حاولت فرنسا بالحد الادنى التعبير عن رغبتها بفعل شيء ما بالنسبة الى تسهيل تشكيل الحكومة التي تواجه عراقيل متنوعة، لكن محاولتها لم تجد طريقاً مفتوحاً والمحاولة لم تكن مبادرة، ولا السعي لمؤتمر وطني يعقد في باريس، ولا اتفاقاً على ايفاد مبعوث رئاسي فرنسي او وفود قادرة على التحدث في هذا الموضوع. وأكدت مصادر ديبلوماسية بارزة، ان المسعى الفرنسي لم يؤدِ الى نتيجة، بسبب وجود مواقف متصلبة.
والحديث عن مبادرة، وفقاً للمصادر، يكون عندما يتم الدخول في التفاصيل وفي حياكة الطبخة الحكومية، انما المسعى الفرنسي بقي في اطار لفت النظر بأن على المسؤولين ان ينجزوا تأليف الحكومة باسرع وقت ممكن، لكن الاسئلة كثيرة حول الاهتمام الدولي بالوضع الحكومي، وأي جهة يمكنها السعي من دون ان يعتبر ذلك تدخلاً في الشؤون الداخلية اللبنانية.
وأكثر ما يقنع في هذه الحالة، بحسب المصادر، ان يسعى لبنان الى مبادرة دولية اشمل من المسعى الفرنسي، حتى لا يُتهم بدعوة الخارج للتدخل، او دعوة جهة محددة. والافضل في ذلك الاستفادة من الاهتمام الذي تبديه دائماً حيال لبنان، مجموعة الدعم الدولية. ومن اهداف المجموعة موحدة في الاساس، دعم استقرار لبنان ودعم مؤسساته، ودعم الجيش اللبناني، ودعم الاقتصاد، ومساعدة لبنان في تحمل اعباء النازحين السوريين. وبالتالي، عندما اغتيل الوزير محمد شطح زار سفراء المجموعة قصر بعبدا، وتدخلوا لمنع التدهور، وللحفاظ على الهدوء انطلاقاً من رغبة دولية حيال لبنان. يمكن الآن، محاولة احياء هذا التوجه بالنسبة الى الحكومة. فيبقي لبنان على مبدأ انه سيد نفسه، وسيد مؤسساته، بعيداً عن نقض مصلحته بدعوة التدخلات الخارجية. التحرك الفرنسي الاخير، جاء من منطلق نتائج مؤتمر "سيدر" فقط، وليس من منطلق التدخل في الشأن اللبناني. واي تحرك لدول المجموعة مجتمعة لن يكون مرفوضاً.
وتكشف المصادر، ان ليس هناك من تركيز دولي على لبنان في هذه المرحلة. الدول تريد ان يكف العناد في مسألة تأليف الحكومة، وان يعمل اللبنانيون على مساعدة انفسهم. واظهار قدر معين من المقدرة على التفاهم حول الحكومة الجديدة، والبدء بالاصلاحات المطلوبة. وهناك ارتياح دولي للجلسات التشريعية في المجلس النيابي على امل ان يتم التوصل الى تشريع كل ما هو مطلوب في مؤتمر"سيدر".
ولاحظت المصادر، ان الاهتمام الاميركي بالتفاصيل اللبنانية في عهد الرئيس دونالد ترامب ليس مثلما كان في السابق. والاهتمام الراهن لم يتبلور برغبة محددة بالنسبة الى الحكومة. لكن اي مسعى اميركي سيقال عنه انه تدخل. مع ان فريقاً سيعتبره مساعدة خارجية على الحل. وآخر سيعتبره احد انواع العراقيل. من هنا الافضل وجود مبادرة دولية جامعة وليس من طرف واحد، او على سبيل التحرك المنفرد.
ولاحظت المصادر نفسها، ان تخفيف عدد الوزراء يحل كل التعقيدات الحاصلة. لكن من الممكن امام المسؤولين اللبنانيين خلق دينامية دولية والامر يحتاج الى ابتكار افكار. الخارج الآن لا يتدخل ويترك الامر للّبنانيين. وسيجد الافرقاء اللبنانيون انفسهم ملزمين بتسهيل تأليف الحكومة من الآن ولمدة شهر ونصف الشهر اي قبل السنة الجديدة. وأحد اسباب الضغوط للتسهيل هو الموازنة العامة للدولة وضرورة انجازها. ولو كان هناك حكومة، كان اجتماع مجموعة الدعم الدولية في نيويورك اسهل بكثير. كما لاحظت المصادر، ان حزبَي "القوات اللبنانية" و"التقدمي الاشتراكي" على استعداد لحلحلة الموضوع. كما ان لدى "حزب الله" وحركة "امل" الواقعية السياسية، حيث انه ما يهمها وجود الحكومة والاستقرار، والا لكانت الامور اخذت طابعاً اكثر تشنجاً مما هو حاصل الآن. والحزب لديه القوة الكافية لكي يسمع له مناصروه، ولكي يُبقي على اي قرار له بالنسبة الى سوريا.
وتقول المصادر، انه في هذه المرحلة الاقليمية من التموضعات للحل ان في سوريا او العراق، ليس متوقعاً دولياً للبنان ان يلعب دوراً اقليمياً كبيراً او اساسياً. انما فقط المهم ان يحافظ على استقراره. سفراء دول المجموعة في لبنان يضعون تقارير دورية حول الوضع الحكومي فهل يتطور ذلك الى مبادرة؟