نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا لكل من كيمبرلي دوزير وسبنسر أكيرمان، يقولان فيه إن المتشددين في موضوع إيران في إدارة ترامب يريدون التأكيد على شيء خلال اللقاء السنوي الدبلوماسي غير الرسمي للأمم المتحدة، وهو: "أننا لا نحاول الإطاحة بالجمهورية الإسلامية".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن مستشار الأمن القومي جون بولتون، قوله في إجابة على سؤال من "ديلي بيست": "تغيير النظام ليس سياسة الإدارة.. (لكن) ما نتوقعه من إيران هو تغيير كبير في تصرفاتها".
ويعلق الكاتبان قائلين إن إنكار بولتون لمحاولة تغيير النظام في إيران سيصطدم بجدار من التشكك، فكما ورد في تقرير لـ"ديلي بيست" الأسبوع الماضي، فإن محامي الرئيس، رودي جولياني، تحدث على المنصة ذاتها مع زعيمة معارضة إيرانية في مؤتمر يسعى لتغيير الحكومة الإيرانية، وقال جولياني إن نهاية الجمهورية الإسلامية "قد تكون خلال عدة أيام أو أشهر، ربما سنتين.. لكنها ستحدث".
ويجد الموقع أن هذا جعل كبار المسؤولين في الإدارة يسارعون في القول إنهم لا يخططون لحرب عراق ثانية، "فأكدت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي عدم تخطيط الإدارة لتغيير النظام في إيران بقولها: (لا نخطط لتغيير النظام في أي مكان)".
ويشير التقرير إلى أنه بدلا من ذلك، فإن بولتون أعلن في مؤتمر صحافي قرب الأمم المتحدة، أنه في الوقت الذي يفتتح فيه اللقاء السنوي للجمعية العامة، فإن أمريكا تدفع ببرنامج يضع "أكبر ضغط ممكن" (على إيران)، على غرار سياسة الإدارة تجاه كوريا الشمالية، التي لا يزال ينتظر أن تأتي بنتائج ملموسة في مسألة نزع السلاح النووي الكوري الشمالي الذي يرغب فيه ترامب.
ويستدرك الكاتبان بأن الطريقة التي ستضع فيها أمريكا أكبر ضغط ممكن تعقدها فكرة رئيسية أخرى يخطط الرئيس للدفع بها خلال مؤتمر هذا العام، بحسب بولتون وهيلي ووزير الخارجية مايك بومبيو، مشيرين إلى أنه سيكون في خطاب الأمم المتحدة إعادة لما ورد في خطاب العام الماضي، فيما يتوقع أن يقرأ الدبلوماسيون تعريف ترامب للسيادة الوطنية في معارضة للأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات متعددة الأطراف.
ويلفت الموقع إلى أن بولتون لوح بنسخة جيب من الدستور الأمريكي أمام الصحافيين، مصورا السيادة بالمفهوم القومي والشعبوي، الذي عرف عنه خلال شغله لمنصب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة أثناء إدارة جورج بوش، وقال بولتون: "إن التجاوزات ضد السيادة ليست تجاوزات ضد مفاهيم مجردة، أو تجاوزات ضد الحكومة، إنها تجاوزات ضد الشعب نفسه.. والدستور هو أعلى سلطة نعترف بها".
ويفيد التقرير بأنه كما فعل خلال عمله الدبلوماسي، فإن بولتون عبر عن ازدرائه للمؤسسات الدولية عندما تتعارض سلطاتها مع مصالح أمريكا، وحذر قبل أسبوعين من أن أمريكا ستحاكم المسؤولين في محكمة الجنايات الدولية، الذين يقومون بالتحقيق في ادعاءات جرائم حرب أمريكية في أفغانستان، ووصف المحكمة بأنها "غير شرعية".
ويقول الكاتبان إن هذا يعد جزءا من التراجعات الدبلوماسية التي انتهجتها إدارة ترامب، فتخلت عن اتفاقية باريس للتغيرات المناخية التي تم التوصل إليها بعد مفاوضات دقيقة فيما يتعلق بالتخفيف من انبعاثات الوقود الأحفوري، لافتين إلى أنها ألغت كذلك الاتفاقية النووية مع إيران، التي تم التوصل إليها خلال إدارة أوباما، وشاركت فيها كل من فرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا، مدعومة بالاتحاد الأوروبي.
ويذكر الموقع أن شركاء أمريكا الأوروبيين يحاولون الموازنة بين إبقاء إيران ملتزمة بفحوى الاتفاق، من خلال عدم العودة إلى البرنامج النووي الذي تم إغلاقه، والتعامل في الوقت ذاته مع العقوبات التي فرضتها أمريكا، التي تؤثر على الشركات الأوروبية التي تتعامل تجاريا مع إيران.
وبحسب التقرير، فإن الإدارة تعتقد أن سياستها تؤتي أكلها، حيث بدأ الاقتصاد الإيراني يعاني، وأعلن بومبيو عن حزمة عقوبات تبدأ في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، تستهدف صادرات النفط الخام، والتعاملات مع البنك المركزي الإيراني.
وينوه الكاتبان إلى أن ترامب سيترأس يوم الأربعاء جلسة لمجلس الأمن ضد انتشار الأسلحة النووية، ستركز بشكل كبير على إيران، في محاولة لدعوة العالم للانضمام إلى حملة الضغط على إيران، وقال بومبيو: "يمكنك أن تراهن بأنه ستكون لدى الرئيس كلمات قوية مستحقة للنظام الإيراني، الذي يعد واحدا من أسوأ المنتهكين لقرارات مجلس الأمن، إن لم يكن الأسوأ في العالم".
ويرى الموقع بأنه يجب أن يتجاوز عدم الرضا الأجنبي والأوروبي بالذات على انسحاب أمريكا من الاتفاقية النووية مع إيران، والمغامرة بالسير في طريق الحرب.
ويشير التقرير إلى أن وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان كشف عن أجندة تتعارض مع تلك التي سيعرضها ترامب هذا الأسبوع، حيث دافع عن التعددية، وتعهد بالدفاع عن الاتفاقية مع إيران، وعن اتفاقية المناخ، وعن المؤسسات متعددة الأطراف، التي استخف بها بولتون، مثل محكمة الجنايات الدولية ووكالة غوث اللاجئين.
ويورد الكاتبان نقلا عن لودريان، قوله للصحافيين في السفارة الفرنسية في نيويورك: "أعتقد أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيتحدث بصراحة مع الرئيس ترامب.. وأعتقد أن كلاهما سيسجل ما يتفقان وما يختلفان عليه.. فهي ليست مواجهة".
وينقل الموقع عن بومبيو، قوله يوم الاثنين: "سواء كانت القضايا أمنية أم اقتصادية، أم حقوق إنسان، أم أي شيء آخر، فإن الرئيس يطلب من الدول أن تستخدم سيادتها للضغط لحل التحديات، والسماع لما يمكن لأمريكا فعله للمساعدة".
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أن مشكلة السيادة هي أن الدول الأخرى تملكها، ويمكن أن تستخدمها بطرق تعرقل أجندة ترامب.
بلال ياسين-