طوال التاريخ، كانت فرنسا كاثوليكية تحت سلطة الباباوات والأباطرة الأوروبيين والملوك الفرنسيين. رؤساء الكنيسة يتوّجون الملك الجديد في الكنيسة ويُستشارون في القرارات الاجتماعية، الاقتصادية، الاستراتيجية والعسكرية. كما أنّ الملك الفرنسي كلوفيس هو من أوائل الملوك الفرنسيين المعمّدين، عمّد عام 498 ومعه يعتبر كثيرون بداية تاريخ فرنسا.
خلال العصر الحديث، خاض الشعب الفرنسي تجربة سيّئة مع الكنيسة إذ أصبح الملك بموجب قرار رسميّ يتدخّل في شؤونها ويتشارك معها الحكم على المؤمنين. فانعكس ذلك سلبًا على الشعب لينقلب على الملك والكنيسة معًا مع اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789. موجة غضب رافقت الثوّار وشنّوا هجمات عنيفة ضد العائلة المالكة والكنيسة والمؤمنين والرهبان والراهبات الأبرياء وكل شخص يعارض إيديولوجيّة الثورة، وساحة الكونكورد شاهدة على ذلك. كما هُدّمت بعض الكنائس وتوقّف بناء بعضها الآخر، وعلى سبيل المثال كنيسة القديس جاك التي لم يتبقَّ منها سوى عمود واحد وكنيسة القديسة جنفييف شفيعة باريس التي لم ينته بناؤها لتتحوّل بعد ذلك إلى المتحف الشهير Le Pantheon.
بعد انتهاء الثورة الفرنسية وحلّ النظام الملكي، ولو جزئيًّا، مع الملك هنري الرابع ونابليون بونابرت مع إعلان نفسه إمبراطوراً على فرنسا، بدأت فرنسا تخطو خطواتها نحو النظام الجمهوري للوصول اليوم إلى الجمهورية الخامسة.
وفي ايّار 1968، واجهت السلطات الفرنسية غضب الشباب الفرنسي وبالأخص الطلّاب الجامعيين. فطالب الشباب بإصلاحات اقتصاديّة وسياسية واجتماعية ودينية. التحرّر من القيود الاجتماعية والدينية كان مطلبهم الأبرز بوجه الحكم اليميني الطاغي آنذاك إذ شعر الفرنسيون عمومًا بمدى تحكّم الدين بحياتهم اليومية والنساء خصوصاً. أمّا المرأة الفرنسية فكانت الرابحة الأكبر في هذه المعركة إذ تحرّرت أكثر فأكثر من قيود المجتمع، وكسبت حرّيّة أكبر بعدما كانت مهمّشة.
إذًا، السؤال الذي يطرح نفسه اليوم : على من تُلقى اللائمة في ارتفاع عدد الفرنسيين عير المتدينين والملحدين نتيجة للقمع الديني الذي مورس طوال تاريخ فرنسا؟