تحولت إيران إلى موضوع للخلاف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وفي حين يطالب الرئيس الأميركي الاتحاد الأوربي وجميع بلدان العالم بقطع العلاقات الاقتصادية مع طهران وخرق الاتفاق النووي ، تؤكد بلدان الاتحاد الأوربي على ضرورة الإبقاء على الاتفاق النووي بالموازاة مع الحوار الجدي مع إيران بشأن سلوكها في المنطقة وبرنامجها الصاروخي.
ولكن الرئيس ترامب يريد اعادة عقارب الزمن إلى الماضي أي إلى ما قبل الاتفاق النووي تمهيدا لوضع اتفاق جديد مع إيران يتضمن مشروعيها النووي والصاروخي وتدخلاتها الاقليمية. ولا يملك ترامب أداة لدفع إيران إلى التفاوض الا الحظر الاقتصادي. ويسجل ترامب لنفسه نجاحا كبيرا في جني ثمار ضغوطه المشددة على كوريا الشمالية حيث أن لقاءه مع الزعيم الكوري الشمالي أدى الى توقيع مذكرة للتفاهم وليس عقدا ولا قرارا ملزما. ويفضل ترامب وعود الزعيم الكوري الشمالي بإنهاء مشروعه النووي وفك منشآته النووية على الاتفاق النووي مع إيران الذي تعهدت إيران خلاله برقابة المنظمة الدولية للطاقة الذرية للتأكد من سلمية برنامجها النووي. وقد اكدت المنظمة على التزام إيران بتعهداتها منذ يوليو 2015 حتى اليوم، في حين ان كوريا الشمالية لم تفعل شيئا لنزع اسلحتها المدمرة سوى استعراض عسكري غابت عنه صواريخها الباليستية ما أتبع شكر الرئيس ترامب.
إقرأ أيضًا: ترامب وروحاني: تبادل التهم
وما يفرق بين إيران وكوريا الشمالية هو ان إيران تعتبر مصدر تهديد لإسرائيل حليفة الولايات المتحدة الأولى في الشرق الأوسط.
الولايات المتحدة تأمل إسقاط النظام الإيراني ليس عبر مواجهة عسكرية وإنما عبر الاحتجاجات الداخلية الناتجة عن الضغوط الاقتصادية والمعيشية بالرغم من أنها تنفي أي أثر لعقوباتها على الوضع المعيشي للشعب الإيراني. هذا وإن جميع المواطنين في إيران يشعرون بآثار العقوبات الأميركية المتزايدة على حياتهم المعيشية كما اعترف به الأمس رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو خلال خطابه في الأمم المتحدة منوها بالمفعول الإيجابي لانسحاب ترامب من الإتفاق النووي.
وما يجمع بين ترامب ونتنياهو هو الأمل بإسقاط النظام الإيراني قبل احتفاله بعامه الأربعين.
وفعلا هناك تردي للأوضاع الاقتصادية في إيران وارتفاع لاسعار العملة الصعبة في السوق السوداء وتخوف ملحوظ لدى المواطنين من المستقبل. ولكن يبدو أن الشعب عامة يعرف أن مصدر تلك الأوضاع الاقتصادية السيئة ليس في الداخل وإنما في الموقف العدائي الذي اتخذه ترامب للقضاء على النظام الإيراني.
إقرأ أيضًا: ترامب يموت على لقاء نظيره الإيراني
وبالرغم من إرادة الرئيس ترامب، هناك جهود أوروبية لفتح قنوات مصرفية لاستمرار التبادل التجاري مع إيران قبل موعد تطبيق العقوبات القادمة في شهر نوفمبر.
وفي ظل وقوف الاتحاد الأوربي وروسيا والصين وتركيا ستتمكن إيران من الصمود أمام العقوبات وعدم الانسحاب من الاتفاق النووي وفي المقابل تحميل المسؤولية والتكاليف على الطرف الأميركي.
ان الرئيس ترامب يعيش حاليا في وضع لا يحسده عليه أحد. انه يكافح في جبهات عدة منها الاتفاق النووي مع إيران وأوربا وروسيا والصين والأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومحكمة لاهاي وداخليا يواجه تهما عدة منها ملف التدخل الروسي في مسار الانتخابات وملفات فساد أخلاقية أخرى من الصعب أن ينتصر في جميعها وربما سيسقط ترامب قبل تحقيق حلمه باسقاط النظام الإيراني. فالرهان على اسقاط النظام الإيراني بفعل اعادة العقوبات رهان خاسر.