أولاً: خيبات الأمل المُتكرّرة ...
وإذ انتظر اللبنانيون بالأمس أن يظهر رئيس الحكومة المكلّف بكلامٍ وتوجُّهات تنبئ باقتراب حلّ العقدة الحكومية، إذ بهم يسمعون كلاماً مُكرّراً عن أهمية الحوار وطاولات الحوار الموعودة، والتي لن تُساهم في حلّ مشكلة السلاح غير الشرعي (أو الشرعي على الأصح) الموجود في حوزة حزب الله، ذلك أنّ السلاح كما رأى الحريري، مُرتبط بالأزمات الإقليمية، وبانتظار "حلحلة" بعض هذه الأزمات، لا مناص من حمل وطأة هذا السلاح وحمل هموم ومشاكل حامليه. أمّا في مسألة تفكيك عُقد التأليف الحكومي، فالحريري (وكعادته كأمّ الصبي)، يدعو طرفي التّناحر في في الجانب المسيحي للتّضحية وتقديم التنازلات خدمةً للبنان، وهو مُستعدٌ دائماً أن يُعطيهما من حُصّته، إذا كان هذا يُسهّل تأليف الحكومة. أمّا في مهلة التأليف، فقد بدا الحريري متفائلاً، لكن دون حماس، خلال أسبوع أو عشرة أيام تولد الحكومة، وللتّذكير فقط، كان هذا الوعد قد أطلقه أكثر من طرف مشارك في التأليف قبل حوالي أربعة أشهُر، لذا فإنّ اللبنانيين باتوا لا يقتنعون بكلامٍ لا يُشفي عليلاً ولا يروي غليلاً، ولا يفُكُّ مغيصاً، ولا يستدعي أكثر من الاستهجان والاشمئزاز ومطّ الشفتين.
ثانياً: صار الوقت..وقت ضائع...
إذ خاب أملُ اللبنانيين بأقوال وأماني رئيس الحكومة المكلّف، كذلك خاب أمل من تابع الإطلالة الإعلامية الأولى للإعلامي مارسال غانم على قناة الMTV في برنامج حواري سياسي تحت مُسمّى "صار الوقت"، مع أنّ البرنامج مهّدت له حملة إعلانية ضخمة وأرادت باستقبال ضيف مُميّز من وزن الرئيس الحريري، أن يكون افتتاحاً مُدوّياً مُميّزاً، إلاّ أنّ الحلقة الأولى جاءت باهتة وعاديّة، وكأنّ غانم ما زال في ثوب "كلام الناس" الذي قدّمه فترة طويلة على قناة الLBC، حركات استعراضية، استعلاء على المشاهدين، مع بعض التّملُّق للضيوف، بتر الحوار الضروري والمفيد، ولعلّ أبرز مثالٍ على ذلك بالأمس عندما سأل غانم الحريري عن عرقلة تعيين الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية في وظائفهم، طرح المسألة بطريقة سطحية وغائمة وثانوية، كأنّه يسأل عن إقفال مجرور صحّي في زاروب من زواريب منطقة نائية، وجاء ردّ الحريري بغسل يديه من هذه "الفضيحة"، فهو وقّع كافة المراسيم المتعلقة بنتائج مباريات المجلس، إلاّ أنّه بدل تحميل رئيس الجمهورية المسؤولية الأولى في عدم توقيع المراسيم ونشرها، عمد إلى "تسخيف" الموضوع وحرفه عن جوهره، بافتعال إشكالية تعيين الموظفين في أماكن إقامتهم، إلاّ أنّ هذه التّعمية، لا تُعفيك يا دولة الرئيس بمتابعة القضيّة مع رئيس الجمهورية، الذي يمتنع عن التوقيع خلافاً للدستور والقوانين المرعية الإجراء (ويُقال أنّ العرقلة الأساسية بطلها الوزير باسيل وتياره)، بئس ما وصلت إليه أمور المواطنين.
أخيراً، بالأمس لم يكن قد صار الوقت، أو لم يحن أوانُه بعد، ولعلّه مضيعة للوقت يا سيد غانم، إذا استمرّ على هذه الوتيرة.