الانحطاط الأخلاقي الذي انزلقت إليه هذه الطبقة السياسية الحاكمة، والانحلال السلوكي الذي بلغته في تعاطيها مع المشاكل المتفاقمة والأزمات المتراكمة التي تلامس وبشكل مباشر الحياة اليومية للمواطن والاستهانة بالحدود الدنيا لحقوقه المشروعة التي كفلتها له الشرائع السماوية والقوانين الأرضية والانحراف الواضح لهذه الطبقة الفاسدة عن جادة الصواب، والهبوط بالوطن والمواطن نحو مهاوي الفساد والرشاوى والصفقات المشبوهة والمتاجرة بلقمة العيش وحبة الدواء، والمراهنة بمصير البلد ومستقبل أبنائه وخاصة الأجيال الناشئة، والإصرار على التمسك عنوة بمفاصل السلطة والتشبث بمواقع الحكم من خلال ضرب المفاهيم التي تتيح للشعب حرية التعبير عن الرأي، وطمس معالم الديمقراطية ومبدأ تداول السلطة.
هذه الأمور مجتمعة ومنفردة أدخلت البلد في عالم اللامعقول الذي لم يعد ينفع معه اي محاولات للإصلاح والترقيع. في ظل هيمنة هذه الطغمة الحاكمة على كافة مناحي الحياة فيه والتي أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها جشعة ومتغولة وفاسدة وخبيثة وفاقدة للحد الأدنى من الأخلاق الرفيعة وللمواطنة مقابل حرصها الشديد على مصالحها الخاصة ولو كانت على حساب مصلحة الوطن والمواطن، والتي أوصلت البلد إلى مراحل متقدمة من الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والمعيشية والأمنية، بعد أن امعنت في هدر المال العام ونهب مقدرات البلد وتقاسم مغانم السلطة ومرافق الدولة، بحيث حرمت الخزينة بنسبة كبيرة من مستحقاتها المالية من ضرائب ورسوم وجمارك وغيرها والتي تذهب إلى جيوب المتنفذين وأصحاب السطوة والحظوة والازلام والمحاسيب المحميين بغطاء من تفاصيل سلطة الأمر الواقع التي تقاعست عن مراقبة معابر التهريب وغضت الطرف عن التجار الكبار بالممنوعات والمتاجرين بالكثير من الأدوية والسلع الاستهلاكية والغذائية الفاسدة المنتهية الصلاحية، لدرجة استطاعت معه هذه الطغمة الحاكمة باسم القانون حينا وباسم الدين احيانا ان تحول البلد إلى مزرعة مستباحة، والشعب إلى قطيع بلا راعي. ليصبح الإصلاح ضربا من ضروب الخيال، وحلما بعيد المنال، ولا يمكن بلوغه الا بإزالة مفردات هذه المنظومة السياسية والحزبية عن مفاصل الحكم.
والشعب في ظل هذا الواقع المزري والميؤوس منه من حقه بل من واجبه المطالبة ورفع شعار إزالة هذه الطبقة السياسية الفاسدة عن مواقع السلطة كخطوة أولى للإصلاح في مسيرة الألف ميل، مهما تطلب ذلك من تضحيات حتى لو استوجب ذلك سلوك طريق الدم والاستشهاد في سبيل الوطن والإنسان .
إقرأ أيضًا: عراقيل تشكيل الحكومة خارجية وليست فقط داخلية