قبل يوم، انشغل اللبنانيون بفوز المنتخب اللبناني بكرة السلة على المنتخب الصيني، وسط تقدير رئاسي وشعبي وسياسي ورياضي، ودعوة لعمل اللبنانيين كفريق واحد، بوصفه امثولة يتعين على السياسيين الاقتداء بها، وفقاً لنصيحة الرئيس نبيه برّي، الذي دعا إلى مقاربة الأزمة السياسية الراهنة، قبل دخولها مرحلة الاستعصاء بروح رياضية.
الا ان «المباراة» كانت ليس في ملعب سلّة الحكومة، حيث تجددت الشروط والشروط المضادة وسط استمرار التراشق بين التيار البرتقالي والحزب التقدمي الاشتراكي، ووصف وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة العهد بالفشل وفريقه «بمجموعة من الرخويات السياسية والتربوية التابعة لتيار العهد الفاشل»، قبل ان يتصدى له وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال أيضاً، ووصف كلامه «بالهباء وكيده بالبدد»، كانت المبارزة في ميدان الثروة.. الأمر الذي شكّل «مفاجآت صادمة» احتلت مواقع التواصل، وشكلت مادة دسمة في أحاديث الصالونات السياسية.
فقد أوردت مجلة «فوربس» الأميركية المتخصصة، تحت مقال بعنوان: «أغنى عشرة مسؤولين سياسيين في لبنان لسنة 2018» ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حصد المرتبة الرابعة في التصنيف بثروة قدرت بـ 1،2 مليار دولار.
وظهر في المركز الأوّل رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي حيث بلغت ثروته 3.3 مليار دولار، يليه نائب رئيس الحكومة الأسبق عصام فارس بثروة بلغت 2.3 مليار دولار. وفي المركز الثالث جاء رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بثروة بلغت 1.5 مليار دولار.
وفي ما يلي ترتيب السياسيين العشرة بعد الرئيس عون الذي حل في المركز الرابع.
وليد جنبلاط: مليار دولار.
نبيه بري: 78 مليون دولار.
تمام سلام: 71 مليون دولار.
سليمان فرنجية: 65 مليون دولار.
أمين الجميل: 58 مليون دولار.
ميشال سليمان: 49 مليون دولار.
وابرزت المجلة الأميركية، اهتماماً بثروة رئيس الجمهورية، حيث كتبت انه حصد المرتبة الرابعة في التصنيف بثروة قدرت بـ1.2 مليار دولار.
وسارعت محطة O.T.V التلفزيونية الناطقة بلسان التيار الوطني الحر إلى تناول الخبر، فكتبت في مسهتل المقدمة: إذا أضيف إلى رصيد التزوير، اتهام رئيس الجمهورية بأنه رابع اثرياء لبنان.. هل سيؤدي الأمر على سبيل المثال، إلى الاقرار بالحجم المنفوخ «للقوات»؟.
المراوحة مستمرة
إلى ذلك أجمعت المعلومات على انه رغم بعض التفاؤل الحذر الذي ينقل عن الرئيس المكلف من قبل زواره بقرب الوصول إلى الخلاص بالنسبة لملف تشكيل الحكومة، من خلال المساعي التي يبذلها بعيداً عن الإعلام، فإن الأمور حتى الساعة لا زالت تدور في مكانها، من دون تسجيل أي خرق على هذا الصعيد.
وذهبت مصادر في «التيار الوطني الحر» إلى أبعد من ذلك، فأكدت ان الأمور ما زالت تدور في الدائرة نفسها منذ تكليف الرئيس الحريري، أي منذ أربعة أشهر، وما زالت ضمن العناوين المعروفة، بالنسبة للعقد الثلاث: المسيحية والدرزية والسنية، والتي بقيت على حالها، وان كل اللقاءات والاجتماعات التي تعقد لا تسفر عن أي نتائج جديدة.
ومع ان هذا الكلام يحمل بعض المبالغة، على اعتبار ان حلحلة سجلت على صعيد مطالب «القوات اللبنانية» حين رضيت بأن تتنازل عن الحقيبة السيادية، أو منصب نائب رئيس الحكومة، فإن أوساط التيار ما زالت تعتبر ان «القوات» تطالب بحقوق أكثر مما تستحق، وتشدد على معيار نتائج الانتخابات النيابية، كشرط وحيد لحل كل المشاكل، علماً أن هذه النتائج اعطت «القوات» نصف عدد تكتل التيار، وأعطت «الحزب الاشتراكي» كل المقاعد الدرزية، باستثناء مقعد النائب طلال أرسلان الذي ابقاه الحزب الاشتراكي مفتوحاً له في عاليه.
لكن اللافت فيما قالته المصادر العونية لـ«اللواء» بالنسبة لتأخير تشكيل الحكومة وانعكاساته السلبية على الولاية الرئاسية للرئيس عون، هو انها «لا ترى مانعاً من ان يأخذ موضوع تشكيل الحكومة مداه»، معتبرة بأن ذلك يبقى أفضل من القبول بحكومة تملك إمكانية تعطيل مسيرة العهد، لا سيما وان هناك توقعات بأن يكون عمر الحكومة المقبلة أربع سنوات، أي ما تبقى من عمر الولاية الرئاسية، مشيرة إلى انه إذا تمّ الاتفاق على حكومة لعام واحد، فبالتأكيد سيتم تشكيلها فوراً، لكن حكومة تحكم لاربع سنوات يجب ان تكون منتجة وقادرة على القيام بالمشاريع الإصلاحية الكبيرة التي يحتاجها البلد، ولا تكون فيها قدرات تعطيلية من خلال ان يملك الحزب الاشتراكي حصرية التمثيل الدرزي والتي تطرح الموضوع الميثاقي على بساط البحث، أو ان يكون «للقوات اللبنانية» حصة وازنة، رغم انها تؤكد تكراراً دعمها للعهد، الا ان التجربة السابقة معها في حكومة تصريف الأعمال توحي بالعكس.
