أن يقف رئيس وزراء العدو على منبر الأمم المتحدة ويخاطب العالم وبيده صور عن معمل صواريخ ذكية تابعة لحزب الله ليس بالأمر العابر أو البسيط الذي يمكن التعاطي معه بخفّة وسهولة، فكلنا يعلم بأن إسرائيل لا تأبه ولا تهتم إلا باستمرار تفوقها العسكري الإستراتيجي وتحاول عبر السنين وبكل جدية منع أي خلل قد يصيب هذا التفوق.
هذا ما حصل سنة 1981 عندما تم قصف المفاعل النووي العراقي غير آبهة بردات الفعل أو تبعات هذا الإعتداء على دولة قوية تملك أكبر جيش عربي، وهذا ما حصل أيضاً سنة 2007 عندما أغار سرب من طيران العدو على مفاعل دير الزور في سوريا الأسد، ولم تأبه أيضاً بنشوب حرب بين الدولتين الأقوى في المنطقة مع ملاحظة أن سوريا يومها كانت بأفضل حالاتها.
إقرأ أيضًا: صواريخ الـ S300، مطلب إسرائيلي
وفي هذا السياق فإن إدعاء العدو الإسرائيلي وجود معامل صواريخ بمنطقة الأوزاعي يأتي بعد تصريحات كان قد أطلقها مساعد قائد الحرس الثوري الإيراني عنها، مما يعزّز عند الرأي العام العالمي حقيقة وجودها على الأراضي اللبنانية بغض النظر عن دقة المعلومات التي أعلنها نتنياهو أو خطأها، إلا أن أصل الخبرية لها مكانها في الإعلام العالمي.
أمام هذه الحقائق، لا يكف الإعتماد على الديبلوماسية اللبنانية المتمثلة بوزير الخارجية جبران باسيل واللقاء المزمع عقده مع ممثلي دول القرار لوقف الإندفاعة الإسرائيلية، بالخصوص إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن جبران باسيل قد جعل من الديبلوماسية اللبنانية مهزلة المهازل بعد أن حوّلها رئيسها إلى منصة لتياره ومركز سفريات له ولفريقه وهو المحسوب أصلاً على حزب الله، وهذا ما كنا نحذّر منه في غابر الأيام.
فالدور الذي كان يلعبه الشهيد رفيق الحريري بعلاقاته الدولية وصلاته مع دول القرار في العالم هو أكثر ما يفتقده لبنان في هذه اللحظات الحسّاسة.
إقرأ أيضًا: الحصان الروسي وبغل الممانعة
والحديث هنا عن توازن رعب بين حزب الله من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى، هو حديث أقرب ما يكون إلى الترهات في ظل إختلال كبير بموازين القوى بالخصوص في ظل إدارة أميركية ماضية إلى أقصى الحدود في محاصرة إيران ومحورها ومع إنهيار العملة الإيرانية إلى حدود لم تشهدها منذ قيام الثورة الإسلامية، ووضع سوريا التي لا تحسد عليه وتضعضع عراقي سياسي وأمني.
قد يكون تصريح نتنياهو في الأمم المتحدة مجرّد هجوم نفسي للمزيد من الضغط على إيران وأتباعها لإخراجها من سوريا، إلا أن هذا لا يستوجب من حزب الله الإتكال على جبران باسيل ولا على تحذيرات سيرغي لافروف، وعليه إتخاذ خطوات أكثر جدية، قد يكون تشكيل حكومة حقيقية بتنازلات كبيرة من الحزب واحدة من الخطوات الضرورية جداً، وتسليم وزارة الخارجية لشخصية من الفريق الآخر خطوة أكثر من ملحة لحماية لبنان ، فوضع البلد لا يسمح بسماع عبارة "لو كنت أعلم" ولا حتى "سنرد بالزمان والمكان المناسبين".