لن يكون الموسم الكرويّ المحلي هادئاً هذه السنة نتيجة معاناة أندية الدرجة الأولى من المشاكل والنزاعات الداخلية، ولاسيّما انخفاض معدّلات الأموال المستثمرة في موازناتها، ما قد يشكّل ضرراً على المنتخب الوطني اللبناني من اليوم حتى النهائيات الآسيوية مطلع العام المقبل. باب تواقيع اللاعبين أُقفل، وانطلاقة الجولة الأولى طارت وتأجلت حتى يوم غد. صورة أندية النخبة واضحة، فالأندية المتواضعة كالبقاع (النبي شيت سابقاً)، طرابلس، الراسينغ، الشباب الغازية والتضامن صور، كلّها تأخّرت في التحضيرات للموسم الجديد، على الرغم من تتويج الأخير ببطولة التحدّي التنشيطية، وقد يُضاف إليها شباب الساحل إن فشل في تحقيق التوازن والانسجام بين خطوطه.
 

يعيش بطل الدوري والكأس استقراراً على جميع المستويات الإدارية والمالية والفنية. وقد أضاف مؤخراً بعض التعزيزات إلى صفوفه، كنجم الأنصار سابقاً ربيع عطايا الذي يطمح لتحقيق اللقب الآسيوي مع ناديه الجديد، إضافةً إلى التغيير على مستوى الأجانب، فالتعاقد مع البلغاري مارتن توشيف من شأنه رفع معدلات الحسم أمام المرمى، والسوري أحمد الصالح سيكون صمّام الأمان في الخطوط الخلفية إلى جانب نور منصور وحسين الزين، لهذا لا خوف على حامل اللقبين المحليّين في حراسة المرمى أو حتّى في الخطوط الأخرى.

خرج العهد من تحضيرات الموسم وفي جعبته لقب السوبر، عقب أداء متواضع في بطولة النخبة. إلّا أنّه سيخوض منافسةً أكبر لاحقاً، نظراً لارتفاع مستوى منافسيه في كأسي لبنان والاتحاد الآسيوي 2019. وسيكون على المدير الفني باسم مرمر تعزيز انسجام الخطوط الـ3، والمداورة بين الأساسيّين والبدلاء، دون نزف النقاط أمام أندية قاع الترتيب. فدكّة بدلاء حامل اللقب تضمّ أسماء كبيرة قادرة على خلق المنافسة، وإراحة نجوم منتخب لبنان بعد العودة من المباريات الودية ونهائيات كأس آسيا.

السلام زغرتا وحلم العودة

لا شكّ في أنّ ضغط المباريات لن يكون كبيراً على الفريق الشمالي بعدما أجرى تعزيزاتٍ في مختلف المراكز، بتعاقده مع الظهير الأيمن ألفريدو جرايديني وقلب الدفاع إيميليو يمّين (لبنانيّان وافدان من دوري الدرجة الأولى المكسيكية)، ومع المدافع الأيسر علي جابر آتياً من ألمانيا. ودعّم السلام هجومه بعدنان ملحم القادم من الراسينغ، وجناح الإصلاح البرج الشمالي ومنتخب شباب لبنان أكرم طراد، والسنغالي بوباكار ماسالي. بالإضافة الى تجديد عقد الصربي ماركو ميهايلوفيتش (الذي يُعدّ واحداً من أفضل المدافعين خلال الموسم المنصرم)، والموريتاني نياس أمادو الذي ثبّت أقدامه كواحدٍ من أفضل وأسرع الأجانب في الموسمين المنصرمين.

وكعادته في كلّ موسم، سيقدّم الفريق الزغرتاوي لاعبين تدرّجوا في فئاته العمرية. ومن المتوقّع بروز شارلي نجيم لمجاورته قائد الفريق جان جاك يمّين في وسط الميدان، وربما فيليب أيوب وسيزار غنطوس (اثنان من أفضل المواهب اللبنانية اليافعة). وبحسب التوقعات، لن يبتعد السلام كثيراً في البطولة العربية للأندية الأبطال، لأنّ الطريق شاقة وشبه مستحيلة على الأراضي المغربية، بعد الخسارة على يد الرجاء البيضاوي بهدفين مقابل هدف وبأداءٍ مبهر في زغرتا. لذا ستكون ساحة الدوري وكأس لبنان مسرح عروضهم، بانتظار نزيف النقاط لدى النجمة والأنصار والإخاء الأهلي عاليه. وينتظر أبناء المدرب التونسي طارق ثابت (ثالث المدربين التونسيّين في تاريخ السلام) النضوج تكتيكياً والتأقلم باللعب أحياناً 3-5-2 و4-2-3-1. فالمداورة بخطة اللعب مخاطرة كبيرة، قد تطيح بالقوة والسرعة في الهجوم وقد تخلق ضياعاً بين المدافعين ومتوسّطي الميدان، هذه المخاطرة نجحت في البطولة العربية (ربما بسبب الاندفاع الكبير ورغبة اللاعبين بالبروز في أكبر البطولات الإقليمية)، لكن ليس من السهل أن تنجح في المباريات العادية في البطولات المحلية، حيث يغلب الملل والرتابة على اللاعبين.

