تستبعد المعلومات المتوافرة إمكان زيارة في بحر الأيام القليلة المقبلة للرئيس المكلف سعد الحريري إلى قصر بعبدا.
ولئن كان التوضيح الذي صدر عن قصر بعبدا قبل سفر الرئيس ميشال عون إلى نيويورك في 24 الجاري، احتوى توضيحاً لما ورد نقلاً عن زوّار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لم يكن دقيقاً فتح الباب امام التهدئة، لتبقى في واجهة الاهتمام، الذي توزّع بين الجلسة التشريعية التي يُحدّد الرئيس نبيه برّي موعدها اليوم بعد ترؤسه لاجتماع هيئة مكتب المجلس، والاثارالمترتبة عن الاشتباك الجوي والبحري في سماء اللاذقية وبرها أمس الأوّل، واعتبار الرئيس الحريري ان إطلاق اسم مصطفى بدر الدين على شارع في الضاحية الجنوبية الفتنة بحد ذاتها..
كل ذلك على وقع أزمة حريات تنوء تحتها البلاد، من جرّاء استدعاء بعض الكتاب والمغردين وأصحاب مواقع التواصل إلى التحقيق امام المباحث الجنائية، وتزايد فضائح الاختلاسات والارتكابات في الوزارات وادارات الدولة ومصالحها.
والجديد على جبهة الحكومة ما كشفه الرئيس المكلف نفسه من ان المشكلة ليست فقط عند «القوات اللبنانية» والحزب الاشتراكي، بل هي عند المردة أيضاً، في حين قالت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان الرئيس عون لا يزال ينتظر الخطوة المقبلة للرئيس الحريري الذي قال انه يدرس التعديلات التي طلب الرئيس عون ادخالها على الصيغة المقدمة اليه وان الاقتناع لا يزال قائما لجهة قيام حكومة وفاق وطني وبالتالي اي طرح اخر كالحكومة الحيادية لا يمكن لن يكتب له النجاح في المرحلة الراهنة وهو مجرد رأي شخصي.
واوضحت المصادر ان الاتصالات لم تتوقف ولكنها لم تؤد الى نتيجة وان التركيز منصب على استثمار التهدئة ورات المصادر نفسها ان اي محاولة لإيجاد مخارج لا توحي مواقف الأطراف المتشبثة انها سهلةاما بعض المعطيات التي تتحدث عن إمكانية حصول حلحلة ما في الملف لجهة اعادة اجراء تعديل طفيف بالصيغة التي طرحها الحريري فتحتاج الى التطبيق.
عودة إلى المربع الأوّل
عملياً، أوصى الرئيس الحريري في دردشة مع الصحافيين، قبل اجتماع كتلة «المستقبل» النيابية، ان «لا شيء حكومياً على صعيد التأليف»، وان العقد ليست محصورة فقط بعقدتي تمثيل «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي، بل أيضاً عند الحقيبة «المحجوزة» لتيار «المردة»، وان الخلافات ليست فقط على الحقائب والحصص والاحجام وحول نتائج الانتخابات والمعايير، بل هي أبعد من ذلك، وتتصل بمحاولات إلغاء وتحجيم فريق لفريق آخر، مؤكداً بأنه إذا بقيت الخلافات ولم يحصل تواضع من قبل جميع الأفرقاء السياسيين فلن تتشكل الحكومة.
وفي تقدير مصادر سياسية، ان كلام الرئيس الحريري ان الأمور المتصلة بعملية تأليف الحكومة، عادت إلى المربع الأوّل، وهي العبارة التي استخدمها رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، في رده على الكلام الذي نسب إلى الرئيس ميشال عون عبر إحدى الصحف، والذي اتهم فيه رئيس «القوات» بالعمل ضد العهد.
جعجع: لا تنازل
وفي معلومات «اللواء» ان جعجع، تلقى أثناء مقابلة مع رابطة خريجي كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية، النفي الصادر عن رئاسة الجمهورية، حول الكلام المنسوب إلى الرئيس عون، فساهم ذلك في التخفيف من حدة لهجة الرد عليه، لكنه في المقابل، صعد موقفه بالنسبة إلى مفاوضات تشكيل الحكومة، مشدداً على انه من غير الوارد التفاوض على الحصة الحقيقية للقوات في الحكومة بعد الآن.
وأكّد ان لا أحد يستطيع تحجيم «القوات» بعد الانتخابات النيابية، موضحاً بأنه يريد ثلث تمثيل المسيحيين في الحكومة، مثلما حصل على أكثر من الثلث في الانتخابات، وعليه من حقنا الحصول نحن وحلفاؤنا على 6 وزراء من أصل 15 في الحكومة، إذا كانت ثلاثينية، و5 وزراء إذا كانت من 24 وزيراً.
