في الظاهر، رفعت الجلسة المسائية في يوم «تشريع الضرورة» رقم 2 على مضض، لكن في الوقائع ان ترتيبات تطيير النصاب ورفعه من قبل رئيس المجلس بات محكم التنسيق، فالجلسة رفعت.. والتناغم التشريعي فتح الباب امام تناغم آخر، من شأنه ان يضع الحكومة على الطاولة من زاوية البحث الجدي عن صيغة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار توازن النتائج الانتخابية، وتلاقي المصالح، في ترجمة لا تتأخر لمتطلبات مؤتمر «سيدر» التي أنجز المجلس في قوانينه التي اقرها الشق اللبناني المطلوب، على ان تذهب الاتصالات، باتجاه التفاهم على صيغة حكومة مثلثة الاضلاع:
1- 10 حقائب للرئيس وفريقه النيابي.
2- 10 حقائب للرئيس المكلف وفريقه النيابي (المستقبل، القوات).
3- 10 حقائب للثنائي الشيعي، وحلفائه (مردة، أحزاب صغيرة أخرى)، بما في ذلك الفريق الدرزي.
ونفت مصادر سياسية واسعة الاطلاع ان تكون هناك حلحلة حاصلة، كاشفة عن «اتصالات خجولة» معتبرة ان لا شيء تحقق بعد، لكن حزب الله، وفقاً لمعلومات المصادر، بات أقرب إلى قبول أو تفهم صيغة 3 عشرات.
وفي السياق، أبدى النائب السابق وليد جنبلاط استعداده للبحث عن صيغة مخرج، لكنه قال: لا أحد يفاتحني بشيء، ولا ادري ماذا يريدون، انا لا اهاجم الرئيس وما زلت معه، وأنا وكتلتي انتخبناه، لكنني انتقد العهد وليس رئيس الجمهورية.
لكنه استدرك في معرض التذكير بما قرأه عن عهد بشارة الخوري، بأن عهده كان هناك «السلطان سليم» ويا ما أحلى هذا السلطان امام سلاطين العهد اليوم.
ونفى جنبلاط في لقاء مع رابطة خريجي كلية الإعلام، ان يكون هو خبير مالي واقتصادي، ولكن لدي خوف كبير على الليرة والوضع الاقتصادي.
ولم يستبعد ان تكون علاقة السوريين بلبنان اصعب بمئات المرات من أيام الوصاية السورية، معتبراً ان النظام باقٍ. (تفاصيل الخبر في مكان اخر).
تطيير النصاب
وإذا كان وزير المال علي حسن خليل، نفى بعد انتهاء الجلسة المسائية، والتي كانت ختامية بالنسبة لتشريع الضرورة، وجود اتفاق سياسي تحت الطاولة لتطيير نصاب الجلسة، فإن كل المؤشرات دلت على ان ثمة اتفاقاً على مستوى عالٍ، لتمرير «قوانين الضرورة» أي تلك القوانين المتصلة بالتشريعات المطلوبة من مؤتمر «سيدر»، وإلى جانبها قروض الاسكان، مع بعض المشاريع الحيوية، مثل «معاهدة تجارة الاسلحة» التي يبدو انها مطلوبة دولياً، وانه عندما تمّ ذلك، لم تعد هناك حاجة للاستمرار في «تشريع الضرورة»، فإنسحب نواب «المستقبل» و«القوات اللبنانية» من الجلسة، من أجل تطيير نصاب التشريع، وان كان نواب «المستقبل» احتجوا بعدم تمرير بندين يتعلقان بتوسعة مرفأ طرابلس، كما احتج نواب «القوات» على عدم تمرير اقتراح فتح اعتماد أضافي لتمويل أدوية السرطان».
وبدا ان الرئيس نبيه برّي موافق ضمناً على تعطيل النصاب وكذلك رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وعبر عن ذلك، قول الوزير خليل «بوجوب عدم تكبير موضوع تعطيل النصاب بالسياسة، مشدداً على ان الرئيس برّي ملتزم بوضع باقي بنود جدول الأعمال والتي لم يتم اقرارها على جدول أعمال أوّل جلسة تشريعية مقبلة».
