تغلبت الرياضة على الخواء السياسي، الموزع بين توقف مشاورات تأليف الحكومة، والحملات المتبادلة بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتركي وحليفه حزب «القوات اللبنانية» واتهامهما بعرقلة تأليف الحكومة، وتبرئة ساحة الرئيس المكلف من هذه التهمة، وانصرف السياسيون والرسميون ومنهم الرئيس المكلف نفسه إلى متابعة المباراة الحاسمة بين منتخب لبنان ومنتخب الصين، بمشاركة ومواكبة زهاء 7 آلاف متفرج، على المباراة بين لبنان والصين في مجمع نهاد نوفل بذوق مكايل.
فقد نجح لبنان بتحقيق الفوز على ضيفته الصين، في افتتاح المرحلة الثانية من التصفيات الآسيوية المؤهلة لبطولة العالم لكرة السلة التي تستضيفها الصين سنة 2019.
وانتهت المباراة بفوز لبنان بعد وقت اضافي 92-88، الوقت الاصلي 77-77.
وكان لبنان حل ثانيا خلف الاردن في المرحلة الاولى من التصفيات، وسافر منتخبنا بعد المباراة مباشرة الى نيوزيلندا ليلعب بضيافتها بالمرحلة الثانية من التصفيات الحالية.
ويسعى لبنان الى المشاركة في بطولة العالم للمرة الرابعة بعد انديانابوليس 2002 واليابان 2006 وتركيا 2010.
وسارع الرئيس ميشال عون إلى مباركة فوز المنتخب اللبناني في كرة السلة على الصين ضمن تصفيات كأس العالم، آملاً حصول «المزيد من الانتصارات للتأهل إلى كأس العالم».
كما هنأ الرئيس المكلف سعد الحريري في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، منتخب لبنان في كرة السلة بفوزه. وقال: «مبروك فوز منتخب لبنان لكرة السلة على المنتخب الصيني، خطوة كبيرة نحو رفع اسم لبنان في بطولة العالم. دائماً معكم».
سياسياً، تحتشد المناورات الروسية في ميدان تسوغول، ويتوعد جنرال إيراني «القوات الاميركية» على بعد مئات الكيلومترات، كل ذلك على خلفية ما تحضّر الولايات المتحدة، على الأرض للحؤول دون سقوط «إدلب» السورية بيد دول المحور الروسي - الإيراني - السوري، والجماعات المسلحة الحليفة له، وتمضي «الوزارات» التي تصرّف الأعمال في حرب من نوع آخر، تقضي بالاقتصاص الكيدي من وزراء حزبيين، في «حكومة استعادة الثقة» المستقيلة، فيما المشهد التأليفي يراوح بين تبرئة «عونية» للرئيس المكلف من عرقلة التأليف، وتفاؤل في عين التينة من نوع «ما اضيق العيش لولا فسحة الأمل..». في وقت قرّر فيه، الفريق الجنبلاطي، كسر الجرة مع العهد، والانتقال إلى معارضة رئيس الجمهورية بصورة مباشرة وعدم تحييده عن المواجهة مع التيار الوطني الحر.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«اللواء» عن مسعى جديد بشأن صيغة حكومية لم يكشف عنها فإذا كتب لها النجاح يتم تأليف الحكومة اما اذا لم تقدم التسهيلات اللازمة فان ما من حكومة في المدى المتظور. ولفتت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة الى ان اي زيارة لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا لن تفضي الى اي شيء في حال لم يكن هناك من مخرج للأزمة الحكومية. واوضحت ان الصورة لا تزال ضبابية في هذا المجال. وقالت ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على استعداد لتقديم كل التسهيلات اللازمة من اجل المساهمة في تشكيل الحكومة سريعا.
صيغة جديدة
وفي ضوء ما أعلنه أمس الأوّل، يبدو ان الرئيس الحريري يتجه إلى اعداد صيغة جديدة توازن بين ما يطمح إليه وما يرضي «شريكه الدستوري» في التشكيل، أي الرئيس عون.
