تكشف مصادر ديبلوماسية غربية، ان الادارة الاميركية تقول ان المبادرة الروسية لاعادة النازحين الى سوريا مبادرة جيدة، لكنها غير قابلة للتطبيق. واذا ما استطاع الروس تحقيقها فليحققوها. كما ان الادارة تعتبر ان هذه المبادرة تحتاج الى تمويل، وهي غير مستعدة للتمويل في اعادة الاعمار واعادة النازحين من دون حل سياسي. انه عنوان عريض بالنسبة الى الموضوع السوري، لكن ليس من المؤكد ان الرئيس ترامب يريد ذلك. وهناك انتظار لما سيتبلور بعد قضية ادلب والتطورات التي ستحملها. وتقول هذه المصادر ان الجو بات متوتراً بين الاميركيين والروس خلافاً لما كان عليه لدى انعقاد القمة بينهما في تموز الماضي، وكل ما اتفقوا عليه آنذاك باتوا الآن مختلفين عليه حتى ان العلاقة بين الاوروبيين والروس ليست جيدة في الوقت الحاضر.
وتؤكد مصادر وزارية لبنانية، ان جملة معطيات تفيد ان تعقيدات عديدة تلف مسألة عودة النازحين السوريين الشاملة. كما تعوق تنفيذ المبادرة الروسية للعودة.
لبنان يقوم بواجباته حيال عودة النازحين وحيال المسعى الروسي في هذا المجال. وهو شكل الفريق اللبناني في اللجنة اللبنانية - الروسية، واللجنة لا تحتاج ان تستمد شرعيتها من الحكومة لانها ليست لجنة حكومية بين الطرفين. كذلك ان الفريق اللبناني في اللجنة المرتقبة اللبنانية - الروسية - السورية، سيكون من الأمنيين. ومهمة اللجنة اللبنانية - الروسية التنسيق لوضع آلية العودة. ولبنان ينتظر تسمية الروس لفريقهم فيها. ويمكن للجنة الثنائية هذه بدء التحضير والعمل في انتظار تشكيل الحكومة اللبنانية، لا سيما وان كل الافرقاء اللبنانيين يوافقون على عودة النازحين الآمنة والطوعية. فالكل داعم للعودة الكريمة في انتظار، ان يقول الروس اين هي المناطق الآمنة والتي ستستقبل العائدين، وعدم وجود الاعتراض عليهم، وتوافر الضمانات الامنية الواجبة للعودة.
وكل ذلك ضروري ليستطيع العائدون العيش في ظروف ملائمة وبرعاية الامم المتحدة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمعنية بالمساعدة على تأمين الظروف المعيشية اللازمة لاستكمال حياتهم. والمفوض العام ﻟـ "الاونروا" فيليبو غراندي لاحظ امام المسؤولين اللبنانيين، ان العودة الى الغوطة تبدو صعبة، وهي مسألة طويلة نظراً للدمار الشامل لا سيما للغوطة الشرقية، اما العودة الى درعا فتبدو اسهل.
ومن ابرز التعقيدات، اعادة الاعمار، فالروس يطالبون الدول الغربية بتأمين التمويل لاعادة الاعماروالعودة. لكن الاميركيين كما الاوروبيين لن يقوموا بالتمويل طالما الرئيس بشار الاسد موجوداً في السلطة، وطالما لم يحصل حل نهائي سياسي في سوريا. فالسبب يعود الى تخوف الغرب من ان يكرر الاسد ما قام به بالنسبة الى قتل شعبه وتدمير سوريا من جديد. وفي الغرب يوجد ناخبون وقيادات وحكام، وكل هؤلاء يوجهون الدولة في مجال التمويل الخارجي. لان هناك ديمقراطية حقيقية، وليس ما يؤثر مثل ضغط السلاح. ولا يستبعد ان تقوم الصين بالتمويل. في حين ان الاقتصاد الروسي لا يسمح بتمويل روسيا لاعادة اعمار سوريا. انما لدى الصين امكانات بشرية وهي تمول الآن في افريقيا، وقد لا تمانع بالتمويل في سوريا وقد تخصص ما لا يقل عن ١٠ مليارات دولار لهذه الغاية.
بالتالي، الاميركيون والاوروبيون لا يطمئنون الى اعادة الاعمار ما دام الاسد موجوداً وطالما لا حل سياسي يتم العمل عليه. والروس لن يسلموا الوضع السوري سياسياً. لكن اعمارياً ليسوا في وارد المساهمة، هناك احتمال واحد قد يكون ممكناً اذا عمل كل طرف على الاهتمام بالمناطق التي يسيطر عليها. اي اذا عمل الاميركيون والاتراك والروس على توزيع اعادة الاعمار بحسب سيطرتهم على المناطق قد يكون الامر ممكناً.
لكن المصادر، تقول ان بامكان النفط السوري الموجود على شاطئ سوريا وفي المناطق ان يمول اعادة الاعمار. ويصبح الروس في هذه الحالة اكثر المستفيدين من الموضوع.
اما المسألة الثانية التي تعوق العودة فهي المأساة المنتظرة في ادلب والمجزرة المتوقعة. وفي حال حصولها، فان الامر سيشكل موجة تسونامي من النزوح السوري الجديد الى داخل سوريا والى خارجها. ففي ادلب كل هذه العوامل لا تشجع على العودة ولا تؤشر الى امكان وجود تسهيلات لها. فكيف سيدخل الروس في مبادرة العودة بعد ادلب؟ فضلاً عن ان لا شيء يمكن أن يشجّع النازحين في الدول المحيطة بسوريا على العودة من جراء الكلام عن معركة ادلب. ثم ان النازحين لا شجاعة لديهم للعودة الى مناطق لا تزال تحت القصف والقتال وهي مهددة بشتى انواع التهديدات.