على ان حالة الود والتهدئة التي طبعت اليوم الأوّل لانطلاق جلسات تشريع الضرورة، تبددت في الجلسة الصباحية أمس، حيث سادها جو من الصخب السياسي - التقني، مع ارتفاع في منسوب الخطاب الحاد الذي وضع النقاش على محك احتمالات تطيير النصاب أكثر من مرّة، عند البحث في مشاريع القوانين المطروحة على الجلسة.
واللافت ان هذه الاجواء المشدودة، لم تحصل على خلفية سياسية، أو كانت نوعاً من كباش سياسي، لا سيما عند مناقشة المشاريع ذات الصلة بمؤتمر «سيدر»، باستثناء السجال الذي حصل لدى البحث في معاهدة نقل وتجارة السلاح التي أقرّت بعد اعتراض نواب «حزب الله» مع حلفائه نواب «المردة» و«الحزب القومي» والنواب السنة المستقلين، الذين رأوا في المعاهدة استهدافاً للحزب وسلاحه، رغم كل التطمينات التي أعطيت للحزب من ان المعاهدة لا تستهدفه، وكانت نتيجة التصويت 47 صوتاً لمصلحة المعاهدة، مقابل 40 صوتاً معارضاً، وامتناع كتلة برّي عن التصويت، في حين انقسم نواب «التيار الوطني الحر» بين مؤيد وممتنع.
وانسحب هذا المشهد المحتدم على النقاش في مشروع القانوني الرامي إلى الموافقة على ابرام اتفاقية قرض ميسر من قبل البنك الدولي، للانشاء والتعمير لتنفيذ مشروع تعزيز النظام الصحي في لبنان، والذي افتتح النقاش فيه الرئيس سعد الحريري حيث قدم مداخلة تضمنت تبيان الفوائد المتأتية من هذا القرض وغيره من القروض المطلوب المصادقة عليها تفاعلاً مع مقررات سيدر ليبدأ لبنان بالاستفادة من القروض الميسرة التي منحها المؤتمر إليه.
وقال الرئيس الحريري إن البعض يهوى الكلام عن الإفلاس والبلد ليس مفلساً، منتقداً مهاجمة البعض لحاكم مصرف لبنان، مستغرباً الحملة القائمة وكأننا نريد ضرب الليرة والاقتصاد، داعياً للكف عن وضع النازحين حجة لوقف القروض، وما ان فرغ الرئيس الحريري من كلامه حتى وصف النائب جميل السيّد ما قاله بأنه ابتزاز، وهو ما استدعى رداً قوياً من الرئيس الحريري الذي قال له «من أوّل الطريق ساكتين وكل شوي بتلطوش عشو بدك تلطوش؟»، واضاف: نحن هنا على أساس ان الجلسة جلسة تشريع الضرورة، وإذا كنتم لا تريدون التشريع، وإذا ما بدكن تمشوا بمشاريع مؤتمر «سيدر» فأنا لن ابقى هنا.
إلا أن هذه الأجواء المكهربة لم تدم طويلاً، وكان لافتاً ان احتواء الوضع جاء من جهة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد الذي وقف إلى جانب الرئيس الحريري بقوله يوجد على جدول الأعمال أربعة قروض وهي تشكّل محور جلستنا، فإما ان نمشي بالقروض او نخرج.
وأمام هذا المشهد المستجد عاود الرئيس برّي طرح المشروع، بعد ان كان قد سقط طرح اعادته إلى اللجان، حينما أشار النائب سليم سعادة إلى عدم اطلاع لجنة المال على هذه المشاريع، وقد تمت المصادقة على المشروع وسجل نواب الكتائب والنائب جميل السيّد اعتراضهم عليه. ثم كرت سبحة اقرار المشاريع المتعلقة بمؤتمر سيدر وسط مناخات خالية من الحدة والتجاذب، فصادق المجلس على المشروع الذي يجيز للحكومة زيادة مساهمة الدولة اللبنانية في المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، والمشروع المتعلق بالموافقة على ابرام اتفاقية قرض ميسر من قبل البنك الدولي لتحويل المرحلة الأولى من مشروع تعزيز الحوكمة المالية في وزارة المالية، باعتراض نواب الكتائب والسيّد وطوني فرنجية الذي طلب تأجيل البت بهذه المواضيع الى حين تأليف الحكومة.