لكن السؤال الكبير يبقى حول موعد اللقاء الذي يفترض أيضاً ان يحصل بين الرئيسين عون والحريري، وما إذا كان هذا اللقاء سيحصل قبل سفر رئيس الجمهورية إلى نيويورك والمقرر مبدئياً في الثلث الأخير من الشهر الحالي، أي بعد الثاني والعشرين من أيلول، علماً ان سفر عون إلى نيويورك ومعه تشكيلة حكومية جديدة من شأنه ان يعطي الزيارة، والمحادثات التي سيجريها على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، دفعاً سياسياً قوياً، يُبدّد الشكوك التي تحيط في كواليس المجتمع الدولي، نتيجة استمرار الفراغ الحكومي.
وتتحدث بعض المعلومات عن ان الصيغة المعدلة التي يسعى إليها الرئيس الحريري تتضمن منح «القوات» ثلاث حقائب خدماتية وأساسية مع حقيبة دولة اسوة بغيرها من القوى السياسية، وهو يسعى لاقناع «القوات» بهذا العرض، إلا ان «القوات» تنتظر طبيعة العرض لتحدد موقفها من الحقائب، فإذا كانت معقولة فقد تقبل بحقيبة دولة، لكن يبقى على الحريري مسألة معالجة مطلب الرئيس عون تمثيل كتلة الوزير طلال أرسلان، عبر الحل الوسط وتمثيل النواب السنة المستقلين.
وأكد الرئيس الحريري أمس، انه مستمر في مساعيه وجهوده الدؤوبة لتشكيل الحكومة الجديدة، آملاً في الوصول إلى النهاية السعيدة من خلال التعاطي الهادئ والمسؤول مع كل الأطراف والتحلي بالصبر، على الرغم من الاختلافات والتباينات بين هذه الأطراف، مشدداً على انه «من دون التحلي بالصبر ومقاربة الأمور بالحكمة لن نستطيع حل المشاكل التي تواجه البلد والنهوض به».
وقال الحريري خلال استقباله مساء أمس في «بيت الوسط» حوالى 70 طالباً من جامعة «ستانفورد» الأميركية، يقومون بزيارة جامعية إلى لبنان، ان «ما يُميّز لبنان عن غيره من دول المنطقة هو نظامه الديمقراطي وتنوعه»، لافتاً نظر الطلاب إلى «أننا نعيش في منطقة تسودها الاضطرابات والحروب، لكنه بقي بفضل الله تعالى وإرادة اللبنانيين وحرصهم على آمنة واستقراره بمنأى عمّا يحصل من حوله»، مشيراً إلى انه «لدينا الآن فرصة فريدة للنهوض بالبلد وانعاش الوضع الاقتصادي وحل المشاكل التي نواجهها وفي مقدمتها مشكلة النازحين السوريين»، مؤكداً بأنه يسعى لتوظيف هذه الفرصة المتاحة من خلال مؤتمر «سيدر» لإعادة بناء البنى التحتية والنهوض بالبلد ككل».
«القوات» على مواقفها و«الاشتراكي» يصعد
وفي المعلومات، ان «القوات» ما زالت على موقفها بدليل ما أعلنه نائب رئيسها النائب جورج عدوان، على هامش مشاركته في جلسة اللجان النيابية المشتركة، أمس، ان «القوات» وصلت إلى مكان لا يمكن ان تتنازل عن حقها التمثيلي، مبدياً اعتقاده بأن المقترح الذي قام به الرئيس الحريري أقرب إلى الواقع، فهو يهدف إلى عكس التمثيل النيابي في الحكومة.
اما بالنسبة إلى التمثيل الدرزي في الحكومة، فيبدو ان «حرب السجالات» تجاوزت «التيار الوطني الحر» و«الحزب الاشتراكي» إلى المستوى الرئاسي، بحسب ما أظهر الرد الاشتراكي العنيف على موقف الرئيس عون في ستراسبورغ من اتهام العهد بالفشل، حيث فتح عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور نيران الحزب مباشرة في اتجاه بعبدا، بعدما كانت السجالات محصورة على مدى الأيام القليلة الماضية بين كليمنصو و«ميرنا الشالوحي» في مؤشر خطير إلى المنحى الذي بلغته العلاقة بين الطرفين، مستعيدة حقبة بغيضة من الماضي غير البعيد.