وقال: «لقد افرزت هذه الانتخابات نتائج واضحة، بحيث نال «التيار الوطني الحر» 19 نائباً بأفضل الحسابات، والباقي للعهد ما يصل مجموعه إلى 28 نائباً، وإذا اخذنا معيار 4 وزراء لكل فريق، تحصل «القوات» على 4 وزراء مقابل 5 للتيار الوطني، ووزيرين لرئيس الجمهورية، أي ما مجموعه 7 وزراء، لأنه لا يمكن احتساب عدد النواب مرتين، ونحن مع إعطاء 8 وزراء للتيار والعهد و4 «للقوات» ويبقى 3 وزراء «للمردة» والكتائب والثالث من حصة «القوات»، التي تمثل وفق الإحصاءات لوحدها ثلث المسيحيين مقابل 51 في المائة للفريق الآخر».
ويضيف: «لا نريد بخشيشاً في الحكومة»، مؤكداً على الثقة بالرئيس برّي، فهو يمثل «القوات» في هيئة مكتب المجلس».
الحريري
اما الرئيس الحريري، فلم يشأ من جهته الرد على الكلام المنسوب للرئيس عون، بالنسبة لمهل تشكيل الحكومة، بعدما صدر توضيح حيال هذا الأمر من رئاسة الجمهورية، مؤكداً ان الحكومة يجب ان تكون حكومة وفاق وطني تضم جميع الأطراف الرئيسية، وليس حكومة حيادية أو اكسترا برلمانية، لأنه «اذا كنا غير قادرين على ان نجعل البلد حيادياً فكيف يمكن ان نشكل حكومة حيادية».
واعتبر ان «اكبر خطأ للبلد والعهد هو تأخير تشكيل الحكومة، وانه لكي ينجح العهد يجب ان نحقق إنجازات، والأمر ليس متعلقاً بوزير بالناقص أو آخر بالزائد».
وقال، في دردشة مع الصحافيين: «من المؤكد ان التمثيل السياسي للكتل السياسية الرئيسية يجب ان يكون بنسبة متناسبة»، وسأل: من يُقرّر هذا الأمر؟ واجاب: الذي يُقرّر هو رئيس الحكومة بالتوافق مع رئيس الجمهورية ونقطة على السطر.
وسأل ايضاً: هل هناك معيار في الدستور يحدد حصة كل فريق؟ وأجاب: الأمر واضح.
ونفى الحريري ان يكون ما يجري حرب على اتفاق الطائف أو على صلاحيات رئيس الجمهورية، لافتاً إلى ان ما يجري هو صراع بين أفرقاء سياسيين، ونقطة على السطر.
وقال: دعونا لا نذهب أبعد من ذلك، الموضوع شأن لبناني مائة في المائة، وافرقاء يريدون ان يلغوا بعضهم بعضاً.
وأعلن انه مع كل صلاحيات رئيس الجمهورية كما نص عليها الدستور، ومع صلاحياته أيضاً كرئيس مكلف، وقال: «أنا لا أطلب لا زيادة ولا نقصان حول الصلاحيات، واعتقد ان رئيس الجمهورية يريد ذلك ايضاً».
وبالنسبة للجلسة التشريعية التي يعتزم الدعوة إليها قبل نهاية الشهر الحالي، بدا ان الرئيس الحريري لا يمانع بعقد الجلسة، خصوصاً وأن جدول أعمالها سيتضمن بنوداً تتعلق بمؤتمر «سيدر».
وعلم ان الرئيس الحريري ستكون له إطلالة مساء 27 أيلول الحالي، ضمن الحلقة الأولى للبرنامج التلفزيوني الجديد الذي يعده الزميل مارسيل غانم لتلفزيون M.T.V، يتطرق فيها إلى المواضيع المتصلة بتأليف الحكومة، بحسب مصادر المحطة المذكورة.
وسيعقد الرئيس نبيه برّي اليوم اجتماعاً «لهيئة مكتب المجلس للبحث في جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة، والذي سيتألف بحسب المعلومات من 21 مشروع واقتراح قانون».
كتلة المستقبل
وخلال اجتماع كتلة «المستقبل» النيابية برئاسته أكّد الحريري امام النواب ان «خطوط التواصل لم تنقطع في الاتجاهات كافة، خلافاً لما يتردد في بعض المواقع ووسائل الإعلام، وشدّد على ان التعاون والمسؤولية المشتركة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ضرورة لا غنى عنها، سواء خلال عملية التأليف أو بعد ولادة الحكومة، وهي بهذا المعنى مسألة لا يجوز ان تخضع للتجاذب والنقاش، لأنها تشكّل قاعدة أساس من مؤتمر حماية الاستقرار السياسي وإطلاق عملية العمل الحكومي».
اتصالات بلا نتيجة
الى ذلك، اوضحت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان رئيس الجمهورية لا يزال ينتظر الخطوة المقبلة لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي قال انه يدرس التعديلات التي طلب الرئيس عون ادخالها على الصيغة المقدمة اليه وان الاقتناع لا يزال قائما لجهة قيام حكومة وفاق الوطني وبالتالي اي طرح اخر كالحكومة الحيادية لا يمكن أن يكتب له النجاح في المرحلة الراهنة وهو مجرد رأي شخصي.