وما ان فرغ المجلس من إقرار المشاريع المتعلقة بالقروض، حتى عاد النقاش وتشعب واحتدم حول اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى دعم فوائد القروض الممنوحة من المؤسسة العامة للاسكان، وقد اختلفت الآراء حوله، وطرحت جملة من الاقتراحات إلى ان استقر الأمر في الجلسة المسائية بأن أقرّت الهيئة العامة فتح اعتماد بـ100 مليار ليرة لدعم فوائد قروض الاسكان على سنة واحدة مشروطاً ذلك بوضع الحكومة المقبلة سياسة اسكانية في غضون ستة أشهر.
عون يخاطب المجتمع الدولي اليوم
إلى ذلك، كشفت مصادر في الوفد اللبناني المرافق للرئيس ميشال عون لمندوبة «اللواء» المرافقة للوفد كارول سلوم، ان اللقاء الذي جمع الرئيس عون مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، تناول الخطوات اللازمة لإعادة فتح معبر نصيب على الحدود السورية - الأردنية، بهدف تمكين الصادرات اللبنانية من الوصول إلى دول الخليج، لكن الملك عبد الله أكّد للرئيس عون وجود عوائق تحول دون فتحه قريباً، معلناً ان الجهود مستمرة لتذليلها.
وعلم ان الجانب اللبناني الذي يرافق الرئيس عون سيوزع بعد إلقاء الرئيس عون كلمته امام الجمعية العامة اليوم ورقة تتضمن شرحاً للآلية التي يقوم عليها مركز حوار الحضارات الذي سبق ان اقترحه في السنة الماضية امام المحفل الدولي نفسه، الا ان الطلب اللبناني لم يلق كما يبدو اهتماماً من جانب المجتمع الدولي.
وافادت المصادر نفسها ان خطاب رئيس الجمهورية الذي يركز في نقاطه على اهميه انشاء هذا المركز ويتناول أيضاً ملف النازحين السوريين ووقف المساعدات الاميركية للاونروا وملف تهويد القدس والانتهاكات الإسرائيلية للاجواء اللبنانية والتزام لبنان بتنفيذ القرارات الدولية لاسيما القرار 1701ِ.
اما بالنسبة الى إمكانية اجتماع مجموعة الدعم الدولية حول لبنان.اشارت المصادر الى ان هذا الامر سيكون من ضمن المهام والاجتماعات التي يعقدها الوزير جبران باسيل مع المسؤولين في هذا الاطار.
وكان الرئيس عون شارك في الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة، وكذلك في مأدبة الفطور التي أقامها الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس على شرف رؤساء والوفود المشاركة، حيث كانت مناسبة التقى في خلالها كلاً من رئيس الاتحاد السويسري آلان بيرست وغويترس ورئيسة الجمعية.
الى ذلك كان لافتا عدم ذكر الرئيس الاميركي لبنان في معرض الحديث عن الدول التي ساعدت المهاجرين ما استدعى ردا تويتريا من باسيل.
خرق أمني
في هذا الوقت، بدا واضحاً ان ملابسات الرحلة الرئاسية إلى نيويورك، وما رافقها من تسريب معلومات بدأت تأخذ ابعاداً سياسية وأمنية، يرجح ان تكبر بعد عودة الوفد الرئاسي إلى بيروت، خصوصاً وان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس بدأ تحقيقات قضائية في هذه القضية مع موظفين مدنيين وامنيين في مطار رفيق الحريري الدولي، فيما اعتبر إشارة إلى وجود خرق أمني للاجراءات المحيطة بأمن الرئيس ورحلاته الرسمية إلى الخارج.