ولم يتوان الهجوم الاشتراكي اللاذع على الرئيس عون عن استخدام نعوت هزلية، وأخرى من العيار الثقيل في سياق المقارنة بين خطاب عون امام البرلمان في ستراسبورغ، وخطابه امام الجالية اللبنانية، وهنا بيت القصيد، حيث وصف أبو فاعور هذا الخطاب بأنه «ينضح بروح التحدي والانقسام والاستقواء والتهديد بالسلطة وتكرار ادعاءات الإصلاح، التي باتت نكتة سمجة».
واتهم أبو فاعور في بيانه، من وصفهم «بالبعض المستأسد على السلطة»، بأنه «يعيش ثأره التاريخي ضد اتفاق الطائف وتوازناته واركانه»، معتبراً بأن «كل الذي يجري هو محاولة بائسة لتجويفه تمهيداً للانقلاب عليه».
وعليه، فقد بات من الواضح، ان أي محاولة أو مسعى لتدوير الزوايا في مسألة التمثيل الدرزي في الحكومة، مكتوب له الفشل، قبل معالجة موضوع العلاقة المتوترة بين الرئاسة الأولى والنائب السابق وليد جنبلاط، الأمر الذي دفع عضو تكتل «التنمية والتحرير» النائب محمّد خواجة، التأكيد لـ«اللواء» بأنه «لا يرى مؤشرات على قرب تشكيل الحكومة في المدى المنظور، لأنه لم يلمس أي تطوّر إيجابي حتى الآن، بانتظار المساعي الجديدة للرئيس المكلف»، نافياً ان يكون لمس بعد أي توجه نحو تعديل أو تغيير الصيغة التي تقدّم بها إلى الرئيس عون، بل نلمس تأخيراً ومماطلة في تشكيل الحكومة التي كنا ننتظر تشكيلها في عيد الفطر.
وقال: «أخشى ان ننتظر حتى عيد رأس السنة الجديدة، إذا استمرت المماطلة، وأنا اعتقد ان العقدة الحقيقية هي بين «التيار الحر» و«القوات اللبنانية» وليست في مكان آخر.
لكن مصادر سياسية مطلعة، أبلغت «اللواء» ان كل العقد التي تتداولها وسائل الإعلام نقلاً عن أقطاب تأليف الحكومة، هي عقد وهمية، أو على الأقل قابلة للتذليل والحلحلة فيما لو تحسنت النوابا وتمت مقاربة الملف الحكومي من زاوية المنطق ومن قاعدة رفض الغلبة وتغليب مصلحة لبنان على حساب أي مصلحة أخرى عائلية كانت أم حزبية أو حتى فئوية.
ولفتت إلى ان العقدة الحقيقية وربما الوحيدة هي عقدة الثلث المعطل الذي يريده رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل ليمسك برقبة مجلس الوزراء حتى انتهاء العهد الرئاسي.
تجدر الإشارة إلى ان الرئيس نبيه برّي انتقل أمس من عين التينة إلى المصيلح للمشاركة في احياء مراسم عاشوراء، وفسر ذلك بأنه مؤشر إلى انه لا يتوقع ولادة قريبة للحكومة.
حزب الله
اما «حزب الله» فقد ألمح مجدداً إلى ان مطالب «القوات» و«الحزب الاشتراكي» تعوق التشكيل، إذ رأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد ان المشكلة التي تحول دون تشكيل الحكومة أن البعض يستخف بفريق سياسي معين، ويرغب في تمثيل فريق سياسي آخر كما يشاء، ولا يريد لهذا الفريق ان يشارك في الحكومة، وبالتالي فإننا من خلال هذه الطريقة والمنطق نقع في الاستنسابية التي لا يمكن ان يرضى من يجب ان يرضوا من اجل تشكيل الحكومة». 
