بعد غد الاثنين، يغادر الرئيس ميشال عون إلى نيويورك، ولم تتضح بعد مواعيد لقاءاته مع رؤساء الدول أو الحكومات.
وفي الوقائع اللبنانية، زيارة رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي F.B.I كريستوفر راي لكل من الرؤساء عون ونبيه برّي وسعد الحريري، وهي الأولى له منذ توليه منصبه.
وقالت المعلومات الرسمية ان الرئيس عون شدد ان الجيش هو محور الاستقرار في لبنان، وان لبنان نجح في مواجهة التحديات الأمنية والإرهاب.
وأشارت المعلومات إلى ان المسؤول الأميركي الذي كان على رأس وفد، ضم السفيرة الأميركية في بيروت اليزابيث ريتشارد، قال للمسؤولين اللبنانيين ان أولوية بلاده هي مكافحة الإرهاب..
وقال مصدر واسع الاطلاع، ان البحث تطرق إلى «مواضيع أمنية حساسة».
على ان الأبرز في المشهد ان همّ الحكومة لن يحضر في لقاءات واشنطن أيا كانت، فالرئيس يعرف تماماً صلاحياته، والعرف يعطيه حصة، (وهذا معنى تحصين الموقع الرئاسي)، والمعايير موجودة في نتائج الانتخابات.
ولصقاً بهذا التوجه، يجاهر التيار الوطني الحر برئاسة الوزير جبران باسيل، انه لن يتنازل عن حقه بالحصة المسيحية الكبرى، ولو كان ذلك على حساب ابعاد «القوات اللبنانية» وحتى «المردة»..
هذا يعني تلقائياً، تجذّر العقدة أو العقد المسيحية، اما العقدة الدرزية، فوفقاً للمعلومات الخاصة باللقاء فإن زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط إلى عين التينة ولقاء الرئيس برّي، لا صلة مباشرة لها بالتأليف، أو «العقدة الدرزية»، بل بمناخ عام من ضمنه الملف الحكومي، وموقف النائب وليد جنبلاط من زيارة وزرائه إلى سوريا، وملابسات هذا الموقف، فضلاً عن الجلسة التشريعية، وتعيينات من حصة الدروز في بعض مؤسسات الدولة..
حراك خجول
وباستثناء الحراك الخجول الذي سجل على خط اتصالات تأليف الحكومة، ولا سيما بين بعبدا ومعراب، وبين عين التينة وكليمنصو، من دون حصول أي اختراق على مستوى المفاوضات الحكومية، بقيت أوساط «بيت الوسط» على تأكيداتها بأن الرئيس المكلف لم يوقف اتصالاته، وهو لا يزال يسعى لتدوير الزوايا، لكنه لا يلقى تجاوباً من الأطراف المعنية، مشيرة إلى ان العقدة ليست عند الحريري بل عند الآخرين، «وفتشوا ما هي حسابات الأطراف المعرقلة للتشكيل».
ومع ذلك، تؤكد مصادر المعلومات ان مساعي تشكيل الحكومة متوقفة عند النقطة الأخيرة التي عرض فيها الرئيس المكلف على «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي و«التيار الوطني الحر» وتيار «المردة» تعديل الصيغة الحكومية التي تقدّم بها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، فجوبه برفض شديد من «القوات» التي ما تزال ترفع سقف المطالبة بحقيبة سيادية أو منصب نائب رئيس الحكومة، وثلاث حقائب وازنة للقبول بحقيبة دولة، بينما استشعر المتصلون برئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط إمكانية القبول بحقيبة دولة مقابل منحه حقيبتين اساسيتين، فيما طالب «المردة» بحقيبة الطاقة إذا تمّ نزع حقيبة الاشغال منه، في حين يرد البعض السبب الأساسي لعرقلة التشكيل إلى مطلب «التيار الوطني الحر» بإحدى عشرة حقيبة، مع حصة رئيس الجمهورية، بينها حقيبتان سياديتان، وحقائب أساسية وخدماتية.
