علينا أن نتفاءل بعزم رئيس الجمهورية على الخروج من دوامة المأزق الحكومي، وتعثُّر تأليف الحكومة، باستبعاد الأطراف المعرقلة، وبما أنّه الوحيد المؤتمن على الدستور وقيام المؤسسات الدستورية وحُسن انتظامها وسيرها، وحيث أنّ العقدة المستعصية باتت محصورة بين تيار الوزير باسيل (الذي أورثهُ إياه رئيس الجمهورية) والقوات اللبنانية التي أوصلتهُ إلى سدّة الحكم، وأعطتها الانتخابات النيابية حُصّةً وازنة في التركيبة الطائفية المسيحية، وبما أنّ رئيس الحكومة المُكلّف (الذي لا يستطيع أحدٌ أن ينزع تكليفه) مُصرٌّ على تأليف حكومة توافقية، ولن يوافق في مختلف الأحوال على استبعاد القوات اللبنانية، كما يتعذّر استبعاد الحزب الجنبلاطي، الممثل الحصري للطائفة الدرزية، فلا يبقى أمام فخامة الرئيس سوى الضغط الكافي والحازم على الوزير باسيل ليتواضع ويكُفّ عن عرقلة تأليف الحكومة، ويرضى بما قسمه له الله وعمُّه من حقائب وزارية بانتظار ظروفٍ مُؤاتية أخرى، فإذا تعذّر ذلك (وهو مُتعذّر كما دلّت التجارب)، عندها لا بُدّ للرئيس (بما له من مونة وسلطان على باسيل) أن يأمره بالتّنحي، علّ من يُجاهر بالتّصدي لإطلاق عملية إصلاحٍ شاملة، وفي طليعة ذلك إيجاد الحلول الناجعة لأزمة الكهرباء وأزمة النفايات وأزمات الإسكان والاستشفاء وأدوية الأمراض المستعصية، ورفع معدل النمو العام وضبط الإنفاق، ومكافحة الفساد وحفظ المال العام أن يتولّى ذلك، فينجح العهد، وينجح معه باسيل بالاستتباع، فنجاحُ عهد الرئيس عون هو نجاحٌ مُضاعف لباسيل، فهو لم يكن ولن يكون سوى صنيعة من صنائع القائد التاريخي ميشال عون، وهذا المسار "الافتراضي" لو حصل بمعجزة، لهو أفضل بما لا يُقاس من أن يُسجّل التاريخ فشلاً مُضاعفاً للرئيس وصهره وتياره "الإصلاحي التّغييري".
قال زياد بن أبي سفيان: لو أنّ لي ألف ألف درهم ولي بعيرٌ أجرب لقمتُ عليه قيام من لا يملُك غيره، ولو أنّ عندي عشرة دراهم لا أملُك غيرها ولزمني حقٌّ لوضعتُها فيه.