جاء الحادث الأمني الخطير في إستعراض الأهواز متكاملاً لا نقص فيه وكأن استعدادات أولية قد مهدت لحدوثه بحيث تبيّن أن الإجراءات المتخذة قد أحاطت خطوة الإرهابيين بطريقة أفرغتها من محمولاتها واستهدافاتها الأمنية بما يتلاءم مع ضرورات الخسائر المحدودة لشدّ عصب مذهب السلطة صوناً للأمن المهدد من الأهواز كدلالة مطلوبة لاستكمال المشهد داخل إيران بما هو مفتعل في خارجها .
في التباين داخل الدولة هدّد الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته أميركا باعتبارها المسؤولة عن العمل الإرهابي في الأهواز في حين أن الحرس الثوري قد حمل المملكة العربية السعودية مسؤولية اهتزاز الأمن في الأهواز من خلال عمل جبان لثلة إرهابية داعشية من صنع السعودية واسرائيل تماشياً مع الإرهاب المصنع في العراق والسورية من قبل الدولتين المذكورتين والراعيتين للإرهاب .
بين جهاز الرئاسة وجهاز الحرس في إيران توظيفات مختلفة لأي حدث داخلي أو خارجي من هنا كان تحديد المسؤولية عن العمل الإجرامي مُتباين بين الجهازين وهو يكشف خلفية كل جهة من وراء الحدث وهذا طبيعي في بلد تتعدّد فيه أطر المسؤولية مثل أي بلد محكوم من قبل مؤسسات لا من قبل فرد اذا ما انطبق على إيران ما ينطبق على الدول المتعددة المراكز .
يبدو أن عملية الأهواز قد أشعرت الرئيس روحاني بدوره كمسؤول أوّل في الدولة لهذا أهاب بالأجهزة المختصة اتخاذ التدابير اللازمة لكشف اللثام عن وجوه المتورطين في عملية الأهواز من متعاونين ومنفذين رغم أنه حدّد سلفاً وقبل التحقيق هوية الجناة كما فعل الحرس الذي أرعد هو الآخر قبيل البدء في التحقيق لعملهم المسبق بأن مجريات التحقيق ستُفضي الى ما أفضت اليه مواقف جهازي الدولة والحرس الثوري .
إقرأ أيضا : تبدل موقف حزب الله من مسهّل إلى معرقل
لقد اكتمل المشهد باتصال الرئيس الروسي والرئيس التركي بالمسؤولين الإيرانيين في تأييد كامل للتنديد بمن ثبُت إدانته من قبل التحقيق أي بأميركا وربيبتها اسرائيل وبينهما المملكة العربية السعودية باعتبار أن داعش من صنع هذا الثالوث الشيطاني .وقد عرض الروسي على الإيراني خدماته العالية في مواجهة الإرهاب باعتبار أن إمكانية أن تتكرر مثل هذه الأعمال الإرهابية واردة جداً وعلى محور الممانعة التعاون في هذا المجال لاجتثاث جذور الإرهاب .
عدم الوثوق بالأنظمة الشمولية يتيح لهذه الرؤية أن تكون واقعاً طالما لا تتوفر معايير في أجهزة الدولة المركزية خاصة وأن الأجهزة الأمنية هي القوى الممسكة بالسلطة وهي تتقن مثل هذا الفن في التمثيل و الصناعة وقد شهدت التجارب الأمنية الكثير من هذه الأفلام المركبة والتي تضع المشاهد في قلب الحقيقة كونها تنطلق من بديهية أن يكون القاتل من صفوف الأعداء .
من الصعب الاستماع الى مرشد أمني أو الى خفير عسكري والإطمئنان الى صحة ما يقول لأن الدولة الأمنية تفبرك ما تشاء دون حسيب أو رقيب ولا تتوفر في أجهزة الدولة جهازاً قادراً على محاسبة أجهزة الأمن في البلد البوليسي لذا تُثار الشكوك الأكيدة في كل ما يجري داخل الأبنية السلطوية المستبدة وتجربة العرب مع أنظمتهم كاشفة عن حجم التلفيق في تناول سيناريوهات المؤامرات التي تجتاح البلاد والعباد لإغراقها و إزهاقهم .
من الصعب التصديق أن بوابة الإرهاب في إيران تُفتح من الأهواز وفي يوم أمني بامتياز الاّ اذا كان الإرهابيون في أولى تجاربهم وفي بداية مواسم حصادهم أو ان هناك من دفعهم الى السقوط في الشباك المنصوب لدفع الإيرانيين الى حيث يجب أن يكونوا منجذبين ومشدودين في ظل سقوط العملة واستفحال الأزمات الاقتصادية في بلد غني يسكنه فقراء ..
هذه رؤية خبيثة يسمح لها النظام السياسي السلطوي بالصعود على درج الحقيقة لافتقاده لعنصر الشفافية .