ومنذ اللقاءات الأخيرة للرئيس الحريري مع ممثلي «القوات» والحزب الاشتراكي، لم يشهد «بيت الوسط» أي لقاء مع أي طرف، وتوقفت المفاوضات بانتظار «شيء ما» لم تعرف طبيعته بعد، أو بانتظار تغيير مواقف الأطراف وتليينها بسبب ضغط الظروف الاقتصادية والمعيشية على البلاد والعباد.
الا ان الجديد الذي سجل أمس، ولو كان خجولاً، فإنه يصب في إطار الاتصالات الحكومية، وفي طليعته زيارة وزير الإعلام ملحم رياشي للرئيس عون في قصر بعبدا مساء أمس الأوّل، حيث نقل إليه، وفق المعلومات، شكر رئيس حزب «القوات» سمير جعجع على التوضيح الذي أصدره مكتبه الإعلامي في ما خص ما نقل عنه لاحدى الصحف. وتخلل اللقاء تأكيد الحرص على استمرار التواصل بين بعبدا ومعراب بمعزل عمّا يدور على خط العلاقات المتوترة بين القوات والتيار الحر، وتمسك بالمصالحة المسيحية والتسوية الرئاسية.
كما سجلت زيارة لرئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط والوزير السابق غازي العريضي لرئيس المجلس نبيه برّي في عين التينة، حيث تمّ عرض الأوضاع الراهنة والوضع الحكومي، واكتفى جنبلاط بعد اللقاء بالقول: «لا جديد حكومياً، وإذا استجد شيء نعلمكم».
وفي المعلومات، ان الوضع الحكومي سيأخذ إجازة جديدة، على الرغم من انه سيكون حاضراً بشدة خلف كواليس الجلسة التشريعية التي ستعقد يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، تحت عنوان تشريع الضرورة، في ظل الجدل الدستوري حول دستورية الجلسة في ظل حكومة مستقيلة، أو حكومة تصريف الأعمال، والذي لا بدّ ان يكون حافزاً، بشكل أو بآخر، على ضرورة تجاوز عراقيل التأليف بالتي هي أحسن، لكي تنتظم الامور في مسار دستوري سليم، في حال تحمل الجميع مسؤولياتهم.
وأفادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الحديث الذي أدلى به جنبلاط الأب قبل يومين، يمكن ان يُساعد المساعي المبذولة لحلحلة الوضع الحكومي، لا سيما عندما ألمح إلى إمكان قبول بوزيرين درزيين ووزير مسيحي من حصة الحزب الاشتراكي في الحكومة، لافتة في الوقت نفسه، الى اللجان المشتركة التي تشكّلت بين «التيار الحر» والحزب الاشتراكي برعاية المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والاجتماع الذي تمّ بين نائب رئيس التيار للشؤون الإدارية رومل صابر وهشام ناصر الدين من الاشتراكي، معتبرة ذلك عوامل يفترض ان تساهم في تبريد الأجواء بين الطرفين ويمكن أيضاً ان تساعد في حلحلة الأمور إذا ما تمّ استثمار ما جرى بشكل إيجابي.
عون إلى نيويورك
اما على الصعيد الحكومي، فإن المصادر نفسها، اكدت ان الاتصالات مستمرة ومن شأنها ان تستكمل الى ما بعد عودة الرئيس عون من نيويورك. وفي هذا الاطار علم ان الوفد الذي يرافق الرئيس عون الى اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة يضم وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ورئيسة بعثة لبنان في الامم المتحدة السفيرة امال مدللي وسفير لبنان في واشنطن وعددا من الدبلوماسيين والمستشارين.