وتركزت هذه التحقيقات عن كيفية تسريب أسماء الوفد الرئاسي من باب الحيطة الأمنية، ولم يستبعد ان تطال لاحقاً مواقع إعلامية بتهمة نشر أسماء الوفد والاضاءة على الملابسات التي رافقت الرحلة الرئاسية، ولا سيما ما يتعلق بإنزال ركاب الطائرة التي كانت متجهة إلى مصر في الوقت الذي سافر فيه الرئيس عون إلى نيويورك، وأسباب اتخاذ هذه الإجراءات بما يؤشر في نظر وزير العدل سليم جريصاتي إلى «وجود خلل خطير حصل في حركة الركاب المسافرين يفترض ان تكون مسؤولة عنه شركة طيران الشرق الاوسط»، وهو ما ألمح إليه الوزير باسيل امام وفد لبناني التقاه في فيلادلفيا، عندما قال ان «موضوع الميدل ايست مركب ويستحق التحقيق»، مشدداً على ان «رأس الدولة عندما يشوه بهذا الشكل يصبح الأمر تعرضاً لجميع اللبنانيين، ومن يقوم به يفعله عن سابق تُصوّر وتصميم وتخطيط ويجب ان يحاسب، لأن هذا الأمر لم يعد حرية تعبير».
وقال: «هم ينظمون لتأليف اكاذيب وكل كذبة «سيمنز» التي لم تمر الا على من لا يعرف الحقيقة، فلو اخذنا العرض بلا مناقصة كانت قامت القيامة، وهم كما دمروا لبنان بالحرب يدمرونه اليوم بالكذب».
تجدر الإشارة إلى ان الأجهزة الأمنية استدعت محمود المصري مدير صفحة (Aviation OLBA) وهو ما يزال محتجزاً، بحسب الناشطة في المجتمع المدني نادين عيتاني، على خلفية نشر «بوست» يتضمن معلومات عن الطائرة الرئاسية.
وذكرت الناشطة عيتاني أن موقع Aviation OLBA كان قد تقدّم في أيلول بطلب رسمي من المديرية العامة للطيران المدني للحصول على الاذن اللازم للترخيص بالتصوير للطائرة، الا ان المديرية العامة للطيران المدني نفت في بيان ان تكون قد اعطت الموافقة على أي طلب رسمي من قبل محمود المصري يسمح له بالتصوير في أي مكان داخل حرم مطار بيروت».
إقتصادياً، لوح رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر باللجوء إلى خطوات تصعيدية في القريب العاجل، مطالباً بإصلاح المؤسسات بعيداً عن الفساد والتهرب الضريبي، داعياً إلى الإسراع بتأليف حكومة أكفاء بعيداً عن المحاصصة.
نفّذ الاتحاد الوطني للنقابات ولجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين اعتصاما في رياض الصلح، شارك فيه رئيس الاتحاد كاسترو عبدالله وأمين عام «الحزب الشيوعي اللبناني» حنا غريب.
وألقى عبدالله كلمة تطرّق فيها إلى «الخلافات على تقاسم الحصص في الحكومة وتركها تراكم الازمات»، لافتا إلى «نهب أموال الفقراء في المؤسسة الوطنية للاسكان، كما في الصناديق الأخرى».
وأشار إلى أن «هذه السياسات أنجزت الفقر والتهجير والفساد والتعصب الطائفي والمذهبي والزبائنية والمحاصصة، واليوم كل ما نراه من بطالة ومعطلين عن العمل وضرب للحريات العامة وتدمير للاقتصاد الوطني هو نتيجة إملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين وإملاءات وهندسات المؤتمرات والمؤامرات الدولية القديمة والجديدة التي تضرب كل الامن الاجتماعي للفقراء».
وقال: «سيبقى الاتحاد الوطني للنقابات مع القوى الحية يواجه هذه السياسات في هذا الصراع الطبقي مع أطراف هذه السلطة، وكل ذلك من اجل لقمة العيش الكريم ودفاعا عن حقوقنا ورفضا لكل هذه السياسات من زيادة البنزين 5000 ليرة لبنانية الى زيادة الـTVA».