لا شيء يُوحي أن المشكلات الإقتصادية والمالية والاجتماعية والهموم الضاغطة على الناس تشكل ضغطاً على الطبقة السياسية، لا في تأليف حكومة تتركز اهتماماتها على معالجة هموم الناس ومواجهة التحديات أمام لبنان ولا حتى في تأليف حكومة محاصصة عادية لكي تستقيم امور السلطة التنفيذية وتباشر العمل. فالأولوية لحسابات المال والسلطة المفتوحة على حسابات اقليمية. واذا كان موعد المرافعات في المحكمة الدولية دفع السيد حسن نصرالله الى التحذير بالقول: " لا تلعبوا بالنار " ما جعل تيار المستقبل يحذر بالقول: " لا تلعبوا بالعدالة" فإن التحذير الذي نسمعه في الداخل ومن الخارج هو: "لا تلعبوا بلبنان. "
إقرأ أيضا : دولة العلوج ... عندما يُحسن جنبلاط توصيف الواقع
إن من أسس السياسة في الدول الحقيقية استباق الأزمات بالاستعداد لها مهما يكن الوضع جيدا. ومن إمارات الدول الفاشلة ترك الأزمات تتراكم في وضع مأزوم للالتفات الى المواقع في السلطة . فبعدما قدم الرئيس المكلف تشكيلته الحكومية الى رئيس الجمهورية بناءً على ما ينص عليه الدستور ، واصبح القرار عند رئيس الجمهورية الذي عليه أن يقبل ويصدر مراسيم التأليف أو يرفض ويطلب من الرئيس المكلف أن يتصرف بما تمليه وثيقة الاتفاق الوطني . وبصرف النظر عن ذلك فإن ثمة إجماع بين الأوساط السياسية المتابعة لسير عملية الاتصالات تتلاقى مع موقف رئيس المجلس النيابي الذي اعتبر انه ليس هناك أي مبرر للاستمرار في عدم تشكيل الحكومة، ما دام جميع المعنيين بموضوع الحكومة متفق على ان ظروف البلد الاقتصادية والاجتماعية المتردية والاستحقاقات تجاه المجتمع الدولي تحتم على كل الاطراف تقديم التسهيلات التي من شأنها أن تسرع في عملية تأليف الحكومة بدلاً من حالة المماحكة والمراوحة بغية الاستفادة بالحصول على مكاسب اكثر وحصة أكبر في الحكومة ، والدليل الشاهد على ذلك مطلب التيار الوطني الحر .
إقرأ أيضا : البلد أمام أزمة دستورية
بعض الاوساط النيابية تشير إلى أن الرئيس بري أراد في تصريحه أن يرد على رئيس الجمهورية ليحثه على التوقيع على مرسوم التشكيلة التي رفعها اليه الرئيس المكلف . وهذه الاوساط نفسها لا ترى أعذار لرئيس الجمهورية لكي يجمّد التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف . خصوصاً ان هذه الصيغة تضمن مشاركة الجميع ، ولا تشكل غلبة لفريق على آخر . كما ان هذه الاوساط النيابية ترى ان سبب التأخير هو بسبب إصرار التيار الوطني الحر وبدعم من رئيس الجمهورية ، لايقبل بأي صيغة إلا إذا كانت تتوافق مع معياره الوحيد وهو حصوله على الثلث المعطل ، الأمر الذي سيبقي أزمة التأليف ما قبل المربع الأول وطويلة الأمد بحيث من الممكن أن تتجاوز العام الحالي ، ولربما أكثر من ذلك .