«القوات»: حقيبة سيادية مع حقيبة الدولة
لكن المهم في موضوع تشكيل الحكومة هو رفض «القوات اللبنانية» اسناد حقيبة دولة لها من دون حقيبة سيادية هي الدفاع، وقال وزير الاعلام ملحم رياشي لـ«اللواء»: ان لا جديد في الاتصالات لتشكيل الحكومة
وحول موقف «القوات» مما تردد عن نية الرئيس الحريري إسناد حقيبة دولة اليها؟ قال الوزير رياشي: لا وزارة دولة من دون وزارة سيادية.
واعتبر رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب «القوات» شارل جبور ان الكرة هي في ملعب الرئيس عون، مشيرا إلى ان «القوات» يمكنها التفكير جدياً في أربع حقائب، بينها وزارة دولة، شرط ان تكون لها حقيبة سيادية، أو وزارة الطاقة، مشددا على ان هذا الأمر هو شرط أساسي وخارج ذلك لا يُمكن للقوات فتح باب التفاوض مجدداً.
سجال «الاشتراكي» والتيار
إلى ذلك، بقيت المناخات السياسية المشدودة بين بعبدا وكليمنصو على احتدامها، نتيجة استمرار السجالات النارية بين وزراء ونواب الحزب الاشتراكي و«التيار الوطني الحر»، وكان جديده، أمس، البيان الذي أصدره الوزير حمادة رداً على مواقف التيار مما اجراه في وزارة التربية، والإجراءات الكيدية التي اتخذها في وزارة البيئة ومؤسسة كهرباء لبنان بحق موظفين دروز، فهاجم من وصفهم بمجموعة من الرخويات السياسية والتربوية التابعة لتيار العهد الفاشل، مؤكداً ان ما قام به هو إداري بحت، لا اعتداء فيه على أحد، وهو من ضمن صلاحياته، وما قاموا به (أي التيار) هو سياسي بحت دوافعه كيدية وتم فيه الاعتداء على موظفين من أكثر موظفي الدولة كفاءة ونزاهة. وشدّد على ان شتائمهم لن تغير الوضع لا في وزارة التربية ولا على الصعيد الوطني.
وفي المقابل رد وزير العدل سليم جريصاتي من جهته على النائب وائل أبو فاعور، من دون ان يسميه، واصفاً اياه «بالنائب والوزير الذي يستفيق وينام على حقد دفين».
تحرك فرنسي
وازاء هذه المراوحة السلبية في الوضع الحكومي، ذكرت معلومات ان فرنسا تدرس القيام بتحرك ما يُساعد في كسر الجمود السائد، قد يكون من خلال إيفاد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون موفداً فرنسياً للقاء المسؤولين اللبنانيين من أجل حثهم على الإسراع في تشكيل الحكومة حفاظاً على المساعدات الدولية للبنان وأبرزها مساعدات مؤتمر سيدر.
الرسم المقطوع
وعلى صعيد آخر، استجاب وزير المال علي حسن خليل لطلب رئيس الهيئات الاقتصادية محمّد شقير وامينها العام نقولا الشماس اللذين زاراه أمس، بما يتعلق بالرسم المالي المقطوع المفروض على المكلفين بضريبة الدخل، فوافق على تأجيل موعد تطبيق هذا الرسم المحدد في آخر أيلول تحسساً منه بالأوضاع القائمة، وهو (أي الوزير خليل) أجرى لهذه الغاية اتصالاً هاتفياً بالرئيس الحريري، واتفقا على آلية لإقرار التأجيل واعفاء المكلفين من الرسم وارجائه إلى العام 2020.
وفي المعلومات، ان رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، زار الرئيس الحريري أمس بعيداً عن الإعلام وبعد النقاش في الموضوع، توجه كنعان إلى بعبدا حيث نقل الأجواء إلى الرئيس عون الذي وافق على تجميد العمل بالضريبة، على ان يتم لاحقاً الاتفاق على آلية لترجمة هذا التجميد.
المحكمة الدولية
وبعيداً عن الداخل السياسي، اسدلت الستارة أمس، في لاهاي على المرافعات الختامية للادعاء في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، بعد تقديم كل القرائن والحجج لاعتبار المتهمين الأربعة مذنبين.
ورأى الادعاء في يومه الرابع والأخير، ان الهجوم الذي أودى بحياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه نفذه قيادي عسكري متطور، أي مصطفى بدر الدين، وذلك بعد تحليل ظروف الاعتداء والاستناد إلى معلومات عن حزب الله وامينه العام السيّد حسن نصر الله وجنازة بدر الدين وامكانيات الحزب وعمله في سوريا.
كما قدم الممثلون القانونيون عن المتضررين في جريمة الاغتيال مرافعاتهم، ومن المقرر ان يعرض وكلاء الدفاع مرافعاتهم الأسبوع المقبل، وبعدها تتم المذاكرة وإصدار الحكم، في غضون الأشهر الأولى من السنة المقبلة.