باطمئنان كامل، بالإمكان اعتبار الأسبوع الطالع، حكومياً، وكأنه واحد من الأسابيع الماضية، التي دارت ايامها، برحى المشاورات من دون طحين، وإن كثر العجانون والطباخون.
فالرئيس ميشال عون يتوجه بعد غد الأربعاء إلى أرمينيا، تلبية لدعوة رسمية على ان يعود الجمعة المقبل إلى بيروت.
والأبرز إقليمياً ما ابلغته مصادر دبلوماسية للمسؤولين اللبنانيين ان موسكو تعتبر التهديدات الإسرائيلية للبنان، لا تعدو كونها من نوع التهويل.
وفي وقت ينشغل فيه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، بنقل رسائل رئاسية إلى دول الخليج، تبدأ بالكويت اليوم للدعوة إلى المشاركة في قمّة التنمية الاقتصادية التي تعقد في بيروت في 19 الجاري.
مع العلم ان الرئيس سعد الحريري سيزور في الأيام القليلة المقبلة لندن، في زيارة كشف عنها في اطلالته التلفزيونية الأخيرة، وهي اجتماعية وخاصة، في هذا الوقت، بدا المشهد بين التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» متوتراً وكأن البلاد امام حرب باردة جديدة.
واستمرت الاتصالات، وكشف مصدر مطلع في التيار الوطني الحر ان النائب إبراهيم كنعان زار «بيت الوسط» بعد المؤتمر الصحفي للوزير جبران باسيل.
وأكد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ابراهيم كنعان «اننا اعتبرنا ان القانون النسبي يقضي بأن يكون هناك معيار موحد في تشكيل الحكومة«.
وأوضح كنعان «اننا بالمربع الأخير من تشكيل الحكومة وهذا هو الجو»، لافتاً الى «أنني مع «أوعى خيك» ع رأس السطح ومع «أوعى خيك» مع كل لبناني بين كل الأفرقاء».
وأشار الى ان «ما أقوله هو الواقع وهناك رئيس حكومة مكلف يجري الاتصالات ويقول أنه لديه أجواء إيجابية من كل الكتل»، لافتاً الى ان «رئيس»«التيار الوطني الحر»« جبران باسيل أعطى وجهة نظره في مؤتمره الصحفي.
وأكد كنعان أن «المؤتمر الصحفي الذي عقده باسيل مقرر منذ أكثر من أسبوع وهو أعطى رأيه بالمعيار الذي تتشكل على أساسه الحكومة، ووضع نفسه بتصرف رئيس الحكومة المكلف بحال انطلب منا أي شيء وتمنع باسيل عن اي مبادرة حتى لا ينفهم انه تعدي».
وشدد على «أننا مع سعد الحريري بما يقوم به ونحن مستعدون لمساعدته عندما يطلب منا ذلك، ونتمنى من الجميع ان يساعدوا على تشكيل الحكومة».
أسبوع الاتصالات
وفي تقدير مصادر سياسية، ان الأسبوع الطالع ليس الأسبوع الحاسم بالنسبة لمسار تأليف الحكومة، وفق حسابات الرئيس المكلف، الذي ان حدّد لنفسه مهلة تتراوح بين أسبوع وعشرة أيام، يفترض ان تنتهي الأحد المقبل في 14 تشرين الحالي.
ووفق هذه الحسابات، فإن الأسبوع، يفترض ان يكون حاشداً بالنسبة للاتصالات والمشاورات التي سيجريها الرئيس الحريري، في ضوء المواقف الأخيرة، على صعيد العقد المتحكمة بمسار التأليف، بالنسبة للتمثيل المسيحي والدرزي في الحكومة، بقصد حلحلة هاتين العقدتين، على الرغم من ان المعطيات التي طرأت في الأيام الأخيرة لا تُشير إلى إمكانية وجود حلحلة، وبالتالي فإنه لا بدّ مثلما اشارت «اللواء» من أن تكون هناك مفاوضات جديدة مع الأطراف المعنية، قد تتمثل بلقاءات سيجريها الرئيس الحريري مع كل من رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ومع الرئيس نبيه برّي أيضاً، قبل اللقاء المرتقب مع رئيس الجمهورية، ميشال عون، بعد عودته من يريفان الجمعة المقبل، لتقديم صيغته النهائية للحكومة الجديدة.