هل يحصد النجمة ذهبيّة لقب محليّ؟

النجمة منشغل في البطولة العربية ذهاباً والآسيوية إياباً. وبعد أن تعادل بدون أهداف مع الأهلي في القاهرة على الرغم من الأداء المتواضع، عزّز ذلك حلمه بالذهاب بعيداً في البطولة العربية للأندية الأبطال، مستغلاً لقاء الإياب الأسبوع المقبل في بيروت. واندفعوا أكثر في الأيام الأخيرة من الميركاتو الصيفي، وقاموا بالتوقيع مع هداف الموسم ما قبل الماضي أبو بكر المل (العائد من تجربة احترافية لم تتجاوز الـ6 مباريات)، متوسط ميدان السلام زغرتا عمر زين الدين المتخصّص بركلات الجزاء، والبرازيلي فيليب دوس سانتوس (سبق له اللعب في الدوري البرتغالي). وأبرم النبيذي صفقات عدّة شابّة سيكون عليهم التأقلم بشكل سريع للمنافسة على الذهب في أي بطولة يخوضونها، وقاموا بتطعيم صفوفهم بمتوسط ميدان الصفاء محمد جعفر، وقد أنهوا مسألة الإشاعات التي هددت برحيل نجم الفريق حسن معتوق، وتصدوا للعروض الخليجية المقدمة له، إلا أن الصراعات الداخلية عادت لتنفجر في الوسط الإعلامي، التي تتصدر صفحاته الرياضية (ربما تم تأجيل الإقالات والإستقالات لما بعد مباراة الأهلي). لهذا، النجمة عاد لأحواله موقتاً، بانتظار تأكيد ذلك في مواجهة الأنصار في دربي الوطن غداً. فبعض التدعيمات جاءت بحالة طارئة بعد إصابة ماهر صبرا وحسن العنان، كما أن ملفّ التعاقدات لم ينتهي، فالانتقالات الشتوية ستشهد منافسة شرسة بينهم والعهد لضم المدافع الدولي اللبناني جاد نورالدين المحترف حالياً في ماليزيا، فشباب الساحل لا يمانع بيع بطاقته المحلية لأيّ فريق.

أخطاء النبيذي أمام الفرق الـ6 الأواخر ممنوعة، ويجب عليه حصد أفضل ما يمكن، لأن المشوار العربي قد ينتهي أسرع من الآسيوي، نظراً لمستوى وقيمة المنافسين. وعلى الأرجح سيكون كأس لبنان هدفاً مهماً، لإمكانية الانقضاض على ذهبيته خلال فترة وجيزة وفي بضع مباريات. فالمدير الفني الصربي بوريس بونياك سيعتمد وبأغلب مبارياته على الـ4-2-3-1 أو حتى 4-3-3، والزج بالبرازيلي دوس سانتوس كمهاجم مرن بإمكانه القيام بمساندة صانع الألعاب (سيكون على الأغلب علي الحاج)، والسماح لمحمد جعفر بدخول عمق دفاع الخصم (الذي يغلب عليه الطابع الهجومي والشراسة في افتكاك الكرة في منطقة الخصم).

الأنصار يحلم بإنجاز مع مدربه الرابع

أمّا الأنصار الذي سعى منذ البداية لتعزيز خط دفاعه (مشكلته الأكبر في الموسم المنصرم)، قد ينجح بالعودة إلى منصات التتويج في حال سارت الأمور كما يريد، وإن لم تعُد المشكلات الإدارية والفنية عقب إقالة التشيكي ستراكا وتعيين الأردني عبدالله أبو زمع على رأس الإدارة الفنية للأخضر، على الرغم من خلق الأول بعض الهدوء والانسجام بين اللاعبين. إلّا أنّ الإدارة فضّلت التخلي عن خدماته قبل 3 أسابيع من انطلاق الموسم. وعقد الفريق صفقة ثلاثية مقابل نجمه ربيع عطايا، مقدمةً لجماهيرها حسن شعيتو موني، حسن بيطار وغازي حنيني القادمين من العهد، والذين سيجدون فرصة كبيرة لتحقيق اللقب إلى جانب أونيغا والحاج مالك. ويضاف إلى حوافز الأخضر هذا الموسم عدم خوض بطولات خارجية، والتسبّب بالإرهاق والإصابات للاعبين، فيضعوا التركيز على أحد اللقبين المحليّين. لكن ما يفتقده الأنصاريون هو الاستقرار والقدرة على خلق أسلوب لعب واضح، فتغيير 4 مدربين في أقلّ من 14 شهراً ليس منطقياً على الإطلاق. لا يوجد مدرّب قادر على تحقيق الألقاب بدون خطة طويلة الأمد، وصلاحية اختيار التشكيلة لتطبيق ما يحضّر له.