المحكمة الدولية
في هذه الاثناء، واصل الادعاء العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لليوم الثالث على التوالي، كشف الكثير من التفاصيل المتعلقة بجريمة الاغتيال، وعرض الأدلة المتعقلة باسناد الهواتف للمتهمين الأربعة، وعرض أدلة إضافية ركزت على شهادات زور وإعلان المسؤولية زوراً، ومسألة اختفاء أحمد أبو عدس.
وأعلن الادعاء، في الجلسة المسائية أمس، ان مصطفى بدر الدين هو المتآمر الأساسي وهو في أعلى الهرم والمشرف على عملية اغتيال الرئيس الشهيد، ووجه كل عملية الاغتيال، وان المتهم سليم عياش قاد وحدة الاغتيال وكان معه 4 أشخاص راقبوا الحريري كظله.
وكشف أيضاً، ان بدر الدين كان على اطلاع بالاجتماع الذي حصل في كانون الثاني 2014 بين الرئيس الحريري والأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله في حضور معاونه السياسي الحاج حسين الخليل والصحافي الراحل مصطفى ناصر.
وأكّد الادعاء في الجلسة الصباحية لغرفة الدرجة الأولى ان عياش لم يقم برحلة حج إلى المملكة العربية السعودية برفقة زوجته، مشيراً إلى ان جواز سفره الخاص استخدمه شخص آخر رافق الزوجة كمحرم، معتبراً ان إمكانية تزوير الجوازات كانت كبيرة في تلك الفترة، لأن المعلومات كانت تكتب بخط اليد، ولكن بعد سنوات أصبحت تطبع برموز معينة.
وتطرق الادعاء في الجلسة إلى قضية اختفاء أحمد أبو عدس، مشيراً إلى انه يزعم ان المتهمين أسد صبرا وحسين عنيسي وحسن مرعي متورطون فيها، وان عنيسي لقب نفسه محمّد، مدعياً انه كان مسيحياً واعتنق الإسلام، وطلب من أبو عدس الذي التقاه في مسجد الجامعة العربية تعلم الصلاة، داحضاً كل ما قاله الدفاع من بيانات وشهادات ومستندات، معتبراً انها مزاعم مليئة بالاخطاء، وان أبو عدس لم يغادر من سماه خالد طه ولم يكن مهتماً بالجهد.
وأكّد رئيس المحكمة القاضي راي عدم مطابقة أي حمض نووي لأبو عدس باستثناء الجثة الموجودة في موقع الجريمة، مشيراً إلى سوء إدارة القوى الأمنية في تلك الفترة، وانها لم تكن مثالية، وان لا خلاف بين جميع الأفرقاء على هذا الموضوع.
ويفترض ان ينهي فريق الادعاء مرافعته النهائية اليوم مقدماً تفاصيل جديدة، على ان يبدأ فريق المتضررين تقديم مطالعته، فيما طلب فريق الدفاع تأخير مطالعته إلى الاثنين المقبل.
وعلق الأمير خالد بن سلمان، سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن، على بدء قضاة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الاستماع إلى المرافعات الأخيرة الخاصة بقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005.
وكتب بن سلمان على «تويتر»: «بعد ١٣ عاما من اغتيال الرمز العربي الكبير الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله وباسل فليحان ورفاقهم، جددت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اتهامها لأربعة أعضاء مما يسمى بحزب الله»، مضيفا: «لا يزال قاتلوه أحراراً مستمرين في اختطاف سيادة وعروبة لبنان، ورهنه في أيدي نظام طهران».
وتابع في تدوينة أخرى: «على المجتمع الدولي أن يتكاتف لتحميل قاتلي الحريري، المسؤولية ومعاقبتهم، ووضع حد لسلسلة الاغتيالات السياسية، التي دأبت أنظمة الغدر والدمار على استخدامها في تدمير أوطاننا ونشر الفوضى فيها».