الرئيس المكلف سعد الحريري في دردشة مع رجال الأعمال، دعا إلى بعض التواضع، كي يُصار إلى تشكيل الحكومة، وكلمة التواضع باللغة العربية هي عكس التكبر والتجبر، وهذا معناه ان الرئيس المكلف يقصد بقوله بأن هناك فريقاً معنياً بتشكيل الحكومة ما زال يمارس سياسة التكبر والتجبر التي تحول دون تأليف الحكومة رغم اعترافهم بأن هناك حاجة ملحة لطي هذا الملف ويصار إلى قيام حكومة في لبنان تتصدى للتحديات الضاغطة عليه وهي كثيرة ومتعددة الجوانب بدءاً من تحدي الوضع الاقتصادي المتردي باعتراف السلطة الحاكمة نفسها وليس انتهاء بالاصلاحات المطلوبة من لبنان لكي يحصل على مساعدات مالية دولية لإعادة هيكلة أوضاعه الداخلية، فمن يقصد الرئيس المكلف بكلامه هذا هل يقصد القوات اللبنانية التي قدمت التنازلات لتسهيل عملية التأليف، بطبيعة الحال سيكون الجواب لها لأنها حسبما تداولته وسائل الإعلام ومسؤولو القوات أنفسهم والرئيس المكلف في المقدمة قدمت تنازلات موجعة لها، فبدلاً من أن تتمثل في الحكومة بستة وزراء حسب اتفاق معراب رضيت بأن تتمثل بأربعة، وبدلاً من أن تحصل على وزارة سيادية من أصل وزارتين حصة المسيحيين تنازلت عن حصتها لمصلحة التيار الوطني الحر وبذلك يكون إحتكر الوزارتين السياديتين، كذلك الأمر بالنسبة الى نائب رئيس الحكومة التي تنازلت عنه إلى رئيس الجمهورية استناداً إلى بدعة ما يعرف بحصة رئيس الجمهورية والتي لا علاقة لها من قريب أو بعيد بإتفاق الطائف وبالدستور الذي انبثق عنه.
إذاً القوات اللبنانية تواضعت بما هو كافٍ وربما أكثر، فمن يقصد إذاً غيرها هل يقصد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يطالب بكل حصة الدروز، لا نعتقد بأنه يقصده بكلام لأن الرئيس المكلف مقتنع كل الاقتناع بأن رئيس الحزب التقدمي الاشراكي لا يطالب الا بما هو حق له وفق النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية، وبالتطابق مع المعيار الانتخابي الذي وضعه رئيس الجمهورية كقاعدة تعتمد في توزيع الحصص، ولا علاقة لها بما يُحكى عن احتكار التمثيل.
من هنا أيضاً يتضح ان الرئيس المكلف قصد بكلامه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وكيف يمكن أن يقال بأنه قصده وهو أي الرئيس المكلف أعطى في التشكيلة التي رفعها إلى رئيس الجمهورية ورفضت حصة الدروز إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اقتناعاً منه بأنه، أي جنبلاط، يمثل أكثرية الدروز الساحقة، أي التي تتجاوز نسبة الثمانين بالمئة.
فمن المقصود إذاً؟ يبقى في الساحة التيار الوطني الحر الذي لم يتزحزح عن مواقفه المعلنة منذ صدور مرسوم تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة وملخص هذا الموقف هو الإصرار على الحصول على 11 نائباً من أصل 15 نائباً هي حصة المسيحيين ولم يتنازل عن هذا الحق الذي يستند فيه الى نتائج الانتخابات النيابية، رغم الخسائر التي تلحق بالعهد الذي يمثله في السلطة، ورغم التمني عليه من قبل الرئيس المكلف كي يتواضع ولو قليلاً لتسهيل عملية التأليف التي توفّر على العهد الشيء الكثير من المشاكل وحتى من المصائب، وهذا باختصار معناه ان الرئيس المكلف كان يقصد التيار الوطني الحر ورئيسه التي هدّد في آخر تصريحات له المعرقلين بأنهم هم الخاسرون في حال استمروا في عرقلة تأليف الحكومة، انه يقصد إذاً نفسه وتياره حتى لا نقول أكثر من ذلك.