واوضحت المصادر ان الاتصالات لم تتوقف ولكنها لم تؤد الى نتيجة وان التركيز منصب على استثمار التهدئة ورات المصادر نفسها ان اي محاولة لإيجاد مخارج لا توحي مواقف الأطراف المتشبثة انها سهلة اما بعض المعطيات التي تتحدث عن إمكانية حصول حلحلة ما في الملف لجهة اعادة اجراء تعديل طفيف بالصيغة التي طرحها الحريري فتحتاج الى التطبيق.
وأكد أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان، بعد الاجتماع الأسبوعي للتكتل، برئاسة الوزير جبران باسيل العائد من كندا، ان ما يطالب به التكتل حكومياً هو احترام نتيجة الانتخابات النيابية ما يُشكّل صمّام أمان لتحقيق شراكة وطنية فعلية، واحترام موقع ودور وحقوق رئاسة الجمهورية كمكون أساسي في عملية التأليف، لا سيما بعد التسوية التي حصلت واستعادة لبنان لمنظومة ديمقراطية فعلية بعد سنوات من الطائف».
جبهة التيار - «المردة»
على ان كلام كنعان عن مد اليد للكتل الأخرى، لم يجد من يترجمها على أرض الواقع، إذ ما كادت جبهة الحزب الاشتراكي و«التيار الوطني الحر» تهدأ بتعميمات من قيادتي الطرفين بوقف السجالات والحملات، حتى اندلعت على جبهة بعبدا، معراب، بعد الكلام المنسوب للرئيس عون واتهام «القوات» بمحاربة العهد، وانفتحت جبهة جديدة بين «التيار الحر» وتيار «المردة» بعد اتهام رئيس التيار الوزير باسيل من كندا لوزير الاشغال التابع «للمردة» يوسف فنيانوس بأنه «طش» و»طشين في وزارة الاشغال» حيث لم يضع خطة للنقل العام، وهو ما رد فنيانوس عليه بتسريب محضر لجلسة مجلس الوزراء عام 2017 يؤكد اقرار خطة للنقل في لبنان. فيما اندلعت فورا حرب بين انصار الفريقين على صفحات التواصل الاجتماعي.
   واكد الوزير فنيانوس لـ»اللواء» ان هناك مشكلة مستجدة حول التمثيل في الحكومة، قائلا ان التيار الحر يريد انتزاع حقيبة الاشغال من المردة وتخصيصها له، وهو امر مرفوض، وقال: يبدو ان التيار الحر لا يريدنا ابدا في الحكومة او يريد اسناذ حقيبة أقل من عادية لنا، وليس فقط انتزاع حقيبة الاشغال منا.
 وعن موقف المردة من هذا الامر؟ قال: اذا ارادوا الاشغال فليكن، عندها نحن نريد حقيبة الطاقة.
وفي حال اصرار التيار الحرعلى حقيبة الاشغال؟ قال فنيانوس: لا أعلم، سننتظر موقف رئيس الحكومة، ولكننا نصر على مطلبنا: اما الاشغال واما الطاقة.
شارع الفتنة
وفي خضم هذه الأجواء، وفيما تواصل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الاستماع إلى مرافعات فريق الدفاع عن المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لليوم الثاني على التوالي، جاء قرار بلدية الغبيري بتسمية أحد شوارعها باسم «الشهيد مصطفى بدر الدين»، بحسب توصيف «حزب الله»، علماً أنه المتهم الرئيسي في جريمة الاغتيال، يُشكّل نوعاً من الاستفزاز لفريق كبير من اللبنانيين، لا يستطيع احد ان يتحمله، خاصة وان لبنان بالكاد استطاع ان يتجاوز محنة الاغتيال من خلال التأكيد على العدالة، تاركاً للمحكمة الاقتصاص من القتلة.
ووصف الرئيس الحريري تسمية الشارع باسم بدر الدين في الغبيري بأنه فتنة بحد ذاتها، فيما نحن نتحدث عن اطفائها عندما سرنا في طريق العدالة والتشديد على الاستقرار، املاً ان يتمكن العقلاء في البلد امثال الرئيس نبيه برّي من لجم هؤلاء الأشخاص الذين يريدون أخذ البلد إلى مكان آخر.
ولم يعرف ما إذا كان الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله سيتطرق إلى الموضوع، في كلمة ليلة العاشر من المحرم، عند الثامنة والنصف من مساء اليوم، والتي سيخصصها للمواضيع السياسية في لبنان والمنطقة.
وكان السيّد نصر الله أعلن في ختام كلمته ليلة التاسع من محرم بأنه سيخطب ليلة العاشر اليوم والخميس عبر الشاشة نتيجة الظروف الحسّاسة.
تجدر الإشارة إلى ان وزارة الداخلية ارسلت أمس كتاباً إلى بلدية الغبيري أكدت فيه عدم الموافقة على تسمية الشارع المذكور، واعتبرت قرار البلدية غير مصدق عليه، موضحاً ان «ممارسة البلدية لصلاحياتها المنصوص عنها في قانون البلديات ليست مطلقة، إذ يشترط ان تكون ممارستها بما لا يمس بالنظام العام، لا سيما عندما يتعلق الموضوع بخلاف سياسي يتداخل فيه الطابع المذهبي والأمني، وينشأ بموجبه خطر على الأمن والنظام الذي هو أساس واجبات ومهام الوزارة».