وكان لافتاً للانتباه على هذا الصعيد، ما نقلته قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» عن مصادر وزارية قولها بأن «طريق الحكومة صار مفتوحاً أمام التشكيل، وان المعطى الإقليمي يُشير إلى إمكانية التشكيل».
وأضافت نقلاً عن مصادر مطلعة، بأن الأجواء التفاؤلية التي عبر عنها الحريري مؤخراً لم تنطلق من فراغ، بل مصدرها اللقاء الذي حصل الاسبوع الماضي مع الرئيس عون، في إشارة إلى التقدم الذي حصل بالنسبة لإعطاء مقعد نائب رئيس الحكومة «للقوات اللبنانية»، بعد ان تنازل عنه الرئيس عون.
ولفتت المصادر المطلعة إلى ان الطرح المقدم «للقوات» والذي يتلخص بإعطائها منصب نائب رئيس الحكومة مع حقيبتي التربية والشؤون الاجتماعية ووزارة دولة، جدي، رغم ان «القوات» لم تتسلمه رسمياً، مما قد يفتح ثغرة في اتجاه التأليف.
وقالت ان التصعيد الذي شهدته الساحة السياسية، نهاية الأسبوع الماضي بين «التيار» و«القوات»، قد يكون الفصل الأخير قبل إنجاز التأليف، على قاعدة المثل الذي كان يردده الرئيس الشهيد رشيد كرامي دائماً: «اشتدي أزمة تنفرجي».
وقالت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان ثمة حركة حكومية استكشافية او استطلاعية مرتقبة في بداية الاسبوع مع العلم ان اي تطورات لم تسجل في اليومين الماضيين. واكدت ان هذا الاسبوع يحفل بسفر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى ارمينيا لترؤس وفد لبنان الى القمة الفرانكوفونية كما انه من المتوقع ان يسافر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وكذلك وزير الخارجية جبران باسيل لتسليم دعوات الى القمة الاقتصادية التنموية في بيروت.
ورأت المصادر ان هناك حراكا يفترض به ان يقوم و يندرج في سياق التوظيف للملف الحكومي وذلك للاسبوع الذي يلي هذا الاسبوع. وتحدثت المصادر نفسها عن اشارات مشجعة الى حد ما صدرت من النائب السابق وليد جنبلاط وليونة قواتية بشأن الحقائب، مشيرة الى وجود جو يدفع الى الاعتقاد بأن السقوف العالية التي سجلت مؤخرا حركت التشاور وجعلت كل فريق يعمل على وضع القليل من المياه في نبيذه والعودة الى الحديث في الواقع.
واوضحت انه على الرغم مما صدر من مواقف في الايام الماضية فإن الحديث عن تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية الشهر الجاري لا يزال واردا.
استراحة المساعي
وكانت عطلة نهاية الاسبوع شهدت استراحة المساعي والاتصالات لتشكيل الحكومة، ويبدو ان هذه الاستراحة ستستمر حتى يوم الجمعة المقبل، حيث يعود رئيس الجمهورية من زيارة رسمية الى ارمينيا تبدأ بعدغد الاربعاء، خاصة اذا ارتبط الرئيس المكلف سعد الحريري ايضا بسفر قصير هذين اليومين حسبما اعلن في مقابلته التلفزيونية الخميس الماضي. وإن لم يسافر فهو سيواصل اتصالاته ولقاءاته من اجل معالجة اسباب التصعيد في مواقف طرفي ازمة التمثيل المسيحي اولا، ليضع الرئيس عون في نتائجها فور عودته من يريفان.
