إنها مرحلة الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الاميركية، والادارة والحزبان الجمهوري والديمقراطي منشغلون بهذه الانتخابات. والانشغال بها يُضاف الى مرحلة التخبّط داخل مراكز القرار في واشنطن نظراً لعدم استكمال التعيينات الادارية منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، وهي لم تحصل لمرة واحدة، بل مرات عدة. ومن خلال ذلك، اكثر من مسؤول تعاقب على تسلّم ملفات لا يلبث ان يتركها فجأة ليتابعها غيره. كل ذلك مع مزاجية الرئيس ترامب، ليجعل الادارة الاميركية غير واضحة الاستراتيجية على المستوى الخارجي، لا سيما في ملفات الشرق الاوسط الساخنة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة.
هناك اهتمام الآن بما سيحصل في ادلب، الادارة الاميركية تحذّر من استعمال الكيماوي، وأنها ستقوم بضربة للنظام في حال استُخدِم. وليس واضحاً، ما اذا ستكون الضربة قوية ام لا. روسيا تقول ان الادارة الاميركية تتحدث عن الضربة اذا استخدم الكيماوي، لانها ستتذرع به لتوجيه ضربة. في كل الاحوال، الجميع بانتظار الاتفاق الروسي - التركي حول ادلب ومفاعيله.
اما بالنسبة الى وقف تمويل الولايات المتحدة لـ «الاونروا»، وهو قرار اتخذ في وقت ضائع على مستوى انتظار التسويات الكبرى في المنطقة، تفيد هذه المصادر الواسعة الاطلاع على العلاقات اللبنانية - الاميركية، بأن واشنطن لن تتراجع عن قرارها بالنسبة الى عدم تمويل الوكالة، وأنها تقوم بعروض حول تمويل جانبية للاجئين الفلسطينيين وليس من خلال «الاونروا»، وأن القرار الاميركي ليس موجهاً ضد الفلسطينيين في حد ذاتهم، انما موجّه ضد الامم المتحدة ككل. وبالتالي، واشنطن خفضت دعم الامم المتحدة في كل وكالاتها ومنظماتها. لا بل ان هذه الادارة لديها تذمر من فاعلية الامم المتحدة. وهي تعمل للتغيير في ادائها، لا سيما وانها تعتبر نفسها الممول الاكبر للامم المتحدة، وهي تريد ان تكون هناك فاعلية في استعمال التمويل، ولا تستطيع ان تكمل على هذا المنوال.
وبينما قال مسؤول لبناني للادارة، انها تعمل ذلك لالغاء المكتسبات الفلسطينية وحق العودة ومساعدة اللاجئين في حياتهم، بحسب المصادر، تقول الادارة، بأن على دول اخرى التمويل، ولا تريد واشنطن ان تكون الممول الاكبر، ولا ان يكون الاعتماد عليها.
وتفيد المصادر، ايضاً، ان هناك استبعاداً لان يكون هناك تحضير لانقلاب في البيت الابيض من خلال نتائج اداء ترامب. الآن الجميع ينتظر ما ستؤول اليه الانتخابات النصفية للكونغرس في ٦ تشرين الثاني المقبل. والتوقعات تشير الى ان ترامب، او حزبه، سيخسر الاكثرية في مجلس النواب، في حين انه سيحتفظ بالاكثرية في مجلس الشيوخ. الا ان ترامب وحزبه يعتمدان على المفاجآت، ويقول مناصروهما، انه قبل الانتخابات الرئاسية كان هناك تشاؤم، وبعد الانتخابات حصلت المفاجأة بفوز ترامب.
انما اذا تحققت التوقعات، فان خسارة مجلس النواب، تعني شل اداء حكم ترامب، لان الحزب الجمهوري يشكّل الآن اكثرية في مجلسي النواب والشيوخ. واذا كان مجلس النواب ضده، يستطيع الاخير عرقلة مشاريعه، ولا يمكنه تمرير ما يريد، الامر الذي يشل العهد. مع الاشارة الى ان هناك اموراً لا تحتاج الى قوانين ويمكن تمريرها. لكن خسارته مجلس النواب تؤثر على تفرد الرئيس بقراره. وفي كل الاحوال، فان الامور المتعلقة بدعم اسرائيل وأمنها لن تتأثر، لان هناك دعماً لا متناهياً لها من الحزبين.
واذا حصلت هذه الخسارة، تتوقع المصادر ان لا يسمح الديمقراطيون للرئيس بالاستمرار في سياسة غض النظر عن اداء روسيا في المنطقة. لان الديمقراطيين يعتبرون ان التدخل الروسي هو الذي ادى الى خسارتهم الرئاسية الاميركية. ويتوقع حصول ضغط على الرئيس للتشدد حيال روسيا ولزيادة العقوبات عليها.
والديمقراطيون يعتبرون ان ترامب ما كان يجب ان يلغي الاتفاق النووي مع ايران. واذا خسر مجلس النواب سيتأثر اي قرار حول ذلك.
وتشير المصادر، الى ان ما تم بحثه في القمة الاميركية - الروسية في تموز الماضي لا يعني انه سيطبق. ومن المستبعد ان يسمح الديمقراطيون للرئيس ان يطبقه، لا سيما وانه ليس هناك داخل ادائه من توافق حول نقاط البحث ونتائجه. وكذلك بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لا توافق حول ذلك، لذا ليس هناك من اهمية ستعطى لمفاعيل القمة.
يضاف هذا المناخ الى حال التخبط الذي تعيشه الادارة اساساً، ويشعر الديبلوماسيون الاجانب في واشنطن انهم غير قادرين على بناء علاقة او ملف، لانه بسبب التغييرات في المسؤولين داخل وزارة الخارجية ومجلس الامن القومي، تبدأ الامور من الصفر ولا تنتهي، وليس من جدية، إضافة الى تغيير رأي الرئيس بسرعة وفي قضايا حساسة. ومن بين هؤلاء الموظفين من لا يُقال من مركزه مثل غيره، بل هم يستاؤون ويتركون عملهم من جراء التخبط والفوضى.