وستكون المباراة الافتتاحية بلقاء الغريم التقليدي النجمة (أمام ما يفوق الـ15 ألف مشجع من الطرفين حسب التوقعات) مصيرية من ناحية العودة للسكة الصحيحة، وخلق الاستقرار داخل أروقة النادي. فحسب آخر التطورات داخل أروقة الفريق ستبقى خطة الـ4-2-3-1 هي الأكثر جهوزية، بوجود التونسي حسام اللواتي، حسن شعيتو موني وعباس عطوي أونيغا خلف هداف الموسم الماضي السنغالي الحادجي مالك تال، أما في الخط الخلفي سيكون لانضمام حسن بيطار أثراً كبيراً بتمتين هذا الخط، إلى جانب معتز بالله الجنيدي، نصّار نصّار وأبو بكر ليو كامارا، الذين سيتقدمهم بلال نجدي وغازي حنيني في وسط الميدان الدفاعي، مع بعض الأدوار الهجومية خاصة لحنيني الذي قدم موسماً ممتازاً تحت قيادة رضا عنتر في الراسينغ.

بين الصفاء والأخاء هل يدخل أحدهما على ثلاثيّ المقدمة؟

فريق الصفاء الجديد غير السابق، فالتعاقد مع الروماني تيتا فاليريو بات يقوّي من قدرته على صقل الشبان وتخريج النجوم، بعد أن استقدم أبرز لاعبي الشباب العربي وحافظ على دعامات الموسم الماضي. على الأرجح، سيبقى الصفاء بين الـ5 الأوائل، وسيحاولون خلق المشاكل لمن يرغب بالتتويج. ولن يكون الطموح حالياً بحصد أيّ من الألقاب المحلية، ربما سيسعون لذلك في المواسم المقبلة، لأنّ الاستقرار المالي حاضر مع الرئيس الجديد. هنا سيكون لمحمد شمص، عمر الكردي، حسن هزيمة، حسين غملوش ومحمد زين طحان مهمة كبيرة بحفظ اسم الصفاء بين الكبار.
أما الأخاء الأهلي عاليه أو الحصان الأسود في الموسم الماضي، فلن يظلّ حاملاً لهذا اللقب، إذ أنّ بطولة النخبة التنشيطية ثبّتته كبيراً، عنيداً أمام أهداف أندية العاصمة. فكتيبة العراقي أبو الهيل معروفة بالشراسة والقوّة، خاصةً في ظلّ الاستقرار الذي يعيشه الفريق على جميع المستويات. لهذا يُنتظر من الأخاء هذا الموسم البقاء بين الكبار، وإمكانية تحديد بطل أيّ من اللقبين، عقب تقديمهم الإيطالي كريستيان لوكا (هداف كأس النخبة بـ4 أهداف)، والبرازيليّين هيغور غونزالفيس وكارلوس ألبيرتو (3 أجانب مخضرمين تمكنوا من الانسجام بسرعة)، وأضيف إليهم خالد التكه جي، الذي سيعوّض رحيل محمد مرقباوي ويجاور محمد حجازي وكريم درويش في الهجوم. وثاني أفضل خط دفاع الموسم الماضي عززوه بشادي سكاف الذي قدّم موسمين رائعين مع السلام زغرتا (عندما احتلوا وصافة الدوري) ومع التضامن صور في الموسم المنصرم. الأخاء كان أعند فرق الموسم الماضي وأكثرهم حصداً للتعادلات، لمتانة دفاعاته ورصانة حارسه شاكر وهبي، وقد أثنى على هذه الصلابة بوصوله لنهائي النخبة والخسارة بشقّ الأنفس على يد النجمة، لذا لن يقبل رجال الجبل بعدم دخول على أقل تقدير المراكز الخمسة الأولى.

