مقترحات لـ«المالية» و«مصرف لبنان»
 

وضعت الدولة اللبنانية ثلاثة مقترحات للتعامل مع أزمة القروض السكنية التي توقفت قبل 6 أشهر، عبر وزارة المال ومصرف لبنان، في محاولة لاحتواء الأزمة المتنامية التي تنذر بزعزعة «الأمن الاجتماعي» في حال استمرارها، وسط مؤشرات «إيجابية» على قرب إعادة تفعيل القروض السكنية المدعومة، كما قالت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط».

وتأتي تلك المؤشرات في ظل معلومات عن أن مصرف لبنان سيصدر حزمة دعم لتنشيط الاقتصاد اللبناني في السنة المالية المقبلة أي في العام 2019. و«من الطبيعي أن يكون من بينها جزء مخصص لدعم القروض السكنية»، في وقت أكدت مصادر سياسية بارزة لـ«الشرق الأوسط» أن حل أزمة القروض السكنية «يجب أن يحل، لأنه مرتبط بالأمن الاجتماعي، وهو أمن قومي في النهاية».

وتحركت وزارة المال الأسبوع الماضي على خط حلحلة معضلة القروض السكنية التي تجمدت منذ شهر مارس (آذار) المقبل إثر استنفاد حزمة الدعم التي وفرها مصرف لبنان ككل عام، وخصص 60 في المائة منها للقروض السكنية. وأفادت وزارة المال في بيان أخير، بأن وزير المال علي حسن خليل، جدّد التأكيد على موقف وزارة المال القاضي بموافقتها على تحمّل فارق الفوائد المطلوبة للقروض الإسكانية الجديدة، وأعلن أن تحضير الآليات القانونية المرتكزة على هذه الموافقة بدأ العمل على إعدادها لتكون جاهزة في فترة وجيزة جداً.

وبعد أيام قليلة، تقدم نواب تكتل «الجمهورية القوية» من رئيس مجلس النواب نبيه بري، باقتراح قانون يرمي إلى تمويل دعم فوائد القروض السكنية، «نظراً للضرر البالغ الذي ألحقه إيقاف القروض بشرائح اجتماعية واسعة من المجتمع اللبناني». وتضمن اقتراح القانون: «إيجاد مصادر لتمويل دعم فوائد القروض التي تمنحها المؤسسة العامة للإسكان، وتحديد المستفيدين من هذه القروض وتفعيل الرقابة على تطبيق شروط الاستفادة».

غير أن الأزمة لا تنحصر بإيقاف القروض السكنية فحسب بالنظر إلى أنها لا تلحظ معالجة للسياسة الإسكانية ككل. وقال وزير الدول لشؤون التخطيط ميشال فرعون لـ«الشرق الأوسط»، بأن الأزمة القائمة «تكون مقاربتها من كذا ناحية، أولها القروض السكنية، وثانيها السياسة الإسكانية»، لافتاً إلى أن الأزمة القائمة الآن، التي يجب أن تُحل، لن تنهي أزمة نشأت «بسبب غياب التخطيط وعدم تبني الدولة ككل سياسة إسكانية»، مشدداً على أن «ثمة إمكانيات للحل، وهي غير مرتبطة بتأليف الحكومة، وضرورة حلها تنطلق من أن هناك انكماشاً اقتصاديا في البلاد الناتج عن تضافر عدة عوامل مرتبطة ببعضها».

وأوضح فرعون أن الموضوع له جوانب مرتبطة بعدم التخطيط الكافي في هذه المسألة، وأسفر عن عدم التوصل إلى سياسة شاملة، مشيراً إلى أن «القطاع العام لم يقم بتنسيق كافٍ بين المصارف والمصرف والمركزي والقطاعات وبعض الوزارات، لا سيما أنه في كل دول العالم بات 80 في المائة من السكان يقطنون في المدن»، لافتاً إلى أن وزارته عملت على مشروع سياسة إسكانية تعالج أيضاً السكن في أحزمة البؤس حول المدن. وقال: «طالبنا عبر المشروع بتحسين الحوكمة في إدارة المدن والسياسة الحضرية»، داعياً إلى «اتخاذ قرار مناسب تتم إحاطته من كل الجوانب». وقال: «الموضوع بحاجة لتفعيل وتطوير واتخاذ القرار. اليوم هناك أزمة محددة هي القروض السكنية، لكن حلها بإعادة تحريك القروض لا يكفي، إذ يجب أن تكون هناك دراسة دقيقة ومعمقة للسنوات العشرين المقبلة».

ولا يخفي فرعون أن الأزمة اليوم تؤثر على الكثير من القطاعات الاقتصادية، بالنظر إلى أن قطاع البناء يشغل بالحد الأدنى 34 قطاعا مرتبطاً به، مشدداً على ضرورة حل أزمة القروض السكنية.

وطرحت الدولة اللبنانية ثلاثة مقترحات لإعادة تفعيل القروض السكنية، تضاف إلى مقترح تقدم به نواب «تيار المستقبل» الشهر الماضي. لكن المقترحات لم تسفر عن حل حتى الآن. فإلى جانب المقترح الذي أعلنت «المالية» عنه الأسبوع الماضي، والحل المتمثل بالحزمة المالية لمصرف لبنان في 2019. كان مصرف لبنان اقترح مقترحاً مشابهاً لاقتراح «المالية» يغطي فوائد القروض المدعومة أيضاً، لكن المصارف لم تتبنه، بحسب الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة لـ«الشرق الأوسط»، الذي قال: «الحل موجود، وهو نفسه ما اقترحته وزارة المال ويتبناه مصرف لبنان منذ وقت، أي أن المصارف تفتح القروض السكنية، وتغطي الدولة، سواء مصرف لبنان أم وزارة المالية، فارق الفوائد، لكن المصارف تمتنع عن التسليف من أموالها». وأشار إلى أن المالية «خصصت في موازنة 2018 مبلغ بقيمة 100 مليار ليرة لدعم القروض السكنية». لافتا «صحيح أن في الدستور اللبناني لا وجود لسلطة مصرفية، إلا أن للمصارف تأثيرا في الواقع»، مشدداً على أن دوافع مصرف لبنان مختلفة عن دوافع المصارف التجارية، إذ أن «همه ثبات الليرة اللبنانية، و80 في المائة من أرباحه تذهب للخزينة اللبنانية، بينما يذهب 20 في المائة منها لدعم الاحتياط».

وعن الرزمة التحفيزية للاقتصاد في 2019. قال عجاقة بأنه من المنطقي أن يوفرها مصرف لبنان، لكن من المبكر معرفة قيمتها، بالنظر إلى أن المبلغ «يتحدد على أساس نسبة التضخم في العام 2019. ويقيم حساباته بناء على التوقعات بالتضخم في العام المقبل»، لافتاً إلى أن جزءاً من الحزمة الاقتصادية «يذهب إلى القروض السكنية والجزء الآخر لدعم القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والسياسة والزراعة والقطاع التكنولوجي».