختار الطرفان أبوّة البطريرك الراعي ليكون الشاهد الأمثل للمصالحة، لاسيّما أنّه كان الداعي لضرورة استكمال المصالحات المسيحية - المسيحية.
الى الشمال در
القوات اتجهت شمالاً حيث القاعدة الشبابية المردية كانت قد سبقتها بمَد الجسور مع القاعدة الشبابية القواتية هناك، والتي لم تتوقف يوماً بين «الشباب» («القوات» و«المردة») بالرغم من القطيعة السياسية، وذلك لأسباب عدة أبرزها:
• التقارب والتداخل الجغرافي والعائلي القوّاتي - المردي.
• حماس مسيحي شمالي أبداه مناصرو «القوات» و«المردة» بعد مصالحة الرابية - معراب.
• سياسة العهد تجاه الطرفين والتي أنتجت ضرورة المصالحة.
• فتح الوزير باسيل معركة «الرئاسة المبكرة» وتوجّس الطامحين الأبرزين للرئاسة المقبلة (سمير جعجع وسليمان فرنجية) منها.
طوني فرنجية
وباقتراب المصالحة بين جعجع وفرنجية، يسأل المتابعون هل يتجرّأ الحكيم ويرشّح فرنجية للرئاسة فينصّب نفسه «صانع الرؤساء»؟
الحكماء من «المردة» و«القوات» يصفون خطوة الزعيمين بالاستراتيجية أكثر منها مصلحة مسيحية ضرورية بين أبناء الطائفة الواحدة.
ويقول النائب طوني سليمان فرنجية لـ«الجمهورية» إنّ الأهالي في زغرتا منقسمون. لكن الغالبيّة تتفهّم الظروف السياسية والمسيحية الموجبة لهذه المصالحة، وترغب في طَي صفحة الماضي الأليمة، وتحبّذ التقارب المسيحي. فالمصالحة، حسب تعبير فرنجية، لا تقتصر على سمير جعجع كشخص بل هي مع ما يمثّل رئيس حزب «القوات اللبنانية» الذي حصد 15 نائباً، متسائلاً: «هل سنبقى فريقَين مسيحيّين متخاصمَين؟ وحتى لو كنّا حزبين لبنانيين متخاصمين وليس بالضرورة مسيحيَّين، الى متى سنبقى على خصام؟
أما على الصعيد الشخصي فيقول فرنجية لـ«الجمهورية» انه بطبعه ميّال الى جميع المصالحات اللبنانية وليس المسيحية فقط، اذا أردنا إنقاذ البلد واذا اعتبرناه أولوية. مضيفاً انه لن يرى لبنان معافى اذا لم يتصالح جميع اللبنانيين وينفتح بعضهم على بعضهم الآخر.
أنصار «المردة»
للمرة الاولى تخالف مصادر قيادية في تيار «المردة» حديث رئيسها القائل «انّ الوزير باسيل سيكون المساهم الأبرز في تقريب مصالحتي مع جعجع»، وتوضح انه عام 2005 وحين لم يكن لباسيل وجود على الساحة السياسية، إتصل سليمان فرنجية هاتفياً بسمير جعجع بعد خروجه من السجن بمبادرة شجاعة تمهّد للمصالحة، لكنّ جعجع لم يتلقّفها لأسبابه السياسية وقتها، كما لم يحسبها فرنجية سياسياً حينها، بل مسيحياً، متعاطفاً مع الشارع المسيحي المتحمّس لتحرير عون من المنفى وجعجع من السجن.
وتوضح مصادر «القوات» انّ الاجتماعات التي لم تتوقف منذ 4 سنوات مع «المردة»، كان لها الدور الأبرز في تقريب موعد اللقاء وليس أداء الوزير باسيل فقط، كاشفة انّ الاتفاق الأوّلي وغير المكتوب حتى الآن بين «المردة» و«القوات» سيسهر الطرفان على تطبيقه حرفيّاً. وكشفت أيضاً عن أنّ «القوات اللبنانية» تتأكد يوميّاً، خصوصاً بعد مقاربتها لأداء فرنجية في الفترة الماضية، من أنّ رئيس تيار «المردة» رجل مبدئي ملتزم ومسؤول ولن يساوم «على ظهر المصالحة القواتية - المردية مستقبلاً».
في الحساب السياسي
يترقّب المحللون اللقاء، ويحسبون مكاسب الفريقين من المصالحة. مصادر مطّلعة تؤكد أنّ جعجع، بعد مصالحة فرنجية، يكون قد فتح معركة الرئاسة بوجه باسيل، وغَيّر مسار الخلافة الرئاسية «الباسيلية المُفترضة» لصالح فرنجية، في خطوة تشير الى تفاقم الأزمة بين جعجع وباسيل، فيما يدرك الحكيم أنه أصبح يمتلك قفلاً مسيحيّاً أساسيّاً للبوابة الرئاسية. وإذا بقيت الأوضاع والتموضعات السياسية على حالها ستبقي فرنجية المرشّح الرئاسي الأوفر حظّاً، لاسيما بعد الغطاء المسيحي القوّاتي له.
مكاسب «القوات»؟
الى ذلك تشير المصادر نفسها الى أنّ جعجع، وإذا لم يكن رئيساً للجمهوريّة في حال عدم فوز المحور الذي يناصره، فإنه قد يتمكن من المساهمة في إيصال فرنجية بعد 4 سنوات الى بعبدا. أمّا «القوات» فستتضاعف مكاسبها، كما في الانتخابات النيابية الأخيرة بعد مصالحتها مع «التيار الوطني الحر».
وتشير معلومات حصلت عليها «الجمهورية» الى انّ الاتفاق غير المكتوب بين فرنجية وجعجع لم يحدّد صراحة هوية الرئيس المقبل، بل تُركت الأمور للظروف السياسية الإقليمية المقبلة الداعمة لجعجع او لفرنجية، على ان يسلّم كل طرف بترشيح الآخر ودعمه للرئاسة بحسب الظروف السياسية والاقليمية بعد سنوات.