واشارت مصادر ديبلوماسية لـ«اللواء» الى ان الرئيس عون يلقي كلمة لبنان قبل ظهر الاربعاء المقبل بتوقيت نيويورك (بعد الظهر بتوقيت بيروت). وهي ستتناول المواضيع الداخلية في لبنان بصورة عامة والموقف الرسمي من الاوضاع الإقليمية ودور الامم المتحدة والمنظمات الدولية كما ستتطرق الى المقاربة اللبنانية لملف النازحين السوريين وعودتهم الامنة والتدريجية كما للملف الفلسطيني بعد قرار الولايات المتحدة الاميركية بوقف المساعدات عن «الاونروا».
كذلك اشارت المصادر نفسها الى ان الخطاب الرئاسي سيتناول قضايا متصلة بالارهاب وسبل مكافحته ودور لبنان في محيطه فضلا عن التحضيرات التي اعدها لبنان استكمالاً لجعله مركزا لحوار الحضارات في ضوء الآلية التي ستعرض على الأمين العام للامم المتحدة.
وقالت المصادر ان برنامجا اعد للرئيس عون خلال زيارته وهناك لقاءات له مع الامين العام ومسؤولي المنظمات الدولية فضلا عن لقاءات مع رؤساء وفود عربية واجنبية.
وعلم ان الرئيس عون سيلتقي ايضا ابناء الجالية اللبنانية.
جولة رئيس FBI
وكان موضوع مكافحة الإرهاب والتعاون العسكري والأمني والاستخباراتي، حضر في الجولة الاستطلاعية التي قام بها أمس رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي في الولايات المتحدة FBI كريستوفر راي، على الرؤساء الثلاثة، وقادة الأجهزة الأمنية، لمناسبة تعيينه حديثاً في منصبه.
وشدّد راي، خلال زيارته إلى بعبدا، برفقة السفيرة الأميركية اليزابيث ريتشارد ووفد مرافق، على «تقديم المزيد من الدعم والتدريب للجيش اللبناني، الذي قال انه اثبت قدرة وكفاءة عاليتين في حفظ الامن في لبنان، ومكافحة الارهاب التي تبقى من اولويات الادارة الاميركية»، شاكراً الرئيس عون على «الجهود التي يبذلها لبنان لتأمين الامن والاستقرار للمواطنين الاميركيين على اراضيه»، لافتا الى ان الارهاب لا يميز بين جنسية او دين او عرق، ما يجعل المواجهة متشعبة وضرورية.
واكد عون ان لبنان نجح في مواجهة التحديات الامنية والارهاب بفضل كفاءة الجيش اللبناني، والدعم الذي قدمته له الدول الصديقة وفي مقدمها الولايات المتحدة الاميركية، ولافتا الى اهمية استمرار التعاون في هذا المجال، لاسيما ان للجيش الدور المحوري في ترسيخ الامن والاستقرار.
واشار الرئيس عون الى ان لبنان الذي قضى على المجموعات الارهابية في الجرود البقاعية وحيثما وجدت في الداخل اللبناني، يواصل ملاحقة الخلايا الارهابية النائمة تمهيدا للقضاء عليها ومنعها من تنفيذ اي اعتداءات ضد الآمنين.
وأوضح بيان صدر عن السفارة الأميركية في بيروت، ان زيارة راي جاءت «لتأكيد التزام حكومة الولايات المتحدة الشراكة اللبنانية الأميركية، وان النقاش تناول القضايا المتعلقة بتطبيق القانون والتعاون الامني بين البلدين».
وقال: «لبنان هو شريك رئيسي في تطبيق القانون، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والحفاظ على التراث الثقافي من خلال منع الاتجار بالآثار. وزيارة السيد راي، تلقي الضوء على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة على علاقتها مع لبنان، والتزامنا المستمر بأمن الولايات المتحدة ولبنان».
وكشف مصدر دبلوماسي ان تطبيق القانون يتعلق بصورة رئيسية بالجرائم ولا سيما جرائم تبييض الأموال.
