صورتان تملآن مواقع التواصل الإجتماعي هذه الأيام، صورة قادمة من شمال سوريا من إدلب لحشود جماهيرية ضخمة ترفع من جديد أعلام الثورة السورية ومع حناجر تنضح بالمطالبة بالحرية وإسقاط النظام القمعي الفاجر القاتل المستبد قاتل النفس المحترمة ومستحلاً لحرم الله ومال الله وعباد الله .
وبالمقابل صورة ( أو صور ) عن تجمعات بشرية تلبس السواد وتبكي على الإمام الحسين بمجالس عاشورائية تقام بالضاحية وبغير الضاحية، تبكي على التاريخ، على أبشع جريمة شهدها التاريخ الإسلامي سنة 61 للهجرة ( منذ 1379 عام )، على إمام ضحى بنفسه وبخيرة أصحابه وعياله فقط وفقط كي يقول للظالم المستبد: " هيهات منا الذلة " .
إقرأ أيضًا: الهريسة
المفارقة، أن الناس بالصورة الأولى تقول وترفع نفس شعارات الحسين عليه السلام ( الموت ولا المذلة )، فيما البكاؤون على الحسين في الصورة الثانية، يغرقون بالذل اليومي فيعيشون بين النفايات من دون ماء ولا كهرباء ولا الحدً الأدنى من العيش الكريم وهم خانعون مستسلمون خاضعون لمجموعة من اللصوص والسارقون يمجدونهم وينتخبونهم تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان ولا يرضاها مؤمن شريف ولا إنسان حر .
في الصورة الأولى القادمة من إدلب، تستشعر فيها نبض الحسين وعنفوان الحسين وأنفة الحسين، حتى كأنك تحسب أن الإمام الحسين مشارك فيها، ويقودها بنفسه، عملاً بقوله الطالع من عمق كربلاء حين خاطب يزيد بن معاوية " مثلي لا يبايع مثلك " وتردد هذه الجماهير خلفه بالقول لبشار الأسد بعد كل هذا القتل والدمار والبراميل المتفجرة وكل أنواع الإستبداد : "مثلنا لا يبايع مثلك ".
فإذا ما اعتبرنا أن كربلاء الحسين ما هي إلا ثورة في وجه الطغاة ( وهي كذلك )، وأن قربك من الحسين لا تُقاس لا بالسواد ولا بالبكاء واللطم وإنما بمقدار شعورك الثوري برفض كل حاكم مستبد ظالم حينئذ لا بد من الإقرار بأن المسيرة الإدلبية هي مسيرة حسينية بامتياز، وأن الحسين عليه السلام بعيداً كل البعد عن مجالس الإستكانة والخنوع والبكاء الفارغ في المجالس مسماة زوراً بالمجالس الحسينية وأن شعار " ما تركتك يا حسين " هو شعار مضلل وخادع لأن الحقيقة تقول بأن الشعار الحقيقي المخفي خلف الدموع الحمقاء هو " ما تركتك يا بشار " .