صراع المنطقة الدافئة
من الصعب استمرار التضامن صور بمتانته الدفاعية، فانتقال حسن بيطار وشادي سكاف سيكلفهم الكثير من الأخطاء الدفاعية خاصةً في مواجهة العمالقة. وبطولة التحدّي التنشيطية قد تكون فخّاً يخفي عيوباً عديدة فهي ليست باختبارٍ حقيقي (خاصةً لفرق القاع). لكنّ الإبقاء على داوودا ديوب وكوفي يبواه والتعاقد مع الحارس اللبناني المغترب هادي مرتضى من شأنه تعزيز آمال الصوريّين بالبقاء في المنطقة الدافئة بعيداً عن صراعي اللقب والهبوط.

وعلى خطى التضامن سيسير الراسينغ بيروت مع ميدره الفني رضا عنتر الذي دعّم الفريق ببعض الشبان، على رأسهم الحارس هادي خليل، صانع الألعاب يوسف الحاج، وليد شور، محمود كجك طارق حلوم، والإفرقيّين خليفة جابي وأونياكا إيمانويل، بعد أن تمّ تأمين بقاء سيرج سعيد والروماني أندريه فيتيلاريو. هذه التعزيزات (التي غلب عليها نظام الإعارة ورغبة عنتر بغربلة الشبان) ورغم التأخير في تحضيرات الموسم لتأخر الدعم المالي من بعض نواب الأشرفية من أجل الحفاظ على مكانة النادي في دوري الأضواء، ستجعل من الراسينغ قادراً على صنع بعض المفاجئات لحماسة شبانه، وعلى تحصيل ما يلزم من النقاط أمام أندية قاع الترتيب.

أما بطل الدرجة الثانية، سيسعى منذ البداية الى دخول صفوف النخبة، لأنّ ضمان مركز في المنطقة الدافئة هدف من المنطقي تحقيقه مع لاعبين على غرار علي حلّال وحسن كوراني العائدين من الإعارة، وعباس عطوي، علي ناصر الدين محمد فواز وحسين رزق، إضافةً للأفارقة الـ3 المتوقع بروزهم بشكل كبير حسب المتابعين. لذا من شأن هذه الصفقات تمتين خطوط الساحل التي باتت مزيجاً من الشباب والخبرة.

معركة ثلاثية الأبعاد على القاع
مع انخفاض الدعم المالي السنوي إلى نحو 200 ألف دولار، والاستغناء عن خدمات لاعبين كحمزة علي المنتقل إلى الأنصار، وأبو بكر المل إلى النجمة، وترفيع العديد من الشبان إلى الفريق الأول، ومغادرة قائد الفريق أحمد مغربي المفاجئ إلى عمان، سيجد طرابلس المركز العاشر أو التاسع جيداً بالنسبة إليه، في ظلّ غياب الاستقرار الفني والمالي، والتغيير الدائم للمدربين. وستعقد الآمال على عبدالله علي وحسن الحايك من أجل حصد بعض النقاط، بعد أن قدم الشماليون عروضاً ممتازة في الوديات التحضيرية، وأطاحوا بالسلام زغرتا والأنصار...

أمّا شباب الغازية والبقاع فهما الأقرب للنزول. فريقان متواضعا الإمكانيات الفنية والمالية والبشرية. حال الغازية لن يختلف عن حال جاره الجنوبي الإصلاح البرج الشمالي في الموسم الماضي، فالطموح للبقاء في الأولى غير كافٍ، فأبرز صفقاتهم تمثّلت بخليل بدر (معاراً من النجمة)، قاسم ليلى وبعض اللاعبين الذين لم يأخذوا فرصاً كبيرة في الدرجة الأولى. أما البقاع الذي تحاول إدارته تلبيسه حلّة جديدة، وشدّ عزيمة البقاعيّين بعد تغيير اسم النادي، لإيجاد الدعم المالي الكافي والبقاء بين الكبار لم ترتق طموحاتهم إلى المستوى المطلوب، وعززوا الفريق باللاعبين البقاعيّين المتوفرين في السوق، واستغنوا عن البيارتة والجنوبيّين، وضموا أجانب من القارة اللاتينية.

لذا وكوضوح معركة التتويج، توضّحت معركة الهبوط بعض الشيء بعد إغلاق سوق الإنتقالات، بانتظار ما سيحدث من إقالات في صفوف المدرّبين، التي بدأها الأنصار قبل 3 أسابيع من بداية الموسم، وقد يلحق أحد منافسيه، في ظلّ غياب التخطيط والعمل المنظم والدعم المالي في معظم الأندية.

مباريات الجولة الأولى في الدوري اللبناني:

• الجمعة:
النجمة - الأنصار 9:30

• السبت:

الأخاء الأهلي عاليه - السلام زغرتا 3:30

طرابلس - شباب الساحل 3:30

البقاع - الراسينغ 3:30

الشباب الغازية - التضامن صور 3:30

• الأحد:

العهد - الصفاء 4:00