الجلسة التشريعية
وعلى قاعدة «تشريع الضرورة»، تنعقد الجلسة التشريعية الأولى لمجلس 2018، يومي الاثنين والثلاثاء، وسط استمرار الجدل الدستوري على دستوريتها في ظل حكومة تصريف الأعمال، ولكن من دون ان تكون الدعوة التي وجهها الرئيس برّي موجهة ضد أحد، وتحديداً الرئيس المكلف، الذي وافق على المشاركة في الجلسة تحت عنوان المشاريع الضرورية المرتبطة بشكل خاص بمؤتمر «سيدر»، وبما يعني عدم تكريس أمر واقع، بل حالة استثنائية، وهو ما ترجم ببيان صدر عن تيّار «المستقبل» نفى فيه «اعتبار ما نسب إليه من موقف حول اعتبار التشريع في غياب الحكومة بداية انقلاب على اتفاق الطائف»، مؤكداً أن «كتلة نواب «المستقبل» ستشارك في جلسات تشريع الضرورة عملاً بما تقتضيه المصلحة العامة.
غير ان «لقاء الجمهورية» الذي اجتمع أمس برئاسة الرئيس ميشال سليمان، أسف «لعدم اكتراث غالبية القوى التي ستتشكل منها الحكومة لخطورة ما ينتج عن استمرار الشلل في التأليف من اعراف وتدابير قد تكون ضاغطة وضرورية لكنها حتماً غير دستورية، في إشارة إلى الجلسة التشريعية، وهو كان استمع إلى دراسة دستورية اعدها عضو اللقاء الخبير الدستوري المحامي ميشال قليموس تؤكد لا دستورية التشريع في ظل حكومة تصريف الأعمال.
وفي المقابل، تؤكد جميع الكتل النيابية المشاركة في الجلسة، على اعتبار ان هناك مشاريع واقتراحات قوانين ملحة، ولأن التشريع لا يمكن ان يتعطل، وان كان البعض يرفض عبارة تشريع الضرورة لأن التشريع دائما يكون ضرورة وهو المهمة الأساس لمجلس النواب، وتفضل استبدالها بمقولة اولويات التشريع، خصوصا اذا كانت الملفات مرتبطة بمهل معينة، كما يحصل مع الإتفاقيات والإلتزامات الدولية – ورغم ذلك بقي السؤال الملح وهو كيف سيتم التوقيع على القوانين التي تستلزم توقيع رئيس الحكومة والوزير المختص الى جانب توقيع رئيس الجمهورية في ظل حكومة تصريف الأعمال وماذا لو استمر تأخر التشكيل - من هنا تصدر جدول اعمال الجلسة المواضيع التي انجزت في اللجان المشتركة والتي ترتبط بشكل او بأخر بالإصلاحات التي التزم لبنان القيام بها في مؤتمر «سيدر»، ومنها «الوساطة القضائية، ومكافحة الفساد في عقود النفط والغاز، ونظام الأوف شور للشركات. بالإضافة الى اقتراح معجل مكرر لدعم قروض الإسكان، والذي سيجمع الإقتراحات التي قدمت من اكثر من كتلة في اقتراح موحد، بالإضافة الى القروض مع البنك الدولي قبل ان تسقط مفاعليها.
واضيف إلى جدول الأعمال الذي وزّع أمس ويتضمن 29 بنداً، اقتراح قانون المفقودين قسراً، والذي يتناول حصراً المخطوفين في الحرب الأهلية، إلى جانب اقتراحات قوانين قد لا تكون في أولويات التشريع، مثل استبدال اسم قرية في قضاء جبيل، وتنظيم مهنة تقويم النطق واعفاء السيّارات المتضررة من حرب تموز 2006 واحداث نهر البارد من رسوم الميكانيك.
وبالتزامن، دعت الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام ونقابات المهن الحرة إلى لقاء يعقد الثلاثاء المقبل، لاعلان صرخة احتجاج على تأخير تأليف الحكومة.