منذ دخول روسيا على سوريا لم تكن اسرائيل مرتاحة لتلك الخطوات. علماً انه سبق وأن زار نتنياهو روسيا مرات عديدة ، كما ارسل العديد من الوفود الاستخبارية والسياسية والدبلوماسية، بهدف التأثير على قرارات بوتين بخصوص الشرق الاوسط ، ومن ضمنها الموضوع السوري .
ولم يرضخ بوتين لمطالب تل ابيب، على الرغم من عمق العلاقات الاقتصادية، والعسكرية، بين البلدين . كما وانهما يرتبطان بصلات عميقة، على مختلف الاصعدة ، خصوصاً ان عدداً كبيراً من اليهود في اسرائيل هم روس بالاساس. وهذه الروابط لم تثنِ بوتين أن يتراجع عن سياساته في سوريا، وبالتالي الشرق الاوسط.
وخلافاً لما اعتادته اسرائيل في التعاطي مع اميركا واوروبا وسواهم من الدول الا انها اصطدمت بالموقف الروسي بعد اسقاط الدفاعات الجوية السورية الطائرة الروسية وعلى متنها خمسة عشر جندياً حيث اتهمت وزارة الدفاع الروسية اسرائيل بأنها المسبب لاسقاط الطائرة وهذا الامر سيكون له عواقب . وابرز هذه العواقب حسب الوضع الراهن هو حرمان سلاح الجو الاسرائيلي من حرية الحركة في الاجواء السورية . وهذا ما سماه جون بولتون مستشار الامن القومي الاميركي بالتصعيد الخطير، وطالب موسكو باعادة النظر بقرارها.
إقرأ أيضًا: المنطقة تغلي... هل جنوب لبنان مستهدف؟
موسكو اعتبرت ان اسقاط الطائرة أمراً لا يمكن السكوت والتغاضي عنه ،الا انه من الممكن ان تكون محاولة من قبل القيادة الروسية الى اعادة رسم قواعد اشتباك جديدة، بعيدة عن مسألة معاقبة نتنياهو ومكافأة الاسد بمنظومة اس 300. الا انها كما ذكرنا ان روسيا بهذا الامر تسعى الى بداية تغيير المعادلات الاستراتيجية في الصراع المفتوح في المنطقة . لكن السؤال يبقى هل ستستطيع موسكو من خلال قرارها بوضع النقاط على الحروف في المجال الاستراتيجي على مستوى المنطقة أم أن الامور مفتوحة على سلسلة من الاسئلة منها ما هو متعلق بالتفاهم الروسي الاسرائيلي فيما يتعلق بالتنسيق العسكري بينهما؟ وما هو الموقف الروسي إزاء التزامها بإبعاد القوات الإيرانية والميليشيات المرتبطة بها عن خطوط الفصل مع الجولان السوري المحتل ،بالإضافة إلى الحدود مع الأردن ؟ ومن ضمن الاسئلة المطروحة ايضاً ما هي الآليات المتبعة بالتعاطي مع طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وحركتها الدائمة في المنطقة التي تسيطر عليها؟ هل بإمكان القيادة الروسية اتخاذ قرار بفتح صدام عسكري مع الولايات المتحدة، أم ان هناك امكانية لاستمرار التنسيق الاميركي الروسي؟
بتقديري من السابق لأوانه تقديم أجوبة سريعة، وعلينا ترقب مسار الاحداث خلال الفترة المقبلة لأنها ستحمل بالتأكيد أجوبة وردود على كل تلك التساؤلات.