لكن يبدو ان المواقف التي اعلنها الرئيس الحريري ومن ثم رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل و«القوات اللبنانية» نهاية الاسبوع الماضي، تركت انطباعات متناقضة لدى المعنيين، ففي حين اعتبرت مصادر «تيار المستقبل» ان باسيل و»القوات» رفعا السقف كثيرا ما قد يبدد جو التفاؤل الذي اشاعه الحريري ويؤخر الاتصالات، كتب رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط امس الاول السبت عبر حسابه على «تويتر» قائلا: «لابد من دراسة معمقة وتدقيق موضوعي في العرض الاخير الذي قدمه الوزير باسيل، من دون ان نسقط اهمية الطرح الذي قدمه الشيخ سعد الحريري، أخذين بعين الاعتبار ان عامل الوقت ليس لصالحنا في التأخير، الامر الذي يصر عليه وينبه من خطورته الرئيس بري ونشاركه القلق والقلق الشديد».
وتبعه عضو اللقاء الديمرقراطي النائب هادي ابو الحسن بالقول في حديث تلفزيوني امس: أننا «اقتربنا من الوصول إلى النتائج في الملف الحكومي وبرغم المشهد السوداوي نحن في الشوط الأخير من مسار تشكيل الحكومة ويمكن الوصول إلى نتيجة بمرونة من دون المسّ بالثوابت. والحكومة يجب ان تتشكل هذا الشهر».
وعن موضوع توزير رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان او من ينتدبه، قال: «عدم توزير أرسلان يبدو ثابتاً في المعادلة، ولهذا السبب نبدي مرونة، ونستطيع أن نعطي ولا يُؤخذ منّا، ونشارك بتسوية ولا تُفرض علينا تسوية قسرية».
تسوية درزية
وبحسب مصادر قريبة من الحزب الاشتراكي، فإن جنبلاط فهم من العرض الذي قدمه باسيل في مؤتمره الصحفي الأخير، عمّا سماه «المعيار العادل» أي وزير لكل خمسة نواب، بمثابة إسقاط لمسألة توزير النائب أرسلان، على اعتبار ان الكتلة النيابية الأخيرة (كتلة ضمانة الجبل) لا تضم سوى أربعة نواب.
كما ان جنبلاط فهم من طرح الرئيس الحريري بالنسبة لضرورة تقديم تنازلات، بأن تكون هذه التنازلات متبادلة، وهو ما شدّد عليه عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور أمس، عندما تساءل: «لماذا لا تكون هناك تسوية على قاعدة العدالة وعلى قاعدة التنازلات المتبادلة».
إلا ان مصادر الوزير باسيل، نفت أمس، عن ان «التيار الحر» مستعد للتنازل عن عدم توزير أرسلان، مقابل منح التيار حقيبة الاشغال.
وعلى الرغم من ذلك، فإن مصادر رسمية رأت ان موقف جنبلاط من طروحات باسيل يُبنى عليه إيجاباً، لجهة معالجة موضوع التمثيل الدرزي، كما ان الحريري يراهن على حصول تقدّم ما مع جنبلاط، على أساس ان يكون الدرزي الثالث مشتركاً بين الرجلين، وقالت ان «البحث وصل إلى حدّ تسمية الشخص الذي يُشكّل نقطة الالتقاء».
لكن يبقى كيف سيعالج الرئيس المكلف مطالب «القوات» التي لازالت تعلن انها لم تتلقَ اي عرض رسمي وان كل ما يتم تسريبه في الاعلام عن حصتها الوزارية ونوع الحقائب التي يمكن ان تحصل عليها لا يعنيها.
وفي مجال آخر وتعبيرا عن استمرار المصالحة بين «التيار الحر والقوات»برغم الاختلاف حول تشكيل الحكومة، نشر عضو «تكتل لبنان القوي» النائب حكمت ديب امس الاول، صورة تجمعه بوزير الاعلام (القواتي) ملحم الرياشي ومجموعة من الأصدقاء، وأرفقها بالعبارة الآتية: «عشاء قواتي – عوني والطبق زعتر وزيت».
وسألت «اللواء» الوزير رياشي عما استجد من اتصالات؟ فقال: «لا شيء على الاطلاق حتى الآن».
