إن مسألة تأليف الحكومة ليست بحاجة الى "منجمين" للوقوف على الاسباب الحقيقية، الكامنة وراء هذه العرقلة المقصودة، عن سابق إصرار وتصميم، والجميع ينتظر ما ستؤول اليه تطورات الوضع الاقليمي المحيط بلبنان عمومًا، والسوري على وجه الخصوص، وما هي الإنعكاسات المباشرة وغير المباشرة على الواقع اللبناني.
الجميع مقتنع بأن "لا حكومة في المدى القريب"، والمشاورات والاتصالات متوقفة، بشكل او بآخر، ولم تعد على الزخم السابق الذي كانت عليه، والرئيس المكلف سعد الحريري لم يتردد وفي ظل الظروف السياسية وغير السياسية الصعبة التي يمر بها لبنان من اعلان تمنيه في إزالة كل الخلافات التي يراها في تشكيل الحكومة، خصوصاً وأن الاطراف السياسية، ومن دون استثناء، يعرفون التحديات التي تواجه لبنان واللبنانيين، أكانت هذه التحديات اقليمية او أمنية او غير ذلك فكلها، على ما يقول الحريري تحديات كبيرة ويجب علينا ان نتواضع قليلاً ونفكر أكثر بالبلد؟!
حتى اليوم، لا يبدو ان البعض من المعنيين بالعرقلة، التقط مناشدة الرئيس المكلف، ومطبخ التأليف لايزال ينتظر ما يحكى عن لقاء قريب مرتقب بين الرئيس عون والرئيس الحريري، خصوصاً وإن هذا البعض لا يعول كثيراً على امكانية حصول تقدم نوعي يخرج لبنان من الظلمات الى النور، ومن الفوضى والبلبلة الى الوضوح واليقين.
إقرأ أيضًا: الحريري مستمر في مساعيه.. والكرة عند آلاخرين
لا الدستور، ولا الأعراف وضعت سقفاً زمنياً لتشكيل الحكومة. والجميع يعود الى الوراء ليبرر التأجيل واطالة أمد التشكيل بسابقات امتدت أكثر كثيراً مما طال أمد تشكيل الحكومة العتيدة.. والبعض لايزال على منبر المزايدات داعياً الى اعتماد الظهر، بدا منذ البداية انها لا تحظى بالاجماع، من دون ان يعني ذلك ادارة الظهر بالمطلق لما يحكى عن ملاحظات قدمها رئيس الجمهورية، الذي لايزال متمسكاً، والرئيس المكلف بالتعاون الى أبعد مدى، من أجل تشكيل الحكومة.
يستعد رئيس الجمهورية للسفر الى نيويورك، لحضور اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة. والرئيس المكلف، لم ينطو على نفسه، وهو يعمل تحت الطاولة، لا يموت فيها الذئب ولا يفنى الغنم. ساعياً، ضمن ظروفه الى فكفكة ما أمكن من عقد لتبصر الحكومة النور، في المدى المنظور..
خصوصاً، ان رئيس مجلس النواب نبيه بري، بات أكثر الحاحاً وهو يدعو الى تأليف الحكومة، وهو تأليف اصبح أكثر من ضرورة نظراً الى التحديات الخطيرة التي تتهدد البلد، خصوصاً على مستوى تفاقم الوضع الاقتصادي الاجتماعي المعيشي، وقبل ذلك السياسي، وما يمكن ان يؤول اليه الوضع الامني الذي وان كان حتى الآن، ممسوكاً بنسبة عالية من المؤسسات العسكرية والامنية المعنية وذلك نظراً الى التطورات الشديدة الخطورة التي تحيط بلبنان، وتحديداً منها التطورات العسكرية الدولية الاقليمية في سوريا، إضافة الى المخاطر الكبرى التي تهب من الكيان الاسرائيلي على لبنان، وقد تواصلت الانتهاكات الاسرائيلية المزمنة، براً وبحراً وجواً، وجعلت من السماء اللبنانية معبراً لتنفيذ غارات داخل سوريا. ناهيك بمحاولاتها الدؤوبة للسطو على ثروة لبنان النفطية في مياهه الاقليمية المحاذية لفلسطين المحتلة.