إستبطن في عجالة ما كتب ذمَّاً لي،بعد أن كشف فيما أظهر مدحاً رخيصاً لا يُباع في سوق العكَّاظين،ولم أشترِ ما باعه،لأنني لم أبعهُ لكي يشتري،ومثلي فاشلٌ في فنِّ التجارة، لم يعلمني أبي قواعد السوق، لكنه تلا عليَّ ما جاء في مكارم الأخلاق. ذنبي أنني تأثَّرتُ بما قاله لي عن الزاهدين والعابدين والعاكفين ممن اشتروا مرضاة الله بعملٍ صالح، فكانوا لي تجارب حيَّة،وما زلتُ أستلهمُ منهم معنى الحضور في الغياب. قال نبينا محمد (ص): "طوبى للغرباء".. هذا ما يُسلِّي وحدتي ووحشتي في طريقٍ قلَّ سالكوه، ليس لأنه طريق ذات الشوكة،بل لأنه طريق لا تسير عليه سيارات المصالح من بكوات هذا الزمن ممن عمَّروا الدنيا بحجارة الآخرة..
يا صديقي في لومك وعتابك ما أسرَّني وعلى دفعتين متتاليتين من مَرَج البحرين، فأصابني وابلٌ من مطرٍ أو طلٍّ من حبيس غمامتين فوق لؤلؤة الخليج،هذه المدينة التي تركتَهَا أنت يا صديقي هارباً من ساحاتها سليط اللسان في غير معاركها،وقد انتفخت أوداجك من لحم ما أكلت في بيروت، فضللتَ الطريق والصراط القويم،وخسرتَ معركة الإصلاح مع الحسينيين في كربلائهم،ولم تفلح حتى في تشييع الجثامين هناك،وكل ما فعلته هو لطمٌ وتطبيرٌ في إحدى شوارع الضاحية الضيقة،ولا يصلُ بكاؤك وتباكيك وأنينك في مجالس العزاء إلى دسكرةٍ من دساكر العسكر في البحرين...
اقرا ايضا : هل تراب كربلاء للسجود والشفاء؟
أيها الصديق المتأصلح في سيرة الإمام الحسين (ع)، معركتك ليست معي، فأنا لستُ ملكاً أو أميراً أو من حاشية أمراء المملكة، ما أنا يا صديقي إلا مزارعٌ ابن مزارع يقتات من لحمه لا من أكتاف قيادات الجمعيات والأحزاب والمرجعيات، يسرُّني في رَدك على مقالتي (مطربو عاشوراء) أنني اكتشفتُ منك كبوة كاتب ومشروع واعد إذا ما ترك الردَّ على أمثالي من الذين لا حول لهم ولا قوة،وتفرَّغ للكتابة عن القضية التي أفرغت جيوبه وجعلته طفراناً على أبواب الله. وكانت لسمومي فرصة أن يرتزق من عسلها وأن يلتقط العصفور حبة بيدرها، فلك مني جزيل الشكر والإمتنان ولكم عند الله الأجر والثواب...
يا صديقي آمل أن لا تسمِّيه رداً، فمثلي لا يردُّ على صديقٍ باطنه عكس ظاهره،ولكنه نوعٌ من التواصل مع الخلاف بالرأي الذي لا يفسد في الودِّ قضية..
أخوكم المحب الشيخ عباس حايك