اشكال الفرزل
الا ان الاشكال الذي حصل مساء أمس الأوّل، في بلدة الفرزل في قضاء زحلة، على خلفية إقامة نصب تذكاري لشهداء «القوات»، زاد من منسوب التوتر مع «التيار الحر»، بعد ان تدخل نجل النائب العوني ميشال الضاهر لمنع إقامة هذا النصب، بحجة انه قريب من منزله، مما أدى الى تضارب بين مناصري الطرفين، تخلله إطلاق نار في الهواء، تدخل على اثره الجيش وفض النزاع بعد توقيف 6 أشخاص اخلي منهم خمسة لاحقاً، وبقي موقوف واحد هو يوسف سيدي مُنسّق الفرزل في «القوات» التي دعت إلى اعتصام في السادسة من مساء اليوم امام تمثال «شهداء زحلة» من أجل المطالبة باطلاقه، والإعلان عن الخطوات اللاحقة.
وأصدر نائبا القوات في زحلة جورج عقيص وسيزار المعلوف، بياناً تحدث فيه عن خلفيات الاشكال والوقائع التي تخللته، متهماً نجل النائب الضاهر بأن إطلاق النار تمّ من منزله، وانه تخلل الاشكال اعتداء متعمد على النائب المعلوف الذي كان مع العناصر التي حاولت وضع النصب التذكاري في المكان المرخص له من قبل البلدية، وان «ذلك رسالة لا يمكن التغاضي عنها».
وخلص إلى المطالبة بتوقيف مطلق النار من منزل النائب الضاهر وإطلاق سراح يوسف سيدي، وان لا مساومة لا من قريب ولا من بعيد على إقامة النصب.
واتهم البيان الضاهر بأنه «افتعل الاشكال عن سابق تُصوّر وتصميم وانه حاول الايقاع بين الجيش وشباب «القوات»، لكن الضاهر ردّ بمؤتمر صحفي، اعتبر فيه ان المسألة أصبحت مسألة تحد وليست وضع نصب، وان «القوات» تريد تكسير رأسه غير القابل للكسر.
وقال ان اعتراضه هو على الموقع الذي يبعد عشرة أمتار عن منزل العائلة، وان موافقة البلدية كانت مشروطة بعدم اعتراض الأهالي، نافياً ان يكون حصل إطلاق نار، مبدياً استعداده لشراء قطعة أرض من حسابه لوضع التمثال في مكان آخر.
عودة إلى الظلمة
في غضون ذلك، ارتسم في الأفق، خوف جدي من العودة إلى «عصر الظلام» في ضوء الصرخة التي أطلقها عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي، عندما نقل عن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل، من انه لا يوجد لديه مادة المازوت، وبالتالي فإن مؤسسة الكهرباء متجهة نحو تخفيض إضافي للتغذية بالتيار الكهربائي.
وقال: «نحن مقبلون على مشكلة جدية بالتغذية، وبدأت الصيحات من الآن تخرج في أكثر من المناطق اللبنانية، مع العلم ان منطقة الجنوب كانت لا تأخذ حقها في التوزيع العادل من التيار الكهربائي على عكس مناطق اخرى».
وفي المعلومات المتداولة، ان السبب المعلن للأزمة هو تأخر وزارة المال في دفع السلفة لمؤسسة كهرباء لبنان لشراء مادة الفيول، في حين يتردد في الكواليس، ان السبب قد يكون للضغط على المعنيين للتجديد لمهمة الباخرة التركية «اسراء» التي تغذي الآن مناطق كسروان وجبيل، مع اقتراب انتهاء العقد الموقع معها ومدته ثلاثة شهور، إضافة إلى النية في عدم التجديد لامتياز كهرباء زحلة، فضلاً عن الخلاف المستعر بين وزارة الاقتصاد وأصحاب المولدات من دون الوصول إلى حل حتى الآن على التسعيرة وتركيب العدادات، الأمر الذي يتخوف الخبراء حياله من ان يصل التقنين إلى 18 ساعة يومياً.