ماذا ينتظر رئيس الجمهورية والرئيس المكلف لإصدار مراسيم تشكيل الحكومة والناس، كل النّاس بدأت تضج من التأخير الحاصل وتداعياته على الوضع الاقتصادي المتردي أصلاً، وعلى الوضع النقدي المترنح بشهادة أهل الخبرة، مع احترامنا لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يستدعى بين فترة وفترة ليطل على الرأي العام مطمئناً إلى الوضع النقدي بصورة عامة، وإلى وضع الليرة بصورة خاصة، كونه الذي يشغل هذه الأيام بال الشعب اللبناني ولا سيما منهم أصحاب الدخل المحدود الذين باتوا يشكلون الأكثرية الساحقة. بل ماذا ينتظر الرئيسان ومعظم القيادات السياسية والحزبية المستفيدة من الدولة وغير المستفيدة، فالبلد بات على أبواب الانهيار المدمر إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، بلا حكومة تدير شؤون البلاد والعباد وتتصدى للمشاكل والاخطار التي تُهدّد بسقوط الهيكل على الجميع، وإذا كان الرئيسان عاجزين عن الاتفاق على تشكيلة وزارية ما لأي سبب كان، فلماذا لا يتخليا عن مسؤوليتهما إفساحاً في المجال أمام مسؤولين آخرين يكونون قادرين على تجاوز هذه الأزمة المحنة التي لا أفق لها حتى الآن، وإذا لم يكن الأمر كذلك فلماذا هذا التأخير في إصدار مراسيم التأليف، وهل أن الأمر مقصود لكي تبقى البلاد من دون حكومة وينهار كل شيء، ويسقط الهيكل على رؤوس الجميع، وعلى رأسيهما بالدرجة الأولى بحكم مسؤوليتهما المباشرة عن الوصول إلى هكذا حالة وإذا كان هناك قطبة مخفية وراء كل هذا التأخير فلماذا لا يكشفانها إلى الرأي العام اللبناني ويبرآ نفسيهما من مسؤولية الانهيار الحتمي.
عندما كتبت وسائل الإعلام أن الرئيس المكلف سيزور القصر الجمهوري تفاءل اللبنانيون، كل اللبنانيين بهذه الزيارة، وتوقعوا أن تنتهي بالاتفاق على تشكيل الحكومة وإصدار مراسيمها استجابة لمطلب اللبنانيين، غير أنهم أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بعدما أعلن الرئيس المكلف إثر انتهاء الاجتماع أن لا شيء جديداً على صعيد الملف الحكومي، وأن الأمور ما زالت تراوح مكانها، وكلامه هذا معناه أن العقد التي تؤخّر ولادة الحكومة العتيدة ما زالت هي ذاتها، ولم تتغير، علماً بأن تصاريح المتهمين من التيار الوطني الحر ومن القصر الجمهوري بالتمسك بأكثر ما هو حق لهم وفق المعيار الذي وضعاه تشي بأنهم مستعدين لتقديم التنازلات التي تساعد على التعجيل في ولادة الحكومة كرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على سبيل المثال لا الحصر، وكرئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وكلاهما أبدى كل حسن نية واستعداد لتدوير الزوايا حرصاً منه على الخروج من هذا المأزق الذي ينعكس سلباً على مجمل الأوضاع الداخلية ويعجل في حصول الانهيار المدمر على حدّ التعبير الذي استخدمه رئيس حزب الكتائب سامي الجميل.
إذاً ليقُل لنا رئيس الجمهورية الذي ما زال يتحفظ على التشكيلة الحكومية التي رفعها إليه الرئيس المكلف أين تكمن العقدة التي تجعله يؤخر ولادة الحكومة، بدلاً من أن يستدعي هذا الخبير وذاك لكي يطمئن إلى سلامة الوضع الاقتصادي وإلى متانة الليرة اللبنانية في معرض رده على الخائفين من الانهيار التام ويرفعون الصوت عالياً في وجه المسؤولين المعنيين للاقدام على خطوة إنقاذية قبل ان يسقط الهيكل على رؤوس الجميع ويكونون هم أكبر الخاسرين وأكبر المتضررين.