ملياً، فإن العقدة الوحيدة التي فُتح الباب أمام حلها هي العقدة الدرزية، بعدما أبدى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي استعداده للتخلي عن مطلب الحصول على الحصة الوزارية الدرزية كاملة. لكن مع ذلك، فقد أبدى الرئيس سعد الحريري، عبر برنامج «صار الوقت» الذي يقدمه الزميل مرسال غانم على شاشة «أم تي في»، ثقته بأن الحكومة ستتشكل في غضون أسبوع إلى 10 أيام. هل من معطيات جدية تؤكد هذا التوجه، أم أن ما قاله الحريري يعبّر عن أمنيات رئيس الحكومة المكلف أكثر من تعبيره عن وقائع المفاوضات الحكومية التي لا تزال متعثرة؟ في الوقائع، فإن العقدة القواتية لا تزال في مكانها، خاصة بعدما أصدر الحزب بياناً نفى فيه ما يتردد عن تنازل رئاسة الجمهورية عن نيابة رئاسة الحكومة، لمصلحة القوات اللبنانية، إضافة إلى إعطائها وزارات التربية والشؤون الاجتماعية والثقافة. كما أعاد التأكيد أن «حقها الطبيعي بالحصول على ثلث التمثيل المسيحي في الحكومة إن على مستوى عدد الوزراء أو نوعية الحقائب، ولن ترضى ببعض الفتات من هنا وهناك كما يروج له في التركيبة المزعومة».

 

وكشفت مصادر معنية بمفاوضات تأليف الحكومة أن الحريري يحضّر لصيغة حكومية جديدة سيطرحها على الكتل السياسية في الأيام القليلة المقبلة. وهذه الصيغة تستند إلى تقسيم المقاعد الحكومية وفق الصيغة المعروفة: 10 مقاعد لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحلفائه في تكتل «لبنان القوي»، 6 مقاعد لرئيس الحكومة، 6 مقاعد لحزب الله وحركة أمل، 4 مقاعد للقوات اللبنانية، 3 مقاعد للنائب السابق وليد جنبلاط، مقعد لتيار المردة. وهذه الصيغة التي تلقى قبول غالبية المكونات المتوقعة للحكومة، لا تزال تصطدم بكيفية توزيع الحقائب، في ظل تمسّك القوات بثلاث حقائب «وازنة» ومنصب نائب رئيس الحكومة «على الأقل»؛ في مقابل رفض التيار الوطني الحر لذلك. وبدا واضحاً أن الرئيس ميشال عون أصر على اعتبار نيابة رئيس مجلس الوزراء من حصته، مع استعداده للتخلي عنها، بعد تثبيت أن هذا المنصب هو من حصة رئيس الجمهورية. وقد عدّ الحريري مرونة عون في هذا المجال بادرة إيجابية لحل عقدة التمثيل القواتي، علماً أن مصادر رفيعة المستوى في التيار الوطني الحر لا تزال تؤكد أن رئيس حزب القوات سمير جعجع «يصر على عرقلة تأليف الحكومة، لضرب العهد، كونه يرى في نجاح العهد خطراً على طموحاته في المعارك التي سيخوضها مع الوزير جبران باسيل مستقبلاً».
أما في شأن تمثيل النواب السنة من خارج تيار المستقبل في الحكومة، فقد أعاد الحريري الإشارة إلى موقفه الرافض لتمثيلهم وزارياً انطلاقاً من أن لا حزب أو تكتل يمثل هؤلاء. وأكد في المقابل تأييده لحصول حزب الله على حقيبة الصحة، بالرغم من إمكانية توقف المساعدات لأي وزارة يتولاها، على ما قال. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن السفارة الأميركية عادت إلى تكثيف تهديداتها بقطع المساعدات عن أي وزارة يتولاها حزب الله، في محاولة منها للضغط على مؤلفي الحكومة.

واقترح أحد المقربين من الحريري ما قال إنه «حل وسط» يُرضي الأميركيين في شأن إسناد وزارة الصحة إلى عضو في الحزب، يقضي بإنشاء وزارة دولة للشؤون الصحية، تتلقى المساعدات، فلاقى الطرح رفضاً فورياً من السفارة. كذلك فإن حزب الله، بحسب مصادر في 8 آذار، «ليس في وارد الموافقة على هكذا خزعبلات». وتحرّك الأميركيون للضغط على منظمات دولية تنفّذ برامج مساعدات في لبنان، لحثها على أن تطلب من الإدارات والوزارات المختصة إطلاعها على هويات كل المستفيدين من هذه البرامج، مع «التهديد» بإيقافها في حال استفاد منها أي مُقرّب من حزب الله.
وفي إطار الضغوط الأميركية على لبنان، أضافت وزارة الخزانة الأميركية أمس، اسم محمد الأمين، نجل الوزير السابق عبد الله الأمين، على لائحة العقوبات، متهمة إياه بتسهيل أعمال رجل الأعمال أدهم طباجة الذي سبق أن وضع على لائحة العقوبات. وشمل القرار الأميركي أيضاً معاقبة 7 شركات يملكها الأمين في أفريقيا ولبنان.